مقهى “أركانة” يُفتتح متحدّيا الإرهاب … وتجّار يحضرون لاحتجاج

وسط أجواء عادية، بعيدة عن أي مظاهر احتفاء، عاد الاشتغال إلى داخل مقهى “أركانة” الشهيرة، المطلة على ساحة جامع الفنا بمراكش، وذلك بعد أربع سنوات و8 أشهر من الانفجار الإرهابي العنيف الذي هز جنباتها، مُخلفا مقتل 17 شخصا وإصابة 21 آخرين، أغلبهم سياح الأجانب.

هسبريس زارت “أركانة”، التي اكتست حلة جديدة، واعتلاها سور حجب رؤية صومعة المسجد الصغير الذي يحج إليه رواد الساحة، ويتميز بهندسته المعمارية الحديثة. إلا أن الدخول إلى المقهى، عكس ما كان منتظرا، لم يكن “مثيرا” مقارنة مع فترة ما قبل 28 أبريل 2011، حيث كان يصطف وقتها أربعة من رجال الأمن الخاص، على الأقل، أما اليوم فقد بات الإجراء مقتصرا على حارس واحد.

عن السبب وراء هذا التخفيف من الإجراءات الأمنية، على مستوى مرفق اهتز قبل أربع سنوات بتفجير عن بعد، بوضع منفذه لحقيبة متفجرات في الطابق الأول للمرفق، أكد أحد المسؤولين أنه تم تزويد المبنى بحوالي 48 كاميرا مراقبة جد متطورة، منتشرة في زوايا متعددة، مضيفا أن تخفيف المراقبة الأمنية على مستوى البوابة الرئيسية يأتي “لعدم وجود رغبة في لفت انتباه الزوار، والعمل على محو صورة التفجيرات من أذهانهم”.

كان باديا، للوهلة الأولى، محافظة مسؤولي “أركانة” على نفس طابعها الهندسي والمعماري الداخلي، حيث لم تتغير مواقع الكراسي والموائد، أما الزوار فقد ملئوا كل طوابق المقهى، خاصة السياح الأجانب الذين اختار عدد منهم الجلوس على سطح المقهى، حيث تتوفر إطلالة على منظر بانورامي لساحة جامع الفنا.

رفض فيه مدير “أركانة”، ومعه المشرفون على إدراتها، الإدلاء بتصريحات صحفية تهم تفاصيل الحلة الجديدة للمقهى، التي فاجأت المراكشيين دون سابق إشهار أو دعاية، بينما علمت هسبريس أن كل طاقم المقهى، من النادلين وعمال النظافة والحراس، ومسؤولي الطوابق والمشرفين على خدمات الطهي والطبخ، هم وافدون جدد، حيث لم يتم استقدام أي مستخدم ممّن كانوا يعملون بالمرفق الخدماتي قبل الحادث الإرهابي.

غياب الإجابة همّ سؤالا لهسبريس وجه إلى مدبري المقهى بخصوص عدم تنظيم حفل افتتاح لـ”أركانة”، والسبب وراء غياب أي مسؤول محلي عن موعد انطلاق العمل داخل المقهى، خاصة وأن الملك محمد السادس كان قد زاره بعد ساعات من تفجيره في 28 أبريل 2011، كما كانت “أركانة” قِبلة لزيارات مسؤولين حكوميين وشخصيات وطنية وعالمية، من مختلف المجالات.

خبر إعادة فتح مقهى “أركانة” لأبوابها من جديد أمام الزوار، كما كان مفرحا لهؤلاء، يبدو أنه كان مزعجا لعدد من المهنيين من التجار المشتغلين في محيط ساحة جامع الفنا، الذين عبروا عن تذمرهم لتواجد بناية من طابقين وسط تكتل من البنايات متاح فقط لمحلات تجارية “قيساريات” لا ترتفع دون الطابق الأول.

ويقول مصطفى الماكودي، رئيس رابطة الإخلاص لجمعيات الفضاءات التجارية والمهنية بمنطقة جامع الفنا، إن ظهور “أركانة” بحلة جديدة “هو “تفجير ثان أشد من الأول، لأنه يهدد بتموقعه أرباب المتاجر”، مضيفا: “يجب أن نتسائل عن المستفيد الحقيقي والخاسر الفعلي من وراء تفجير أركانة قبل أربع سنوات”، بينما علمت هسبريس، من مصادر محلية، أن عددا من تجار “جامع الفنا” يعدون لاحتجاج ضد مدير المقهى، بداعي “تضييق البناية الجديدة على المحلات المحيطة به”.

تعود مقهى “أركانة” لاستقبال روادها السابقين وزوارها الجدد في صمت، بعد أن اهتزت بفعل قنبلة فجرت عن بعد، وأسقطت قتلى وجرحى في عز الحراك الشعبي الذي كانت قد أطلقته “حركة 20 فبراير”، أما منفذ العملية، عادل العثماني، فقد حكم عليه بالإعدام، وهو قابع حاليا بزنزانة داخل سجن “مول البركي” في آسفي، حاملا ترميز الاعتقال “172”.

منقول