محسن راجي :
في أعقاب المجزرة المروعة التي اهتز المغرب على وقعها، السبت الماضي، والتي راح ضحيتها 10 أفراد من أسرة واحدة في دوار "القدامرة" بإقليم الجديدة، وانتهت فصولها الدموية باعتقال الجاني، تضاربت الآراء، وتناسلت الإشاعات، وكثر القيل والقال والتأويلات حول سبب ارتكابها، بهذه الطريقة وهذه البشاعة التي يعجز العقل عن فهمها وتفسيرها، سيما أن من ضمن الضحايا أب وأم الجاني، ناهيك عن جل أقاربه، بما فيهم أقرب المقربين إليه، زوجته وشريكة حياته، التي أنجب معها 4 بنات، كان احتجزهن بدورهن.. لكنه تراجع عن قتلهن.
وحسب بعض المصادر، فقد يكون الخلاف بين أفراد الأسرة سببا في إقدام الجاني على قتلهم جميعا، سيما أنه كان يعاني من اضطرابات نفسية، كانت تدخله بين الفينة والأخرى، في حالة هستيرية. في حين رجح بعضهم أن يكون إدمانه على استهلاك مادة الكيف، سببا في هيجانه إلى حد نقطة اللارجوع.. إلا أن بعضهم اعتبروا أن مخدر الكيف ذي تأثير مهدئ (sédatif)، وليس ذي مفعول مهيج كأقراص الهلوسة، أو ما يعرف ب"القرقوبي"". وبذلك، فإن فرضية استهلاك الكيف تبقى غير واردة، ومستبعدة تماما. فيما استحضر آخرون الظروف الاجتماعية القاسية للجاني (45 سنة)، رب أسرة تتكون من زوجة و4 بنات، والذي كان يعاني من الفقر المدقع.
وقد ذهب البعض إلى كون شك القاتل في زوجته، هو ما جعله يفقد صوابه، ويرتكب هذه المجزرة. حيث كان ينهيها، حسب الرايات، عن التعامل مع ابن خاله الذي يوجد ضمن القتلى. وكان الأخير، وهو رب أسرة وأب لطفلين، ويشتغل حارسا في ورش إحدى الطرق، (كان) يأتي بملابس عمال الورش المتسخة، ويطلب من الزوجة القتيلة، غسلها.
واستغربت المصادر التي أجمعت على كون الجاني، رب الأسرة، كان يتمتع قيد حياته بسلوك قويم، أن يقدم على ارتكاب هذه المجزرة النكراء، سيما في حق أفرد عائلته، ولم يقم بذلك خارج هذه الدائرة الأسرية المحدودة زالضيقة. إذ كان بالإمكان أن يجهز على سيدة من الدوار، سألها، لحظة حماقته القاتلة، عن زوجها، وأخبرته أنه غير موجود في المنزل. كما التقى بشباب من الدوار، ولم يعمد إلى قتلهم.
هذا، فإن الضحايا العشرة الذين ووريت جثامينهم، أمس الأحد، بعد صلاة العصر، الثرى في مقبرة دوار "القدامرة"، بعد أن أقام عليهم عامل إقليم الجديدة والوفد الرسمي المرافق له، صلاة الجنازة، (فإنهم) يكونون حملوا معهم أسرار المذبحة الشنيعة. مجزرة وحده القاتل يعلم حقيقتها وأسباب ودوافع ارتكابها، والتي سيكشف عنها البحث القضائي الذي تجريه، بمقتضى حالة التلبس، الضابطة القضائية لدى المركز القضائي بسرية الجديدة، التابعة للقيادة الجهوية للدرك الملكي للجديدة، تحت إشراف الوكيل العام للملك.