لحسن جعلوطي وكيل لائحة الجهة لجبهة القوى الديمقراطية الحي الحسني

نص البرنامج الانتخابي الوطني لجبهة الديمقراطية

لنجعل الاستحقاقات الانتخابية لـ 2015 بوابة لإشعاع اقتصادي واجتماعي وثقافي تحت شعار :  ” ف بلادنا كاين معا من

القوى للوصول إلى جماعة ذات الإشعاع الاقتصادي والاجتماعي والثقافيعلى تضافر أربعة عوامل أساسية:

1- استقلال مالي للجماعة، يرتبط أساسا بقدرة الموارد الذاتية للجماعة على تغطية نفقات تسييرها، أو على الأقل تغطية الجزء الأكبر من ميزانية التسيير؛

2 – منتخب مؤهل قادر على ممارسة الاختصاصات ووضع برامج التنمية والسهر على تنفيذها بكل فعالية و نجاعة وشفافية وفق مبادئ الحكامة الجيدة؛

3– طاقم إداري قانوني وتقني يتمتع بالقدرة على إعداد وتنفيذ المشاريع الإنمائية؛

4– ناخب يحظى بالعناية والاهتمام المستمر، والتفعيل الواعي بأسس الديمقراطية التشاركية من أجل تقريبه من طرق التسيير والتدبير وتفعيل دوره فيها.

 

و اعتبارا لهذه العوامل المرتبطة بجوهر اللامركزية، بما تعنيه في الجانب النظري، من نمط فعال لتنظيم العمل على المستوى المحلي، وفي الجانب العملي من تمكين الأجهزة المحلية في أبعادها الثلاثة الجهوية والإقليمية والجماعية من الحلول محل الدولة لترسيخ وبناء إدارة القرب تكريسا لقواعد الديمقراطية المحلية وتثبيت دعائمها بغية الارتقاء بالخدمات المقدمة للمواطنين إلى أحسن المستويات. ونظرا لخصوصية المرحلة التي أدت إلى بلورة دستور جديد متقدم ومؤسس لمنظومة قانونية جديدة للشأن العام المحلي، واعتبارا للاختلالات التي تشوب التسيير الإداري والتدبير المالي للجماعات المحلية، اختارت جبهة القوى الديمقراطية خوض الاستحقاقات الانتخابية لـ 2015 بناءا على:

– برنامج استثنائي للمساهمة في معالجة العيوب والنواقص التي تعتري تدبير الشأن العام المحلي؛

– برنامج عملي، دقيق و بعيد عن الشعارات ذات الصلة بالخطاب الأ خلاقوي؛

– برنامج واقعي، لا يتبنى الوعود التي لا تخرج غالبا عن تعداد اختصاصات وصلاحيات الجماعات المحلية المنصوص عليها في القانون.

فجبهة القوى الديمقراطية تعتقد بشكل راسخ أن البرامج من المفروض أن تتعرض للوسائل والآليات و الميكانيزمات التي من شأنها ترجمة الاختصاصات والصلاحيات على أرض الواقع والتي تعرض لها المشروع بما يكفي من التفصيل والتدقيق فهذا ما يشكل بكل موضوعية مجال المنافسة النزيهة والقاعدة الصلبة التي تمكن الناخب من تقييمها وبالتالي بناء اختياره على أساسها بكل قناعة. فبرنامج جبهة القوى الديمقراطية ينقسم إلى شق يتناول فيه العوامل الكفيلة للرفع من مستوى التنظيم، وشق ثان يهدف إلى إرساء قواعد التسيير وفق مبادئ الحكامة الجيدة انطلاقا من دراسة دقيقة وعميقة للواقع المحلي. فالجبهة تعتقد بشكل راسح كذلك بأن المشاريع والانجازات التي من المفروض أن تكون إجابة ملموسة لانتظارية المواطنين في شتى المجالات لايمكن أن تتحقق إلا من خلال جماعة محلية مؤهلة تمتلك، القدرات التدبيرية وتتفاعل في إطار الاحترام التام للقوانين والأنظمة، وهذا ما يجعلها قادرة على شق طريقها بإحكام كي تصبح فعلا جماعة محلية ذات إشعاع اقتصادي واجتماعي فضلا عن إسهام ذلك بشكل كبير في دعم تحقيق رهان تطبيق الجهوية المتقدمة المرتقبة على أسس متينة وصلبة.

I– أسس الرفع من مستوى التنظيم:

(1) اللجنة الوطنية للحكامة الجيدة:

عززت جبهة القوى الديمقراطية مؤسساتها التنظيمية بخلق اللجنة الوطنية للحكامة الجيدة، فلا يخفى على أحد أن الحكامة الجيدة مفهوم يحمل في طياته العديد من المبادئ التي تتوخى الوصل، في آخر المطاف، فيما يخص الشأن العام المحلي تحقيق تسيير إداري وتدبير مالي جيدين بأقل تكلفة ممكنة. فاللجنة الوطنية للحكامة الجيدة تتوخى أساسا البحث عن الفعالية والنجاعة المتمثلة في اتخاذ القرار الصائب من قبل الشخص المؤهل في الوقت المناسب في إطار مقاربة توفق بين الاستغلال الأمثل للمؤهلات المحلية والتوظيف الأفضل للأموال العمومية، وبين تلبية حاجيات ومتطلبات المواطن المتزايدة. وستحرص اللجنة الوطنية للحكامة الجيدة على أن تأتي مسألة ممارسة الاختصاصات في إطار القانون ووفق الإجراءات والمساطير المنصوص عليها والحيلولة دون أن تأتي تلك الاختصاصات خارج إطار الشرعية ومبادئ حسن التسيير. كما ستحرص اللجنة كذلك على مواكبة الإدارة المحلية للمستجدات والتطورات والتحولات مع الاستخدام الأمثل للآليات والتقنيات المتطورة لتسهيل العمل الإداري المحلي ودون إغفال التدبير الجيد للوقت لكي يحصل المواطن على الخدمات في الوقت المناسب، الشيء الذي يقتضي ترتيب الزمن الإداري بطريقة عقلانية لما تحضى به مسألة تدبير الوقت من أهمية قصوى. فجبهة القوى الديمقراطية عززت اللجنة الوطنية للحكامة الجيدة بأطر ذات خبرة عالية في مجال، التسيير الإداري والتدبير المالي لتحقيق الأهداف السالفة مع تقديم الدعم اللازم والمساهمة في ابتكار الحلول المناسبة، بالإضافة إلى تقديم الاستشارة طيلة الفترة الانتدابية وإمداد المسؤولين المحليين بجميع المستجدات التي تهم الشأن العام المحلي ووضع رهن إشارتهم، مختلف الدراسات والأبحاث ذات الصلة.

(2)ضبط الفعل المحلي يحتاج الى وظيفة عمومية محلية مسؤولة:

ترى جبهة القوى الديمقراطية أن التسيير الجيد للشأن المحلي يقتضي وجود توازن بين مهام الجهاز التنفيذي المنتخب و الجهاز الاداري، خصوصا من يشغلون مناصب المسؤولية، وذلك من أجل تحديد المسؤوليات و ما يترتب عن ذلك من تبعات، و كذلك لوضع حد للهيمنة المطلقة للجهاز التنفيذي المنتخب على مهام الموظفين الجماعيين، الادارية و التقنية و القانونية. فامتثال الموظف للمسؤول المنتخب لا يمكن أن يكون امتثالا أعمى، و لكنه امتثال وفق ما ينص عليه القانون، فلا يمكن تحديد متى تبدأ ومتى تنتهي مسؤولية الجهاز التنفيذي المنتخب للجماعة و متى تبدأ و متى تنتهي مسؤولية الموظف، بدون وضع حد بين تنفيذ التعليمات والأوامر وبين تنفيذ القانون والاجراءات و المساطير، خصوصا اذا كانت تلك التعليمات و الأوامر، مخالفة للضوابط القانونية. فالاختلالات لا يمكن حصولها بدون المساهمة الفعلية للموظفين، فالنفقة الوهمية لا يمكن حصولها بدون قيام الموظف بتصفية تلك النفقة، و التي بدونها لا يمكن للآمر بالصرف تسيدها، فلو كان الموظف يعي أن تنفيذ الأوامر والتعليمات لا يعفيه أبدا من تحمل المسؤولية، و التي تستوجب العقاب الاداري والقضاء، لأمسك و بإصرار شديد عن المساهمة في تلك الاختلالات، وبذلك ستصبح الوظيفة العمومية المحلية سدا منيعا أمام التجاوزات، و حاجزا يصعب تجاوزه، فهذا في المقابل ليس فيه أي مساس بمفهوم السلطة الرئاسية بقدر ما فيه فقط حث الموظف على العمل داخل اطار القانون.

(3) العمل على إقرار النظم والمعايير:

تعرف النفقات التي تتم على مستوى الجماعة عدة تجاوزات يمكن إرجاع أهمها إلى النتائج السلبية، الناجمة عن غياب النظم والمعايير التي يجب الاعتماد عليها، سواء في وضع الميزانية أو بمناسبة القيام بعمليات الصرف التي تثير في الغالب انتقادا شديدا من طرف المستشارين الجماعيين. فتحديد حاجيات (2000) أو (5000) مواطن مثلا في مجال الحالة المدنية، أدوات المكتب …إلخ، يمكن أن يشكل وحدة قياس ذات حد أعلى لا يمكن تجاوزه، وحد أدنى لا يمكن النزول عنه. فوحدة القياس هذه، يمكن أن تتحسن سنة بعد سنة إلى أن تبلغ أقصى درجات الدقة، فالاعتماد على تحديدها قد يتم على أساس عدد السكان كما هو الشأن في المثال السالف، كما يمكن الاعتماد في تحديدها على أسس أخرى، وذلك حسب موضوع فصل الميزانية أو النفقة، فمثلا بالنسبة للمحروقات ( البنزين _ الكزوال قطع الغيار، الزيوت، يتم التحديد على أساس عدد السيارات والشاحنات والآليات والمسافات التي تقطعها ونوع الأغراض المخصصة لها تلك الآليات للوصول إلى تحديد ما يمكن أن تستهلكه من وقود وقطع غيار في الظروف العادية وكذلك الاستثنائية. وفي هذا المضمار، يجب كذلك إخضاع الصفقات، على اختلاف أصنافها ومواضيعها، إلى النظم والمعايير، بإجراء الدراسات الجيو تقنية مثلا كلما تعلق الأمر بمنجزات ضخمة أو متوسطة، لما في ذلك من فائدة تقربنا على الوجه الأكمل في تقدير التكلفة التي تختلف حسب، التركيبة الجيولوجية للأرض، أو اجراء دراسات للتوصل إلى الحد الأدنى والحد الأقصى لتكلفة المتر المربع حسب، مواصفات بناء معين ، تكون أساسا لإعداد وعقد الصفقات، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات البناء في الجماعات المختلفة، وخصوصا تلك المعرضة للهزات الأرضية.

 فكل المشتريات يجب أن تخضع كذلك للنظم والمعايير، وذلك عن طريق إجراء طلبات عروض يكون الهدف منها الوصول إلى معرفة الأثمنة الحقيقية التي سيتم على أساسها عقد الصفقات وإجراء النفقات عن طريق سندات الطلب مع تحيينها كلما طرأ تغيير على أثمنتها بالزيادة أو النقصان، ودون إغفال إجراء الدراسات المختلفة على بعض المنجزات لتحليل النتائج والوقوف على الأسباب الحقيقية التي أدت سواء إلى ارتفاع أو انخفاض التكلفة لأخذها بعين الاعتبار كلما تعلق الأمر بعقد صفقات أو إجراء نفقات مماثلة.

(4)التكوين المستمر إن جبهة القوى الديمقراطية:

تعتقد بشكل راسخ أن تدعيم الديمقراطية المحلية وتطويرها والارتقاء بها إلى أفضل المستويات لايمر عبر إصلاح المنظومة القانونية فحسب، بل يرتكز بالدرجة القصوى على مدى توجيه الاهتمام البالغ للعنصر البشري الذي يبقى في حقيقة الأمر القلب النابض والمحرك الحقيقي للفعل العملي في شتى جوانبه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، سواء تعلق الأمر بالمنتخبين أو الوظيفة العمومية المحلية. فالتكوين والتأهيل اللائقان هما السبيل الوحيد لتوفير التجربة والكفاءة ورفع المهارات والقدرات الإدارية والتقنية والقانونية، وبالتالي رفع المؤهلات التدبيرية للمنتخب والموظف على حد سواء لمواكبة المستجدات التي يعرفها التطور المتزايد والسريع للحاجيات الملحة للساكنة المحلية.

ونظرا لأهمية الموضوع سيحرص حزب جبهة القوى الديمقراطية على وضع برنامج متكامل للتكوين، المستمر طيلة الفترة الانتدابية للجماعات المحلية، على اعتبار أن تكوين المنتخب عملية ضرورية بل إن تأهيل الديمقراطية المحلية يتوقف عليها وذلك لتنوع المهام وتشعب المواضيع والميادين التي يتناولها الشأن العام المحلي، فالحزب يتوخى بعزيمة راسخة وثابتة أن تصبح الجماعة المحلية قاطرة في مجال التنمية الشاملة المندمجة وشريكا استراتيجيا للدولة والقطاع الخاص.

(5)التنظيم الهيكلي للجماعة المحلية:

من بين العوامل الأساسية في إرساء إدارة محلية قوية وشفافة وحديثة، قادرة على كسب رهان التنمية، بلورة تنظيم هيكلي يحدد بكل دقة الاختصاصات والمسؤوليات، فالإدارة المحلية أداة فعالة من المفروض أن تتحسن عبر الفترات الانتدابية المحلية لكي تبلغ إلى أقصى درجات التكامل والتفاعل مع المنتخبين المحليين بخصوص تسيير الشأن العام المحلي. فالتنظيم الهيكلي للجماعة المحلية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مؤشرين أساسيين هما سكان الجماعة ومواردها، وهذه أمثل طريقة لربط التنظيم الإداري للجماعة المحلية مع الواقع الفعلي لها، وفي هذا الإطار فإن اللجنة الوطنية للحكامة الجيدة ستقدم الدعم اللازم للجماعة المحلية بلورة تنظيم هيكلي واقعي ومتكامل يسترعي خصوصيتها ومؤهلتها على، اعتبار أن المقاربة في هذا الشأن تختلف من كون الجماعة ذات طابع حضري أو قروي أو شاطئي أو جبلي أو صناعي أو سياحي… الخ.

(6) إحداث قسم أو مصلحة التخطيط:

منذ صدور الميثاق الجماعي لسنة 1976 لم يحض مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالعناية والاهتمام اللذين يستحقهما، وهذا ما انعكس سلبا على أعمال الجماعة المحلية التي كانت تطغى عليها الارتجالية لعدم خضوعها إلى استراتيجية واضحة المعالم وذات أهداف محددة، ترتكز بالأساس على تشخيص الإمكانيات وتحديد الحاجيات ذات الأولوية وتقدير الموارد والنفقات، الشيء الذي أثر بشكل كبير على وضع ميزانيات الجماعات المحلية التي لم يكن يتبين من خلالها أنها تعمل في إطار تخطيط أو سياسة اقتصادية واجتماعية معينة على المدى القريب والمتوسط منبثقة من المخطط الجماعي للتنمية. ونعتقد في جبهة القوى الديمقراطية أن الحلقة المفقودة في هذا المضمار تكمن في عدم إحداث قسم أو مصلحة للتخطيط، ضمن التنظيم الهيكلي للجماعة، بالإضافة إلى قسم للتخطيط على مستوى العمالة يتولى مهام التنسيق بين مخططات الجماعات للتنمية، على الأقل بالنسبة للجماعات المتجاورة وهذا ما ستحرص اللجنة الوطنية للحكامة الجيدة للدفع إلى تحقيقه.

(7)ضرورة إحداث الأقسام القانونية:

شكلت الاختلالات القانونية والمسطرية، التي اتسمت بها تدخلات الجماعات المحلية وعلى وجه الخصوص الجماعات الحضرية والقروية ورؤساؤها في ارتفاع وتيرة القضايا المعروضة ضد الجماعات على مختلف المحاكم العادية والتجارية والإدارية والتي أحرز جزء لا بأس به منها على أحكام نهائية لا تثقل كاهل الجماعة فحسب بل أن عددا كبيرا منها غير قادرة بتاتا على تنفيذها. إن التدبير السليم للشأن العام لا يمكن أن يتحقق إلا إذا تقيد المسؤولون المحليون بالإجراءات والمساطر التي تحددها القوانين والأنظمة المتعلقة بسائر العمليات المالية التي تهم المصاريف والمداخيل، العمليات العقارية، شؤون الموظفين وتدابير الشرطة الإدارية… إلخ. وعلى هذا الأساس فإن إحداث قسم قانوني أو مصلحة أو خلية حسب حجم الجماعة المحلية ضمن التنظيم الهيكلي، سيعمل على الحد من تصاعد القضايا المعروضة أمام المحاكم المختلفة ضد الجماعات المحلية.

(8) إحداث الشرطة الجماعية:

إن إحداث الشرطة الجماعية على الأقل في كبريات المدن على أن يتم تعميمها بالتدريج على باقي الجماعات لا يعتبر عملا إيجابيا للتصدي للإعتداءات اليومية التي تتم على الملك العام والخاص للجماعة فحسب، بل يعتبر جهازا فعالا يمكن توجيهه كذلك للتصدي لمعضلة البناء العشوائي، فضلا عن تشكيله أداة في يد رئيس المجلس لتنفيذ قراراته خاصة، في ميدان الشرطة الإدارية.

(9) ضرورة القضاء على ظاهرة الباقي استخلاصه:

لا يمكن الوصول إلى تسيير محكم وتدبير معقلن للموارد المالية للجماعة مع وجود الباقي استخلاصه، الذي يحد من مستوى تدخل الجماعة وتحمل مسؤوليتها في مجال التنمية، كما أنه يؤثر على تقديراتها السنوية التي تبقى مرهونة بتحصيل أو عدم تحصيل الباقي استخلاصه، الشيء الذي يسيء كثيرا إلى مصداقية ميزانية الجماعة. إن العجز الذي يصيب ميزانيات الجماعات بسبب عدم تحصيل المداخيل، يدفع غالبا هذه الأخيرة إلى التخلي عن تحقيق ا العديد من المشاريع المقررة برسم السنة المالية المعنية وخصوصا ما يتعلق ببرمجة الفائض التقديري، وعلى هذا الأساس فإن اللجنة الوطنية للحكامة الجيدة ستعمل على طرح عدة مقترحات ومقاربات في هذا الصدد للقضاء على هذا الوباء المالي أو على الأقل الحد من تفاقمه.

(10) العمل على بلورة مدونة للحكامة الجيدة:

نظرا لتنوع المهام وتشعب المواضيع والميادين التي يتناولها الشأن العام المحلي، يكون من المفيد جدا العمل على البدء في بلورة مدونة للحكامة الجيدة تشتمل على سائر المواضيع وتربط المقتضيات القانونية بالمساطير والاجراءات الواجب اتباعها للحيلولة دون الوقوع في الإنزلاقات والإختلالات، وذلك بإشراك سائر المتدخلين لتحصين الفعل المحلي والعمل على تحسينه وتجويده للإرتقاء بالديمقراطية المحلية وجعلها بالأساس في خدمة المواطن والاستثمار والتنمية بكل شفافية وعقلانية.

II– أسس الارتقاء بالتسيير الإداري والتدبير المالي:

(1)التقيد ببعض الإجراءات من أجل التصدي لضعف تدبير النفقات العمومية

أ – الصفقات العمومية :

تفعيل مسطرة الإشراف المنتدب للمشاريع في تنفيذ المشاريع الكبرى لضمان تتبع جيد لعمليات الإنجاز؛

-الحرص على إنجاز الدراسات الأولية قبل إبرام أية صفقة بغرض المعرفة المسبقة والدقيقة للحاجيات المراد تلبيتها والصعوبات التي قد تظهر أثناء التنفيذ؛

– عدم الشروع في تنفيذ الأشغال في غياب الحيازة الفعلية للأرض لتفادي دعاوى التعويض أمام القضاء بخصوص نزع الملكية والاعتداء على ملك الغير؛

– عدم إنجاز أشغال لفائدة الجماعة المحلية قبل الإلتزام بالنفقة المتعلقة بها لتفادي ترتيب ديون غير قانونية تؤدي إلى إبرام صفقات تسوية من أجل تسديد تلك الديون غير القانونية؛

عدم بداية الأشغال قبل الشروع في مسطرة المنافسة التي ترمي إلى تحقيق الجودة في الخدمات بأقل تكلفة؛

– الحرص على عدم وجود اختلاف بين الكشوفات التفصيلية وجداول المنجزات، لأن وجود هذا الاختلاف يعني عدم احترام بنود الصفقة؛

– العمل على تعيين لجن مكونة من أعضاء متعددي الإختصاصات حسب نوع الصفقة يعهد إليها بالتسلم المؤقت للأشغال؛

عدم اغفال تطبيق الإجراءات القسرية ضد المقاولات التي تخل بالتزاماتها.

ب – سندات الطلب:

– الحرص على احترام قواعد الإلتزام بالنفقات لتفادي اعتياد غالبية الجماعات بتسلم ما تحتاج إليه من مواد ومقتنيات عن طريق ” سندات لأجل ” وذاك خرقا للمساطر والإجراءات القانونية وخرقا لقواعد المنافسة، وفي هذا الصدد يجب أن يتم الإلتزام القانوني على شكل إصدار سندات الطلب مؤشر عليها من طرف مراقب الإلتزام بالنفقات؛

تفادي احتكار جميع النفقات التي تتم بواسطة سندات الطلب من طرف ممون واحد أو اثنين؛

– الحيولة دون حصول الآمرين بالصرف على أموال نقدية بطريقة غير قانونية عن طريق سندات الطلب مع العلم أنه في بعض الأحيان، تمكنهم هذه الطريقة غير القانونية من تسديد نفقات غير متوقعة في الميزانية كشراء ” البارود” أو أداء أجر الفرق الفولكلورية الشعبية..الخ”؛

ج – تجنب تحمل ميزانية الجماعة لنفقات بشكل غير قانوني مثل :

– نفقات الكراء لفائدة مصالح إدارية غير تابعة للجماعة؛ – نفقات كراء محلات سكنية لفائدة بعض موظفي الدولة؛ – تحمل تكاليف الربط واستهلاك الماء والكهرباء والهاتف لفائدة بعض المسؤولين المحليين؛ – استهلاك الوقود لسيارات في ملكية مسؤولين محليين.

د – العمل على تتبع المنح المخصصة للجمعيات:

 دعوة المسؤولين المحليين إلا اتخاذ بعض التدابير التي من شأنها العمل على تحسين تدبير منح المساعدات للجمعيات مثل : – تأطير علاقة التشارك بين الجماعات المحلية والجمعيات من خلال عقد اتفاقية تتولى تحديد الأهداف وطرق منح المساعدات؛ – تضمين هذه الإتفاقيات الآليات الكفيلة بتتبع استعمال الأموال موضوع هذه المساعدات، للتأكد من كونها قد استعملت بشكل يطابق الأهداف المسطرة لها سلفا في الإتفاقية.

 و – التتبع الجيد لحظيرة السيارات:

 إن التتبع الجيد لحضيرة السيارات يقتضي بالضرورة قيام الجماعة المحلية بمسك جذاذات أو دفاتر لتتبع استهلاك الوقود والبنزين وقطع الغيار على مستوى كل سيارة أو شاحنة، كما يجب القطع بتاتا مع تواجد سيارات وشاحنات في حالة توقف نهائي بسبب حوادث السير أو أعطاب، دون حدفها من حضيرة السيارات حيث أن عدم التوجه إلى حدفها يكون غالبا بسبب تبرير الاستهلاك غير المعقلن للمحروقات وقطع الغيار، فضلا عن المصاريف التي تتحملها الميزانية لتغطية نفقات تأمين تلك السيارات والآليات المتوقفة.

(2) التصدي لبعض مظاهر سوء تدبير المداخيل

أ – بالنسبة لضعف أو عدم استخلاص بعض المداخيل:

ضرورة استخلاص بعض الضرائب والواجبات والرسوم مثل تلك المفروضة على المقالع أو منتوج الموازين والكيل؛ – ضرورة إصدار الأوامر بتحصيل منتوج استغلال الأملاك الجماعية المعدة للسكن؛ – الحرص على عدم التأخر أو الإمساك عن إصدار أوامر بالمداخيل لاستخلاص غرامات التأخير المستحقة للجماعة، خصوصا في مواجهة مكترى الأسواق والمسابح والمخيمات وأماكن وقوف السيارات المحددة في دفاتر التحملات؛ – ضرورة رفع التقصير الحاصل في الجماعات التي تدير مرفق الماء الصالح للشرب والمتمثل في: – عدم استخلاص متأخرات الاستهلاك المترتبة على بعض المؤسسات العمومية؛ – عدم إصدار أوامر المداخيل قصد استخلاص واجبات الاستهلاك على بعض الزبناء؛ – التزويد المجاني بالماء الصالح للشرب لبعض مساكن الموظفين الجماعيين.

ب – ضرورة رفع التقصير في تطبيق بعض المقتضيات القانونية المتعلقة بالمداخيل:

رفع التقصير الحاصل من طرف وكالة المداخيل في تطبيق مسطرة الفرض الإلزامي للضريبة المستحقة مثل تلك المفروضة على بيع المشروبات والملاهي والإغلاق المتأخر…إلخ، ورفع التقصير كذلك في تطبيق العقوبات المقررة في حالة عدم إيداع التصاريح السنوية المنصوص عليها في القانون أو إيداعها خارج الآجال المقررة قانونا، وكذا توقيع الغرامات المقررة في حالة عدم أداء الضريبة. – تفادي تقادم مبالغ الرسوم الجماعية في حالة عدم توجيه وكالة المداخيل الإشعارات إلى الملزمين قبل انصرام الآجال، – وجوب توقف الكثير من الجماعات عن إحداث لجان خاصة ومؤقتة يعهد إليها بتنظيم الحفلات والمهرجنات تكون، مصحوبة بفتح حساب بنكي بإسمها يتلقى الدعم المالي من طرف المحتضنين، الشيء الذي يعتبر خرقا لمبدأ وحدة الصندوق المعمول به في أنظمة المحاسبة العمومية، فضلا عن تداخل مهام هذه اللجنة الخاصة واللجنة الدائمة المكلفة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فهذا الدعم لا يمكن إدراجه إلا في إطار الميزانية أو اللجوء إلى فتح حساب خصوصي لتدبير أحد المهرجانات عند الاقتضاء.

(3)الاهتمام بالممتلكات الجماعية:

أ – التصدي لضعف تدبير الممتلكات الجماعية عن طريق:

القيام بإحصاء شامل لكل الأملاك العامة والخاصة للجماعة، بتنسيق مع مختلف المصالح المختصة بما فيها المحافظة العقارية ومكتب التسجيل والتمبر؛ – عدم الإمساك في تسجيل الأملاك الخاصة للجماعة لدى المحافظة العقارية حماية للملك الجماعي؛ – تطبيق مسطرة مراجعة القيمة الكرائية للعقارات طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية؛ – الحرص على مراجعة السومة الكرائية للعقارات، خصوصا في حالة ورود هذه المراجعة ضمن البنود التعاقدية؛ – الإمساك عن الاستغلال المجاني لبعض الممتلكات؛ – الحرص على احترام مبدأ المنافسة عند اللجوء إلى عمليات كراء المحلات سواء المعدة للسكن أو الأنشطة التجارية؛

ب – التصدي لسوء تدبير الملك العمومي:

 – السهر على تنفيذ العقوبات المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل فيما يتعلق بشغل الملك العمومي بدون ترخيص؛ – الإمساك عن استغلال أملاك عامة بواسطة عقود كراء عوض تراخيص الاحتلال المؤقت؛

ج – عدم الإخلال بواجب حماية الممتلكات الجماعية:

 إن الممتلكات الجماعية لا تحضى بالحماية اللازمة، فهي تتعرض يوميا للإعتداءات، فضلا عن عمليات البناء العشوائي والترامي وإقامة الحواجز بدون ترخيص، ففي هذا الصدد نسجل هزالة حجم القضايا المعروضة على القضاء ضد المعتدين على الممتلكات الجماعية بالمقارنة مع القضايا المرفوعة ضد الجماعات أمام المحاكم المختلفة، الشيء الذي يستوجب القيام بالمتعين لتصحيح هذه الوضعية.

د– التصدي لضعف تدبير المملتكات المنقولة:

الحرص على مسك دفتر الجرد؛ – الحرص على تثبيت الأرقام المسجلة بدفتر الجرد على الممتلكات المنقولة كالتجيهزات وأدوات المكتب… إلخ؛ – الحرص على إحداث جهاز تابع لمصلحة الممتلكات لضمان مراقبة الممتلكات المنقولة للجماعة وتتبع استخدامها وحمايتها من أي تلف أو ضياع؛ – الحرص على إنجاز محاضر تثبت ضياع عدد من الممتلكات المنقولة وسبب هذا الضياع والمسؤول عنه، لتفادي حصول تباين بين ماهو مسجل في سجل الجرد وماهو موجود على أرض الواقع؛ – الحرص على أن تتوفر الجماعة على مستودع أو مخزن لتدبير المواد أو تخزين السلع وخضوعه لبعض الضوابط مثل المحاسبة المادية؛

 (4)التصدي لضعف تدبير الموارد البشرية

الإمساك عن وضع الموظفين والأعوان العموميين رهن إشارة المصالح الخارجية للوزارات دون سند قانوني؛ – الحرص على أن تتوفر الجماعة على طاقم تقني مؤهل لإعداد وتنفيذ المشاريع الإنمائية، تسيير الأوراش، تدبير الممتلكات، التوثيق…إلخ.  – الحرص على إعداد مخططات خاصة بالتكوين والتكوين المستمر؛ – الإمساك عن اللجوء إلى التوظيفات في غياب المناصب المالية؛

III- الديمقراطية التشاركية وإحداث لجنة الاتصال والتشاور:

مشاريع كثيرة تقوم الجماعة بإنجازها، لاتلقى الرضا والترحيب من طرف المواطنين بل تجعلهم في بعض الأحيان ينفرون من الأجهزة التي تمثلهم، كما أن عدم التوجه إلى ربط علاقة دائمة مع المواطن تدفع هذا الأخير إلى الشعور بأن دوره ينتهي بمجرد الإدلاء بصوته.

ولهذه الأسباب تعتقد جبهة القوى الديمقراطية أنه من الضروري العمل على إحداث آلية للتواصل والتشاور بين الجماعة والمواطنين، طيلة الفترة الانتدابية تكمن بكل بساطة في إحداث لجنة ضمن لجان المجلس تحمل إسم “لجنة الاتصال والتشاور”.

إن إحداث هذه اللجنة ستكون له عدة مزايا تكمن من جهة في تمكين الجماعة من وسيلة ناجعة للكشف عن حقيقة ما يتطلع إليه المواطن، ومن جهة أخرى سيجعل المنتخب أكثر قربا من الساكنة طيلة الفترة الانتدابية، فكلما تفاعل المنتخبون بجدية واحترام وشفافية مع تطلعات المواطنين من خلال هذه اللجنة، كلما دعم هذا العمل ثقة المواطنين في مؤسساتهم التمثيلية.

ولا يخفى على أحد أن مكونات المجتمع المدني، بشتى أنشطتها المتنوعة، يمكن أن تكون حلقة الوصل بين المواطن والجماعة من خلال تلك اللجنة، فضلا على أن المجتمع المدني بات أكثر تنظيما في الآونة الأخيرة ويتوفر على طاقات وأطر عليا بإمكانها أن تشكل كذلك قوة اقتراحية إضافية للمسؤولين المحليين. فالنضج السياسي لا يأتي من فراغ، بل تساهم في بلورته عدة عوامل، منها بناء مثل هذه العلاقة بين المواطن والجماعة المحلية التي تتطلب من كلا الطرفين الرغبة والاستعداد للحوار البناء والشفاف لإرساء قيم الديمقراطية المحلية التشاركية على أسس روح المواطنة وتقدير الواجب.