مصطفى عديسة
كلما حل موسم جني الزيتون إلا وتعرضت المياه الجوفية ومياه الأودية والسدود والعيون وغيرها وكل منابع المياه في كل أرجاء الإقليم إلى التلوث والدمار، وهذا الموسم كالعادة حدث تلوث حاد في المياه والطبيعة من مختلف معاصر الزيتون ، سببها (مادة المرجان) التي يتم تصريفها دون معالجة في الوسط الطبيعي للأراضي الفلاحية والمياه والأشجار وغيرها، وهو أمر ينذر بكارثة بيئية خطيرة ستدمر لا محال الأخضر واليابس في حالة ما لم تتخذ الإجراءات الاحترازية القبلية ، باعتبار أن الماء الصالح للشرب مادة حيوية ضرورية للحياة يحث الواجب على الجميع حمايتها من اجل استمرارية الحياة الطبيعية، حتى لا تتعريض مصالح الناس للخطر، وحتى لا ينقرض الجنس والنوع ، ولهذا فمن الواجب أن تتخذ كل الإجراءات الوقائية الضرورية من طرف السلطة الوصية والمنتخبة للحيلولة دون حدوث مضاعفات . ولهذا فان الفرع الاقليمي للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان باقليم صفرو والفرع الاقليمي لمركز حقوق الناس باقليم صفرو يدقان أجراس التنبيه والخطر حول هذه الظاهرة الخطيرة، ويحملان المسؤولة للسلطات المحلية والإقليمية وعلى رأسها عمالة الإقليم ، طالبن منهم اتخاذ كل إجراءات والحيطة والحذر باستعجاليه سريعة وبمستوى عال من الصرامة يصل إلى حد إغلاق بعض الوحدات الإنتاجية الغير المؤهلة لاحترام القوانين المعمول بها والملزمة بدفتر التحملات المتفق عليه ، خاصة وان المعطيات المحصل عليها ضمن التقارير والدراسات التي أنجزتها الفروع الاقليمية للعصبة المغربية وحقوق الناس هذه السنة تؤكد أن مستوى الخطر فاق النسبة المعمول بها أفقيا إلى أقصى التصورات الموقعة ، حيث يجب التذكير بما ينتج سنويا والبالغ عدده كمية جد كبيرة من اطوان الزيتون، وهو رقم فضيع إذا لم تحترم فيه المواصفات المتفق عليها سيسبب في كارثة بيئية جد مدمرة ، لكونه راجع بالدرجة الأولى إلى الزيادة المهولة في بناء المعاصر العصرية والشبه العصرية التي أصبحت نسبتها كبيرة وخطيرة ، بالإضافة للمعاصر التقليدية الموزعة سابقا على تراب الجماعات الإقليمية . وعلى ما يبدو ومن خلال الدراسات التي قامت بها هذه الفروع الحقوقية في الزمان والمكان فان مخلفات معاصر الزيتون المعروفة بمادة المرجان يتم تصريفها من طرف بعض الوحدات، خاصة العصرية منها والشبه العضرية ، في الحقول والأحواض والأودية وفي قنوات الصرف الصحي دون معالجتها، مما يسبب بفعل هذا التصرف ألا مسؤول أملاح البوطاس المتسربة منها، في إتلاف التربة وتدهور جودتها وغطائها النباتي وتلويث الفرشة المائية ومجاري المياه والسدود وإضعاف الصبيب المائي وخنق قنوات الري . حيث يطلب في هذا السياق، من الجهات المعنية إلى إغلاق المعاصر التي تسببت في هذه الكوارث ، وتحويلها إلى مطارح للنفايات السائلة، وزجر أصحابها لعدم احترامهم لبنود دفتر التحملات الذي ينص على وقاية البيئة من التلوث والدمار. وفي هذا الصدد ستتخذ الفروع الاقليمية الحقوقية كل الأشكال النضالية المشروعة لردع المخالفين وحث السلطات المحلية والإقليمية لاتخاذ الإجراءات الضرورية والمناسبة لحماية السكان والأراضي والماشية من الدمار الناتج عن هذه المادة التي تحدثها مطاحن الزيتون المحيطة بهم من كل جهة ، زيادة لما تعانيه حقينة السدود وحوض سبو من مشاكل بيئية إذا لم تقدم السلطات الاقليمية برنامجها الشافي لهذه الظاهرة فان هذا الحوض
سيتحول إلى بركة سوداء داكنة بسبب هذه المادة المنقولة عبر أودية عديدة تصب فيه . ذلك أن هذه الوضعية التي باتت تهدد حياة الإنسان والحيوان والنباتات في كل المناطق المجاورة تستدعي من أرباب معاصر الزيتون الالتزام بدفاتر التحملات الذي وضع لاحترام البيئة كشرط أساسي للحصول على الرخصة ، لكون أن رؤساء الجماعات القروية ورؤساء الدوائر الترابية والقياد لم يراقبوا بما فيه الكفاية ولم يقدموا أدنى خدمة للحد من الظاهرة ولا يقومون بالدور المنوط بهم لحماية الساكنة ، كما لم ترسل لهم أي لجن إقليمية من اجل المراقبة ، لان الفرشة المائية تتعرض خلال هذه الفترة من كل سنة للتلوث سببها مادة المرجان التي تقذفها دون معالجة مجموعة من المعاصر العصرية بالإقليم ، ومن اجله تطالب الفروع الحقوقية الاقليمة بهذه المناسبة إلى العمل على تنظيم حملات تحسيسية قبل بداية موسم الجني لفائدة أرباب المعاصر ومنتجي الزيتون، مبررين على أن الحد من هذه الظاهرة يطالب من أرباب المعاصر، خاصة العصرية، بناء صهاريج كبيرة تستجيب لمعايير تقنية حديثة لتجميع المخلفات وتجفيفها لإعادة استعمالها أو بيعها كوقود تستعمل في الأفرنة والحمامات بدل صرفها في الأودية والمدارات المحيطة بها . ومن جانبها، أكدت وكالة الحوض المائي سبو، في عدة بلاغات إنذاريه لها، أن إقليم صفرو يعتبر من بين مناطق الحوض المائي التي تعرف إشكالية التلوث جراء مخلفات المعاصر التي تسحق يوميا كمية هائلة من الزيتون . وسجلت أن “مادة المرجان” التي يتم قذفها بالوسط الطبيعي من طرف بعض المعاصر تتسبب في تلويث مجاري المياه بالمنطقة، خاصة واد اكاي والودية الأخرى والساقيات التابعة لها وصولاإلى نهر سبو، كما يتسبب ذلك في تغيير لون الماء ونقص الأكسجين بها وانبعاث رائحة كريهة منها نتيجة لتجمع مواد عضوية وبعض العناصر السامة . وذكرت بعض الجهات التي تزكي طرح فرع العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الانسان وفرع مركز حقوق الناس أنها مستعدة لتسهر بطريقة مستمرة على حماية البيئة المائية بالمنطقة، وتقدم آراءها حول المشاريع التي يمكن أن تؤثر على موارد المياه إذا التزم أرباب المعاصر بالمقاييس المعمول بها وطنيا ودوليا . لكن وعلى ما يبدو أن اهتمامهم لا يرتكن إلا للاغتناء دون مراعاة للمخلفات المدمرة الناتجة عن مرجان الزيتون . ولهذا وفي هذا السياق يجب عقد اجتماعات تحسيسية مع الجهات المعنية حول ضرورة حماية البيئة وإمكانيات المساعدات التي تقدمها لفائدة أرباب المعاصر ومنتجي الزيتون بالإقليم من أجل التأهيل في المجال البيئي، والاستفادة من فرص التمويل الممنوحة من طرف صندوق مكافحة التلوث الصناعي لتحسين معرفتهم بالأمر ، ويلتزم أرباب المعاصر كل ما حل موسم جني الزيتون بتطبيق بنود القانون المنظم ،لكن يبقى هذا مجرد حبر على ورق بدون فائدة تذكر . وللحد من الآثار السلبية لمادة المرجان على المجال البيئي يجب أن تتخذ السلطات الإقليمية مجموعة من الإجراءات من بينها توجيه إنذارات لأرباب المعاصر المسؤولة عن صرف هذه المادة بمجاري المياه، وإصدار قرارات تتعلق بإغلاق بعض الوحدات الإنتاجية المخلة بشروط الالتزام بالمعايير البيئية المعمول بها. كما يجب أن تتم مواكبة هذه الإجراءات بعمليات تحسيسية تتم كذلك من خلالها دعوة أرباب المعاصر بالإقليم إلى ضرورة التقيد بالأنظمة والقوانين المنظمة للمجال البيئي والقيام بالتدابير اللازمة لمعالجة لهذه المادة المفرزة من وحداتهم الإنتاجية . كما يجب أن تلجأ السلطات إلى إحداث لجنة إقليمية وأمنية بحضور بعض جمعيات المجتمع المدني المهتمة بالميدان تعهد إليها بمراقبة مدى انضباط أرباب الوحدات الإنتاجية وتطبيقهم للتوصيات التي خلصت إليها كل الاجتماعات المنعقدة في هذا الشأن مع أرباب المعاصر . وللإشارة فإن “مادة المرجان” عبارة عن خليط من المواد الغازية الملوثة تتشكل في مجموعها من مخلفات صلبة تجمع بين لب الزيتون والنواة وخليط من المياه الطبيعية الموجودة أصلا في ثمار الزيتون وتلك المستعملة عند غسلها وتنظيفها قبل إخضاعها لعملية السحق والتصفية، ومنها ينتج هذا الكم الهائل من المواد المدمرة للبيئة في ربوع إقليمنا، كما تجدر الإشارة أن العديد من أرباب المعاصر يستغلون النفوذ بعدم احترامهم للرخص المسلمة لهم في حدود ما هو مضمون بها،حيث يتم خلق عدة وحدات إنتاجية إضافية غير قانونية في معصرة واحدة، ومعاصر الزهواني بطريق فاس وغيرها من معاصر الزيتون مثلا ودليلا، وبما ان المجلس الاقليمي بصفرو انخرط في محاربة التلوث بالاقليم وعقد لقاء في الموضوع فما عليه الا ان يبرهن على انخراطه هذا بفضح كل من سولت له نفسه تلويث مدار الاقليم والعمل على توقيف المعامل التي لا تتقيد بدفتر التحملات .منقول عن نجيب عبد العزيز