أ.ب
لطالما تساءل جزء من المغاربة عن عدم إجراء الملك محمد السادس لحوارات صحافية مع جرائد وقنوات وطنية، واكتفائه بالخطابات الرسمية التي يلقيها في المناسبات والأعياد الوطنية. ويتعمق هذا التساؤل إن لم يكن فضولا في ظل انفتاح الجالس على العرش على الصحافة الأجنبية في مرات قليلة، كان آخرها إجراؤه لحوار مع صحف ملغاشية على هامش زيارته الأخيرة لمدغشقر.
وظلت علاقة ملك البلاد مع الإعلام الوطني محصورة في نطاق إذاعات وقنوات القطب العمومي التي تعد الوسيط الوحيد بين الملك وشعبه، بالرغم من عدم تسجيل إجرائه لأي حوار أو مقابلة تلفزيونية سيرا على نهج والده الملك الراحل الحسن الثاني، الذي ظل بدوره يفضل الإعلام الأجنبي على الوطني في حواراته الصحافية.
وفي تعليقه على الموضوع، اعتبر عبد الله البقالي، رئيس النقابة الوطنية للصحافة، أن عدم إجراء الملك لحوارات مع منابر إعلامية وطنية راجع إلى عدم كفاءة هذه الأخيرة وأيضا في ظل التنوع الكبير الذي يعرفه المشهد، حيث يوجد أكثر من 700 موقع إخباري وأكثر من 600 صحيفة ورقية؛ موضحا ذلك بالقول: "هناك صحافيون مؤهلون؛ ولكن تغيب الصحف القادرة على ذلك لما تعيشه من مشاكل بنيوية".
وأكد البقالي، في تصريح لهسبريس، أن تفضيل الملك التعاطي مع الإعلام الأجنبي عوض المنابر الصحافية الوطنية ليس بالأمر المستجد؛ بل يعود إلى سنة 1956، أي منذ الاستقلال. كما أن هذا التعاطي يظل، حسب المتحدث ذاته، تعاطيا إيجابيا يترجمه الخطاب الشهير بمناسبة اليوم الوطني للصحافة وتخصيصه لجائزة خاصة للصحافيين.
وفي توضيحه لهذه الإيجابية التي تطبع علاقة الإعلام الوطني بالبلاط الملكي، أبرز نقيب الصحافيين المغاربة أن الجالس على العرش لم يتجه يوما نحو مقاضاة صحيفة معينة؛ بالرغم من الأخطاء العديدة التي ارتكبت، مؤكدا أن هذه المتابعات تتخذ طابعا أخلاقيا وليس قانونيا.
من جهته، اعتبر أحمد البوز، الباحث في العلوم السياسي، أنه لا يوجد تفسير واضح ومعروف لاختيار النزوع نحو الصحافة الأجنبية، مكتفيا بتقديم قراءاته في الموضوع والتي أشارت في إحداها إلى رغبة الملكية في عدم تخصيص منبر إعلامي معين بحوار أو مقابلة وإقصاء الآخرين، في ظل حرصها على الحفاظ على صورتها كمؤسسة للجميع.
وأشار البوز، في تصريح لهسبريس، إلى أن تفضيل الملكين الحسن الثاني ومحمد السادس للصحافة الأجنبية في حواراته "نابع ربما من رغبة في تقديم رسائل وإشارات إلى الخارج وتحسين صورة المملكة في الواجهة الدولية، في حين أن التواصل مع الداخل لا يحتاج إلى وسيط يتمثل في منابر إعلامية أو عبر إجراء حوارات صحافية، في ظل وجود القنوات المباشرة مثل الخطابات الملكية"، وفق قوله.
ولفت المتحدث ذاته، في قراءته للموضوع، إلى إمكانية وقوف معطى تحكم المعارضة في أغلب المنابر الصحافية في الماضي وراء امتناع الملك عن التعاطي معها، ليصير هذا التحفظ مع مرور الوقت تقليدا ترسخ في فترة حكم الملك محمد السادس، مشددا على أن الأسباب الحقيقية تبقى مجهولة.