الشرعية الإنتخابية…والتنمية

الشرعية الإنتخابية…والتنمية
بقلم عمر بنشقرون، مدير مركز المال والأعمال بالدارالبيضاء

مع اقتراب المحطات الإنتخابية يبدأ مسلسل الإنتدابات الحزبية حتى لمن هب ودب من أجل الترشح ويقرر الأمناء العامون لبعض الأحزاب السياسية المغربية عضوية و تزكية حتى المتابعين أمام القضاء في ملفات الفساد المالي. و الخطير في الأمر أن بعض المنتَخبين المحليين صدرت في حقهم أحكام قضائية من محاكم جرائم الأموال و أن هناك عشرات الملفات المفتوحة أمام محاكم جرائم الأموال والمحاكم العادية تخص برلمانيين ومنتخبين يواجهون اتهامات خطيرة تتعلق باختلاس وتبديد أموال عمومية، وكذلك تزوير وثائق إدارية بغرض السطو على املاك و عقارات الغير و وجود ملفات أخرى قيد التحقيق من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية. وهو ما يفرض على النيابة العامة توظيف إمكانياتها وصلاحياتها القانونية للتدخل الناجع وتحريك المساطر القضائية ضد المشتبه فيهم والتصدي لأي سلوك أو عمل يهدف إلى إفساد العملية الانتخابية. وبالرغم من فضائح الفساد التي تلاحقهم، حصل متهمون في هذه الملفات على وعود من الأمناء العامين لبعض الأحزاب السياسية لمنحهم التزكية للترشح للانتخابات المقبلة.
و كانت قد طالبت الجمعية المغربية لحماية المال العام و في عدة مناسبات بمنع تلك الشرذمة من الترشح للانتخابات المزمع تنظيمها خلال شهر شتنبر المقبل. فهذه الانتخابات، لابد أن تكتسي طابع النزاهة والشفافية وأن تضمن تكافؤ الفرص بين الأحزاب السياسية في إطار مبادئ المساواة والإنصاف. و المواطن المغربي يتطلع إلى أن تكون الحكومة المقبلة فاعلة أكثر من سابقاتها كونها ستلتزم في تنزيل وتفعيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد. ومن أجل هذا، فإننا كمجتمع مدني مطالبون بالتصويت وبكثافة للاصلح قصد التصدي لكل مظاهر الفساد المحتملة والعمل على قطع الطريق أمام المتورطين أو المخالفين للقوانين و لم لا تقديمهم للقضاء.
وفي نظري، كان من اللازم أن يتعاطي القضاء والمصالح المكلفة بالبحث والتحقيق في ملفات الفساد المالي ولسنوات دون أن يتم الكشف عن المتورطين فيها إلى الحزم أكثر.
خصوصا وأن الظرفية الحالية تستوجب منا المضي قدما في إنجاح مشروع التنمية الذي يريد به صاحب الجلالة محمد السادس نصره الله وأيده الرفع من جودة العيش الكريم لكل المغاربة ويقطع الطريق على الانتهازيين من أصحاب النفوذ والبولي الاقتصادي المتحكم في السياسة الإقتصادية وكذا على المستفيدين من الريع الإقتصادي.
واضيف قائلا، إن طبيعة المتابعات القضائية والأحكام الصادرة في مجال جرائم المال العام لا ترقى إلى تطلعات المجتمع في مكافحة الفساد والرشوة ونهب المال العام لان أغلبها تشمل بعض المنتَخبين والموظفين والمقاولين دون المسؤولين الكبار؛ وهي متابعات تتم، في غالب الأحيان، في حالة سراح رغم خطورة الجرائم المرتكبة من طرفهم. و الأحكام الصادرة في شأنهم لا ترقى إلى مستوى هذه الخطورة ولا تحقق الردع العام والخاص، وهو ما يشجع على استمرار الفساد وتفاقم الأزمات.
اظن انه كان لزاما على الدولة، تسريع الأبحاث والمحاكمات ضد المفسدين وناهبي المال العام، واتخاذ إجراءات وتدابير حازمة ضد المتورطين في قضايا الفساد والرشوة ونهب المال العام مهما كانت مستوياتهم ومسؤولياتهم، مع إصدار أحكام رادعة تتناسب وخطورة جرائم الفساد والمال العام وتطبيق مقتضيات الفصل 40 من القانون الجنائي، وذلك بحرمان المدانين في هذه القضايا من الحقوق الوطنية. كما دعا المكتب إلى تعديل قانون الأحزاب ومدونة الانتخابات في اتجاه منع كل شخص تحوم حوله شبهات فساد أو تضارب مصالح أو تم تحريك المتابعة القضائية ضده من أجل جرائم الفساد ونهب المال العام من الترشح للانتخابات.
وطالب الأحزاب السياسية بتحمل مسؤوليتها في تخليق الحياة السياسية وعدم تزكية من تحوم حولهم شبهات فساد أو من هم متورطون في جرائم المال العام والفساد المالي.
وطالب المكتب الحكومة والسلطة القضائية باتخاذ إجراءات لضمان نزاهة الانتخابات والتصدي لأي انحراف أو فساد انتخابي محتمل، ودعا كافة المواطنين إلى التبليغ عن ذلك.
كما أعلنت الجمعية المغربية الحماية المال العام أنها ستراقب عن قرب كل أطوار المسلسل الانتخابي، وستقوم بدورها الحقوقي في فضح كافة أساليب الفساد التي قد تشوب هذا المسلسل، وستتقدم بشكايات في الموضوع إلى الجهات المختصة كلما اقتضت الضرورة ذلك.