هل ان حكومة أخنوش امتداد لحكومة العثماني وبنكيران

 

Contents
أمين بوشعيبيضطر الكاتب الصحفي في بعض الأحيان إلى الاحتجاج، فيلجأ إلى الإضراب: إما عن الطعام، أو الكلام، أو التوقف عن الكتابة، وذلك للتعبير عن غضبه واستيائه من بعض الأمور التي قد تثير حفيظته. لكن هذا الاحتجاج لا يكون موجها بالضرورة إلى الآخرين، فقد  يكون موجها إلى الذات، يلومها ويؤنبها عن ضياع السنوات في الكتابة دون جدوى، يتساءل مع نفسه: ماذا تغير؟ ولمن أكتب؟عندما كنت أنتقد الأوضاع في وطني الأم، لم أكن أفعل ذلك طلبا لمنصب أو جاه أو مال، ولكن كنتُ أحاول الإسهام في الدفع   بالأمور إلى الأمام، كي يصبح ” وطني المغرب ” بلدا ديمقراطيا ينعم فيه أبناؤه بالمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية.ولقد كنتُ في مقالاتي من أشد المنتقدين لحكومة عبد الإله بنكيران ولحكومة سعد الدين العثماني، لأن الحكومتين خيبتا أمل المغاربة، ولم تكونا في مستوى اللحظة التاريخية التي خرج المغاربة لتحقيقها ذات 20 فبراير من سنة 2021.    فحكومة عبد الإله بنكيران، منذ بدايتها لم يكن همّها سوى التقرب من القصر ومساعدته على تجاوز الإعصار، والالتفاف على مطالب الشعب المغربي، وقبٍلت أن تلعب دور “الإطفائي” لإخماد “حركة 20 فبراير” التي انتشر لهيبها في شوارع المدن والقرى بالمغرب، وبذلك تمّ إجهاض مشروع التغيير الذي دشنه الشباب المغربي حينما خرجوا يطالبون بالكرامة وبالتوزيع العادل للثروة.وأما حكومة العثماني فقد كانت أضعف من سابقتها، ولم تتمكن من حلّ المشاكل التي تعاني منها البلاد، واستطاعت قبل نهاية ولايتها أن تحظى بسخط المغاربة وغضبهم العارم، حينما أقدم رئيسها على الانحناء للتوقيع على وثيقة الاتفاقية المشؤومة التي قبل فيها المغرب تطبيع علاقته مع الكيان الصهيوني المُغتصِب لأرض فلسطين، ولقد كان العثماني حين فعل فعلته الشنيعة التي لن يغفرها له المغاربة أبدا، وهو في تمام الرضى عن النفس بما أقدم عليه.عندما كنتُ أوجّه سهام النقد لهاتين الحكومتين، فقد كنتُ أعتقد أن القادم سيكون أفضل، لكن تبيّن أن القادم الذي انتظرناه لم يكن سوى سراب في سراب. فانتخابات 2021 أفرزت حكومة ترأسها رجل الأعمال عزيز أخنوش، وهي الحكومة التي أعتقد شخصيا، أنها ليست إلا امتدادا للحكومتين السابقتين لها، وقد تكون أسوأ منهما، على اعتبار أن حزب التجمع الوطني للأحرار، كان مشاركا في تَيْنِكَ الحكومتين، وهي حكومة هجينة لا تحظى بالدعم والقبول الشعبي، ولأنها وهذا هو الأهم، أثارت ولا زالت تثير كثيرا من الجدل وأحاطها غموض كبير، ولا تزال تلاحقها عدة أسئلة بدون جواب إلى يومنا هذا. فلا زال المغاربة يتساءلون:كيف لحزب صنيع الإدارة، وكان سببا في الأزمات التي عرفها المغرب قديما وحديثا، أن يتصدّر الانتخابات التي مكنته من تشكيل الحكومة؟وكيف يعقل أن يتمكن عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار والذي قاطع الشعب المغربي شركاته، احتجاجا على ارتفاع أسعار النفط والغاز، من قيادة حزبه كي يتبوّأ المرتبة الأولى في تلك الانتخابات؟ثمّ كيف يُعقل لحزب العدالة والتنمية الذي تصدّر المشهد السياسي لولايتين متتاليتين، أن يسقط سقوطا مدويا، حيث حصل فقط على 13 مقعدا وهو الذي كان قد حصل على 125مقعدا في الولاية السابقة؟وهل فعلا صوّت المغاربة على عزيز أخنوش الذي شتمهم، ووصفهم بأنهم «قليلو التربية” ووعدهم (من الوعيد) بأنه سيعمل على “إعادة تربيتهم”؟والحقيقة أنني لا أريد أن أصدر حكما على أداء حكومة أخنوش فهي لا تزال في بدايتها، ولكن يبدو أن البرنامج الانتخابي الذي تقدم بها حزب التجمع الوطني للأحرار أثناء الحملات الانتخابية، لم يكن سوى أماني عسلية، ووعود عرقوبية. لقد وعد عزيز أخنوش الشعب المغربي أثناء حملاته الانتخابية، بتحسين أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية ومحاربة التهرب الضريبي ومكافحة الرشوة والفساد، والحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي، وتحقيق الإصلاح المبتغى. لكن، تلك الوعود لا تزال تراوح مكانها، لكن بالمقابل لا نرى شيئا قد تغيّر على أرض الواقع، فالحكومة الجديدة تصرّ على مواصلة سياسة الزيادة في الأسعار ومواجهة التظاهرات السلمية بالقمع والهراوات، وافتعال أزمة تعميم فرض “جواز اللقاح ” من أجل مصادرة الحريات العامة. أليست هذه الحكومة امتدادا لسابقاها؟فلاش: الشعب المغربي قال كلمته وخرج إلى الشارع بعدة مدن مغربية، محتجّا ورافضا للقرار الحكومي بفرض التطعيم ضد فيروس “كورونا” والحصول على جواز التلقيح، كشرط للتنقل في البلاد، ودخول المؤسسات العامة وغيرها. والملاحظ أنه رغم الإجراءات الأمنية المكثفة والقمع، إلا أن المحتجين صمدوا أمام تلك الممارسات ورفعوا هتافات تعبر عن إدانتهم لكل السياسات التي تهدف إلى تركيعهم.لذلك أرى أنّ على أخنوش وكل من يهمه أمن هذا الوطن، أن يعلم أن الشعب المغربي قد شبّ عن الطوق، وأنه حطّم جدار الخوف، وأنه لن يعود هذه المرة إلا بعد أن ينتزع كافة حقوقه، وما خروج الأمهات هذه المرة بكثافة للتظاهر السلمي في شوارع كافة المدن المغربية، إلا دليل على ذلك. وفي كلمة، الشعب المغربي ليس ” قليل التربية”، الشعب المغربي حرّ أبيّ يعشق الحرية ويحبّ وطنه حتى النخاع، وأما الذي يحتاج إلى ” إعادة التربية” فهم أولئك الذين نهبوا خيرات البلاد وراكموا الثروات من الأموال المخصصة لصندوق  المقاصة دون وجه حق.كاتب مغرب يقيم في إيطاليا

أمين بوشعيب

يضطر الكاتب الصحفي في بعض الأحيان إلى الاحتجاج، فيلجأ إلى الإضراب: إما عن الطعام، أو الكلام، أو التوقف عن الكتابة، وذلك للتعبير عن غضبه واستيائه من بعض الأمور التي قد تثير حفيظته. لكن هذا الاحتجاج لا يكون موجها بالضرورة إلى الآخرين، فقد  يكون موجها إلى الذات، يلومها ويؤنبها عن ضياع السنوات في الكتابة دون جدوى، يتساءل مع نفسه: ماذا تغير؟ ولمن أكتب؟

عندما كنت أنتقد الأوضاع في وطني الأم، لم أكن أفعل ذلك طلبا لمنصب أو جاه أو مال، ولكن كنتُ أحاول الإسهام في الدفع   بالأمور إلى الأمام، كي يصبح ” وطني المغرب ” بلدا ديمقراطيا ينعم فيه أبناؤه بالمساواة والكرامة والعدالة الاجتماعية.

ولقد كنتُ في مقالاتي من أشد المنتقدين لحكومة عبد الإله بنكيران ولحكومة سعد الدين العثماني، لأن الحكومتين خيبتا أمل المغاربة، ولم تكونا في مستوى اللحظة التاريخية التي خرج المغاربة لتحقيقها ذات 20 فبراير من سنة 2021.

    فحكومة عبد الإله بنكيران، منذ بدايتها لم يكن همّها سوى التقرب من القصر ومساعدته على تجاوز الإعصار، والالتفاف على مطالب الشعب المغربي، وقبٍلت أن تلعب دور “الإطفائي” لإخماد “حركة 20 فبراير” التي انتشر لهيبها في شوارع المدن والقرى بالمغرب، وبذلك تمّ إجهاض مشروع التغيير الذي دشنه الشباب المغربي حينما خرجوا يطالبون بالكرامة وبالتوزيع العادل للثروة.

وأما حكومة العثماني فقد كانت أضعف من سابقتها، ولم تتمكن من حلّ المشاكل التي تعاني منها البلاد، واستطاعت قبل نهاية ولايتها أن تحظى بسخط المغاربة وغضبهم العارم، حينما أقدم رئيسها على الانحناء للتوقيع على وثيقة الاتفاقية المشؤومة التي قبل فيها المغرب تطبيع علاقته مع الكيان الصهيوني المُغتصِب لأرض فلسطين، ولقد كان العثماني حين فعل فعلته الشنيعة التي لن يغفرها له المغاربة أبدا، وهو في تمام الرضى عن النفس بما أقدم عليه.

عندما كنتُ أوجّه سهام النقد لهاتين الحكومتين، فقد كنتُ أعتقد أن القادم سيكون أفضل، لكن تبيّن أن القادم الذي انتظرناه لم يكن سوى سراب في سراب. فانتخابات 2021 أفرزت حكومة ترأسها رجل الأعمال عزيز أخنوش، وهي الحكومة التي أعتقد شخصيا، أنها ليست إلا امتدادا للحكومتين السابقتين لها، وقد تكون أسوأ منهما، على اعتبار أن حزب التجمع الوطني للأحرار، كان مشاركا في تَيْنِكَ الحكومتين، وهي حكومة هجينة لا تحظى بالدعم والقبول الشعبي، ولأنها وهذا هو الأهم، أثارت ولا زالت تثير كثيرا من الجدل وأحاطها غموض كبير، ولا تزال تلاحقها عدة أسئلة بدون جواب إلى يومنا هذا. فلا زال المغاربة يتساءلون:

  • كيف لحزب صنيع الإدارة، وكان سببا في الأزمات التي عرفها المغرب قديما وحديثا، أن يتصدّر الانتخابات التي مكنته من تشكيل الحكومة؟

  • وكيف يعقل أن يتمكن عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار والذي قاطع الشعب المغربي شركاته، احتجاجا على ارتفاع أسعار النفط والغاز، من قيادة حزبه كي يتبوّأ المرتبة الأولى في تلك الانتخابات؟

  • ثمّ كيف يُعقل لحزب العدالة والتنمية الذي تصدّر المشهد السياسي لولايتين متتاليتين، أن يسقط سقوطا مدويا، حيث حصل فقط على 13 مقعدا وهو الذي كان قد حصل على 125مقعدا في الولاية السابقة؟

  • وهل فعلا صوّت المغاربة على عزيز أخنوش الذي شتمهم، ووصفهم بأنهم «قليلو التربية” ووعدهم (من الوعيد) بأنه سيعمل على “إعادة تربيتهم”؟

والحقيقة أنني لا أريد أن أصدر حكما على أداء حكومة أخنوش فهي لا تزال في بدايتها، ولكن يبدو أن البرنامج الانتخابي الذي تقدم بها حزب التجمع الوطني للأحرار أثناء الحملات الانتخابية، لم يكن سوى أماني عسلية، ووعود عرقوبية. لقد وعد عزيز أخنوش الشعب المغربي أثناء حملاته الانتخابية، بتحسين أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية ومحاربة التهرب الضريبي ومكافحة الرشوة والفساد، والحفاظ على الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي، وتحقيق الإصلاح المبتغى. لكن، تلك الوعود لا تزال تراوح مكانها، لكن بالمقابل لا نرى شيئا قد تغيّر على أرض الواقع، فالحكومة الجديدة تصرّ على مواصلة سياسة الزيادة في الأسعار ومواجهة التظاهرات السلمية بالقمع والهراوات، وافتعال أزمة تعميم فرض “جواز اللقاح ” من أجل مصادرة الحريات العامة. أليست هذه الحكومة امتدادا لسابقاها؟

فلاش: الشعب المغربي قال كلمته وخرج إلى الشارع بعدة مدن مغربية، محتجّا ورافضا للقرار الحكومي بفرض التطعيم ضد فيروس “كورونا” والحصول على جواز التلقيح، كشرط للتنقل في البلاد، ودخول المؤسسات العامة وغيرها. والملاحظ أنه رغم الإجراءات الأمنية المكثفة والقمع، إلا أن المحتجين صمدوا أمام تلك الممارسات ورفعوا هتافات تعبر عن إدانتهم لكل السياسات التي تهدف إلى تركيعهم.

لذلك أرى أنّ على أخنوش وكل من يهمه أمن هذا الوطن، أن يعلم أن الشعب المغربي قد شبّ عن الطوق، وأنه حطّم جدار الخوف، وأنه لن يعود هذه المرة إلا بعد أن ينتزع كافة حقوقه، وما خروج الأمهات هذه المرة بكثافة للتظاهر السلمي في شوارع كافة المدن المغربية، إلا دليل على ذلك. وفي كلمة، الشعب المغربي ليس ” قليل التربية”، الشعب المغربي حرّ أبيّ يعشق الحرية ويحبّ وطنه حتى النخاع، وأما الذي يحتاج إلى ” إعادة التربية” فهم أولئك الذين نهبوا خيرات البلاد وراكموا الثروات من الأموال المخصصة لصندوق  المقاصة دون وجه حق.

كاتب مغرب يقيم في إيطاليا