جريدة النهضة الدولية/مراسلة حسن بوقورارة
باشرت حكومة عبد الإله ابن كيران منذ تعيينها العديد من الإصلاحات الهيكلية التي كانت تعتبر في عهد الحكومات السابقة من "الطابوهات"، ومن بينها إصلاح صندوق المقاصة، الذي يعد من الأوراش الضخمة التي نجحت الحكومة في ربح رهانها بعدما كانت عبارة عن كرة ملتهبة لا يقدر أحد على لمسها، وعجزت عن الاقتراب منها كل الحكومات السابقة خوفا على شعبيتها.
وإيمانا منها بأهمية إعادة التوازن لصندوق المقاصة، خصصت الحكومة وفق مشروع ميزانية 2016، مبلغ 15 مليار درهم ونصف لتغطية مخصصات هذا الصندوق، أي بتخفيض وصل لحوالي 8 ملايير درهم من نفقات المقاصة مقارنة بسنة 2015، حيث كان القانون المالي لهذا العام قد خصص 23 مليار درهم لنفقات الدعم. ولكن هذا التراجع لم يأت بين عشية وضحاها بل جاء نتيجة اعتماد تفكير استراتيجي حكومي اعتمد المنهجية التدريجية، وساعدته الوضعية الدولية لأسعار النفط الخام ومشتقاته.
والمتتبع لسيرورة تطور صندوق المقاصة، سيلاحظ أن هذا الأخير عرف تطورات مهمة، فنظام المقاصة المتبع في سنة 2012 كان يعرض المغرب لتقلبات الأسعار العالمية للنفط، مما أدى إلى تفاقم العجز المالي والاقتطاعات من ميزانية الاستثمار واللجوء إلى المديونية، حيث بلغت نفقات المقاصة ما يناهز 56,2 مليار درهم برسم سنة 2012، لذلك لجأت الدولة إلى تخفيض نفقات صندوق المقاصة إلى 42,4 مليار درهم برسم سنة 2013، عبر اعتماد منهج تدريجي وجزئي في الإصلاح من خلال التحكم في دعم بعض المواد النفطية في حدود الاعتبارات المرصودة، ومواصلة دعم القدرة الشرائية للمواطنين عبر تحمل كامل للدعم الموجه للبوتان، واتخاذ إجراءات في قطاع النقل، ودعم أسعار الكهرباء عبر مساهمة مالية للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب.
وفي سنة 2014 استطاعت الحكومة أن تُقلص من نفقات صندوق المقاصة الى 32,3 مليار درهم، منها 28 مليار درهم لفائدة المواد النفطية و 5،5 مليار للمواد الغذائية، حيث تم رفع الدعم كليا عن البنزين والفيول رقم 2 منذ فاتح فبراير، وتخفيض تدريجي كل ثلاثة أشهر للدعم الموجه للغازوال بما يناهز 45 سنتيم للتر، ورفع الدعم كليا عن الفيول الموجه لإنتاج الكهرباء.
وفيما يخص سنة 2015 بلغت نفقات صندوق المقاصة حوالي 23 مليار درهم، حيث ارتكز قانون المالية على مبدأ مواصلة دعم القدرة الشرائية للمواطنين مع المحافظة على التوازنات المالية، وذلك عبر تفعيل نظام مقايسة أسعار المحروقات ودعم سعر غاز البوتان والمواد الغذائية، ورفع الدعم عن الغازوال، وإغلاق حساب تعديل أسعار المواد النفطية السائلة، فضلا عن تقليص حصيص الدقيق الوطني المدعم بـ 500 ألف قنطار خلال الأسدس الثاني لسنة 2015 حيث بلغ إجماليا 8 مليون قنطار.
وكنتيجة لما سبق مكن نظام المقايسة من توفير هوامش هامة كان من شأنها تصفية المتأخرات المتراكمة خلال السنوات الماضية، والتي بلغت 22 مليار درهم إلى متم سنة 2012، ولهذا الغرض فقد خصص قانون المالية للسنوات 2013 و 2014 و2015 اعتمادات مالية بلغت 10 مليارات و 6،65 مليار و7،5 مليار درهم على التوالي لتصفية هذه المتأخرات بصفة تدريجية، حيث تمت تصفيتها نهائيا خلال شهر فبراير 2015 مع إغلاق حساب تعديل أسعار المواد النفطية السائلة.