سياسيون يُلوّحون بورقة “التحكيم الملكي” لحل أزمة تشكيل الحكومة

مع دخول مشاورات تشكيل الحكومة النفق المسدود، بعد تعثر دام قرابة خمسة أشهر، وانتظار عودة الملك محمد السادس من جولته الإفريقية، ظهرت وسط الفاعلين السياسيين أطروحة مثيرة كمخرج لهذه الأزمة السياسية، تهم “التحكيم” الملكي، تبنتها أطراف من داخل حزب “الأصالة والمعاصرة”.

وجاء المطلب الجديد على لسان عادل بركات، عضو فريق “البام” بمجلس المستشارين، الذي دعا إلى “طلب التحكيم الملكي من أجل فك الحصار الذي يفرضه رئيس الحكومة المكلف، عبد الإله بنكيران، على دستور فاتح يوليوز”، وفق تعبيره، متهما الأمين العام لـ”حزب المصباح” بنهج ما وصفه بـ”ديكتاتورية الأغلبية”، وهو التصريح الذي سارع حزب إلياس العماري إلى اعتباره شخصيا لا يعبر عن قناعات “الباميين”.

خالد أدنون، الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة، اعتبر أن موقف “البام” الرسمي يبقى واضحا، وزاد موضحا: “لن نكون بديلاً للحزب المكلف بتشكيل الحكومة، ونرى أننا الآن وصلنا إلى مرحلة الأزمة في تشكيلها”؛ على أن “الوضع لا يطاق مع فشل رئيس الحكومة المعين في تدبير المشاورات الحكومية.. فهو (بنكيران) غير قادر على تشكيل الأغلبية، وما عليه في هذه الحالة إلا أن يعلن الحكومة أو فشله في تشكيلها”، وفق تعبيره.

ويرى أدنون، في تصريحه لهسبريس، أن بلوغ هذه المرحلة (إما تشكيل الحكومة أو إعلان الفشل في ذلك) “سيوضح كثيرا من الأمور”، مضيفا: “حينئذ سنرى كيف ستتعامل السلطة العليا التي تقرر”، ومشددا على أن مسألة التحكيم الملكي غير مطروحة، وزاد: “الأمر سابق لأوانه، ومواقف حزبنا واضحة، يتم التعبير عنها عبر البلاغات الرسمية أو الأمين العام أو الناطق الرسمي، بينما باقي المواقف تبقى شخصية، ولا يمكننا أن نمنع أحدا من الحديث”.

عبد الرحيم العلام، الباحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، التقط هذا الجدل بالقول إن الوَضع السياسي الحالي لا يحتاج إلى تحكيم ملكي، وزاد: “ستأخذ المشاورات طريقها العادي إما بتشكيل الحكومة أو أن يبلغ بنكيران الملك، عبر مستشاريه الملكيين، بأنه لم يوفق في مهامه بتشكيل الحكومة”، مردفا بأن “الملك سيتصرف حينئذ من تلقاء نفسه كرئيس دولة، فإما أن يختار شخصا آخر من داخل حزب العدالة والتنمية لتشكيل الحكومة أو أن يكلف الحزب الثاني في الانتخابات التشريعية أو يدعو إلى انتخابات جديدة”.

ويرى العلام، في تصريح أدلى به لهسبريس، أن هذه الخيارات متاحة للملك من الناحية الدستورية، وأضاف: “ليس هناك أي مانع قانوني أو دستوري للمضي في الخيارات المذكورة مادام الدستور صامتا، وليس هناك عرف دستوري واضح”، معضدا تحليله بالقول إن “الملك فاعل وليس حكماً بين الأحزاب ونزاعاتها”، وزاد موضحا أكثر: “الملك لديه سلطة واضحة، وهو حكم فقط بين المؤسسات حين تختلف بينها، وليس بين الأحزاب وصراعاتها”.

وتابع الباحث المغربي ذاته بأنّ الأحزاب السياسية المتصارعة إن لم تتفق بينها “فالمنطق أن تعود إلى حلبة الصراع، التي هي الانتخابات، وليس اللجوء إلى التحكيم الملكي”؛ فيما اعتبر أن للملك الحق في تأويل الدستور وخلق عرف دستوري أو ما يسمى بالممارسات الدستورية التي لا توجد بالنص الصريح في الوثيقة الدستورية، وزاد: “هناك بياضات في الدستور، مثل أنه لم يحدد مهلة لتشكيل الحكومة أو إلى ماذا سيؤول الوضع إذا لم يتم تشكيل الحكومة”.