سقوط حلب يشير لانهيار النفوذ الأميركي والأوروبي

علقت افتتاحية فايننشال تايمز على سقوط حلبالوشيك بأنه يمثل نقطة تحول في الحرب الأهلية السورية الممتدة، تلك اللحظة التي أصبح لـ بشار الأسد وراعيتيه روسيا وإيران اليد العليا فيها، وهي أيضا اللحظة التي ينبغي أن ينظر فيها إلى الطموحات الأوروبية والأميركية في هذا البلد على حقيقتها بأنها “دراسة حالة للتفكير المشوش”.

وقالت الصحيفة إن واشنطن -ومعها العواصم الأوروبية- تجني اليوم ما زرعته في المراحل الأولى منالصراع السوري عندما لم تستدع قوة الإرادة ولا المال الكافي للتدخل بشكل فعال. ومع أن الولايات المتحدة وبريطانيا جعلتا رحيل الأسد أمرا أساسيا في المفاوضات لكنهما فشلتا في مساندة القوات التي تصدت له.

وأضافت أن تعهد ألمانيا وفرنسا أمس الأول بالعمل على مواجهة هذه الكارثة الإنسانية “المفجعة” التي تتكشف على أعتاب أوروبا إنما يؤكد عجزهما، كما أنه لا واشنطن ولا أي عاصمة أوروبية لعبت دورا في التفاوض على وقف إطلاق النار الذي وعد فيه بإجلاء عشرات الآلاف من المدنيين أمس، ولم يكن بإمكان أي مسؤول غربي فعل أي شيء يذكر سوى إبداء الأسى فقط عندما استأنفت قوات النظام السوريالقصف قبل بدء عملية الإجلاء.

وانتقدت الصحيفة ما يزعمه الأسد والروس بأنه نصر باهظ بني على جرائم حرب، لأنهم عندما لم يتمكنوا من زحزحة الثوار عن أرضهم أمطرتهم المقاتلات الروسية والسورية بالقنابل مبيدة ليس فقط مقاتلي المعارضة المسلحين ولكن المدنيين أيضا.

مشهد كئيب
وفي السياق، لخصت افتتاحية تايمز الوضع في سوريا بأنه لن تكون هناك نهاية لطيفة للحرب هناك، وأكدت ضرورة عدم السماح لإيران بأن تبرز كالمنتصر من معركة حلب الدموية.

ووصفت الصحيفة مشهد أهل المدينة وهم يرتعدون أمس خوفا من انتشار المليشيات الشيعية الإيرانية في أحيائهم وقتلهم للمدنيين، ورأت أن الأولوية الأولى للمجتمع الدولي الآن يجب أن تكون توصيل المدنيين إلى بر الأمان وإدخال المواد الطبية والغذائية وإقناع الأطراف المحاربة روسيا وإيران والنظام السوري بوقف نهج تسوية المدينة بالأرض.

“الأسد سيستغل زخم هذا النصر في حلب ليهاجم محافظة إدلب التي فر إليها العديد من مقاتلي المعارضة وتترسوا فيها، ومن المؤكد أن روسيا ستساعده في هذه الجبهة الجديدة “

وأضافت أن نظام الأسد وأعوانه ارتكبوا جرائم حرب بالفعل في اندفاعهم لتوجيه ضربة ساحقة للمعارضة السورية المعتدلة، وأن ارتكاب المزيد منها جعل حلب تتحول إلى مسلخ لن يكون خرقا أخلاقيا فقط بل يصبح خطأ سياسيا فادحا، مما يخلق جيلا جديدا من الجهاديين.

ورأت الصحيفة أن الأسد سيستغل زخم هذا النصر في حلب ليهاجم محافظة إدلب التي فر إليها العديد من مقاتلي المعارضة وتترسوا فيها، ومن المؤكد أن روسيا ستساعده في هذه الجبهة الجديدة لأنها تظن أنهم سيتقاربون أكثر مع جهاديي تنظيم القاعدة، وبالتالي لا يرى الكرملين سببا للتراجع، وبذلك تستمر الحرب ويستمر معها الإذلال المتعمد وذبح مواطني الأسد.

ومع ذلك -أردفت الصحيفة- فإن هناك سببا للتفاؤل في هذا المشهد الكئيب وهو أن هذا المحور العسكري الذي أمن تدمير حلب سيتفكك لأنه ليس هناك تطابق كامل بين طموحات موسكو وطهران، ومن ثم ستظهر شروخ ينبغي على الإدارة الأميركية الجديدة أن تستغلها، ويجب تجنب الشعور بأن إيران هي المنتصر والمستفيد من ضعف الأسد وقوة النيران الروسية.

وختمت بأنه يجب على الغرب في الوقت الحاضر أن يركز على تقليص عالم الأسد، وفي هذا الصدد تخطط بريطانيا لإرسال طائرات مسيرة في حلب لتسجيل الجرائم التي ارتكبتها قوات الأسد وحلفاؤها، ويجب أن يعلم الأسد أنه سيحاسب في النهاية على جرائمه في الحرب، فقد ينام الآن قرير العين في ملاذه بـ دمشق لكن هناك زنزانة بانتظاره في لاهاي.

aljazeera