نزلاء المؤسسات السجنية في عرض مسرحي متميز تحت عنوان امبارك ومسعود بالمضيق

محمد العربي اطريبش

نظمت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج مساء الجمعة 25 يناير 2019 بمسرح للا عائشة بمدينة المضيق، عرضا مسرحيا بعنوان “مبارك ومسعود”،  قدمه مجموعة من نزلاء المؤسسات السجنية، الذي يعتبر ثمرة تجربة مميزة وفريدة جعلت من المسرح وسيلة للاندماج في المجتمع.

المسرحية أعدت تحت إشراف المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، حيث تطرقت إلى مواضيع من الواقع المغربي تخلله عرض مشهد من العرس المغربي الأصيل و عروض مسرحية متنوعة ألهبت الحضور داخل فضاء المسرح، تلتها بعد ذلك التطرق إلى أحداث اجتماعية عرضت في قالب نقدي هزلي ساخر يعالج بعض الظواهر الاجتماعية أبانت عن مهنية و احترافية ممثليها.

كما هو معلوم فقد كشف رشيد علي العدواني مخرج المسرحية على أن هذا العمل شارك فيه 28 نزيلا، سابقا و حاليا بعدد من المؤسسات السجينة بمختلف جهات المملكة، مبينا أن أعمار الممثلين تتراوح بين 17 سنة (نزيل حدث) وأزيد من الستين سنة. و أن تكوين هذه الفرقة المسرحية جاء ثمرة لمسابقة (كوميك) التي نظمتها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج العام الماضي وشهدت مشاركة أزيد من 400 نزيل ونزيلة من مختلف مناطق المغرب، موضحا أن اختيار أعضاء الفرقة جاء وفق معايير الموهبة والسلوك والانظباط في مختلف المراحل الإقصائية للمسابقة و أن النزلاء إن سنحت لهم الفرصةلممارسة مثل هذه النشاطات الفنية الإبداعية ستتغير شخصياتهم جذريا و يجددون الثقة في مؤهلاتهم. حيث أردف حديثه، “السجن بوابة الفن والسلام والإبداع وليس مركز للمجرمين فحسب، و أن كلمة سجين لن يكون لها وقع بعد هذه المبادرات التي تكفلت بهاالمندوبية العامة لإدارة السجون مع دمج برامج تكوينية تمكنهم من الانسجام الكلي بعد قضاء مدة حبسهم.

وذكر في ذات السياق أن أعضاء الفرقة استفادوا من مجموعة من الورشات التكوينية على مدى ستة أسابيع، أطرها فنانون مغاربة متطوعون، تناولت عددا من تقنيات المسرح كالكتابة والحكي والتعبير الجسدي والارتجال، إلى جانب القيام بمقابلة مع طلبة المعهد العالي للفن المسرحي لصقل مواهب النزلاء. وأن الهدف الرئيسي من هذا الورش هو إدماج النزيل و حجب تلك الصورة النمطية التقليدية عنه و أنه فنان بالمعنى الكلمة و قادر أن يعطي الشيء الكثير ويخرج ما في جعبته من تميز و إبداع.

من جهة اخرى أوضح رئيس مصلحة العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء المكلف بالأنشطة بمديرية العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء وإعادة الإدماج بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الادماج بنعيسى بناصر، إلى أن هذا العرض المسرحي يندرج ضمن جولة جهوية تنظمها المندوبية بعد النجاح الكبير الذي عرفه العرض الأول بمسرح محمد الخامس بالرباط احتفالا باليوم الوطني للنزيل.

كما نوه بأن المسرحية تندرج ضمن المجهودات الجبارة التي تقوم بها المندوبية العامة لإدماج السجناء، وإطلاع الجمهور على إبداعات النزلاء في مختلف المجالات.

من جانبه، أشار مصطفى الغدوسي، المدير الجهوي للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج لجهة طنجة تطوان الحسيمة، أن مسرحية “مبارك ومسعود”  ستجوب عددا من المؤسسات السجينة بالجهة السالفة ذكرها، قبل الانتقال إلى جهات أخرى من المملكة. كون هذه الفكرة كانت وليدة برامج مكثفة من طرف المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج التي تسعى من خلالها إلى خلق جيل منسجم من النزلاء في الحياة العامة واندماجهم في المجتمع وأن المؤسسة السجنية قادرة بفضل برامجها و سيرا على التعليمات السامية لملك البلاد محمد السادس نصره الله على إنجاب مبدعين ذو فكر نقي و أصحاب طاقات هائلة تمكنهم من إبراز ذواتهم داخل المجتمع و أنهم مستعدين لتجسيد النموذج المثالي للسجين. كما لا يخفى أن المندوب العام بسط المسطرة و أعطى الترخيص لتنفيذ هذه البرامج الهادفة الأمر الذي مكن من المديرية الجهوية لإدارة السجون بشمال المملكة  خلال 5 سنوات تقريبا من الانفتاح على الجمعيات الجادة والهادفة حيث أنه خلال سنة 2018 قامت ب 4867 نشاطا ثقافيا فنيا ورياضيا ودينيا بمختلف المؤسسات السجنية التابعة لجهة الشمال، تماشيا مع سياسة القرب التي تنهجها المديرية الجهوية.

جذير بالذكر أن تأليف المسرحية جاء بناء على اجتهادات لمجموعة من النزلاء عن طريق عرض أفكار و آراء تم صياغتها  وإعادة تنقيحها باحترافية عالية مع الاحتفاظ بها، و دمجها في نص واحد من طرف فريق من المهنيين أشرفوا على هذا العمل.

للإشارة أن هذا العرض المسرحي خرج إلى الوجود وسطعت شمسه بفضل مساهمة عدد من المهنيين والمحترفين، حيث أشرف على الإدارة الفنية ذ جواد الكرويتي، في الديكور محمد الخو، و ورشة الكتابة من إعداد ذ هشام الغفولي، وأحمد بنميمون اشرف على الإضاءة والملابس، في الكوريغرافيا وسيمة المومني، الإيقاع برئاسة عبد العالي خربوش، وفي المؤثرات الصوتية ربيع الدعيسة.