أزمة الماء تلوح في الأفق

أزمة الماء تلوح في الأفق:

اعداد وتقديم: زهار نورالدين

يسود تخوف حقيقي في أوساط صناع القرار والخبراء في المغرب من حدوث أزمة عطش في العديد من المدن المغربية، وهو ما قد يتسبب في أزمات اجتماعية.

تاريخياً، كانت الحكومة تحاول مواجهة أزمة المياه في المناطق النائية والفقيرة بحفر الآبار وتوزيع المياه على السكان بواسطة شاحنات صهريجية، لكن هذه الحلول ليست مجدية في المدن، حيث الكثافة السكانية والاستعمال المكثف للماء، وهو ما يستدعي البحث عن حلول أخرى، بعضها قد يتطلب استثمارات ضخمة.

على مدى أعوام لم تتعامل الحكومات في المغرب مع موضوع ندرة الماء كأولوية ملحة، وأحد الحقوق الدستورية، التي يجب أن يتمتع بها المواطنون على قدم المساواة في جميع المناطق في المغرب.

وحاليا الحكومة تسارع الزمن إلى اتخاذ إجراءات عاجلة، لأن عدم تدخل الحكومة في الوقت المناسب ستكون له تداعيات على السلم الاجتماعي، وكلما تأخرت الحلول ازدادت الأزمة تعقيداً علما
أن المواطنين قد يتحملون غلاء الأسعار والمعيشة، لكنهم لن يتحملوا عدم وجود المياه في صنابير منازلهم، والحكومات المغربية المتعاقبة أخطأت حينما تعاملت مع الجفاف كمعطى ظرفي، بينما يجب التعامل معه كمعطى بنيوي، وتكييف السياسات العمومية مع هذا المعطى الثابت.

ويبدو أن الملك محمد السادس أدرك مبكراً عمق الأزمة وما قد يترتب عليها من تداعيات اجتماعية، إذ دعا في خطاب له أمام البرلمان في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، إلى عدم جعل مشكلة الماء موضوع مزايدات سياسية، أو مطية لتأجيج التوترات الاجتماعية، مؤكداً أن “سياسة الماء ليست مجرد سياسة قطاعية، وإنما هي شأن مشترك يهم جميع القطاعات”.

ولا تخفي الحكومة وجود أزمة مياه في البلد، بل إن رئيس الحكومة عزيز أخنوش عبر عن تخوفه أمام البرلمان المغربي من إمكانية انقطاع الماء عن مدينة مراكش، قلب السياحة النابض في المغرب، كما لم يتردد نزار بركة، وزير التجهيز والماء بوصف الوضعية بالصعبة، بسبب توالي سنوات الجفاف في المغرب، واستنزاف الغطاء المائي بفعل الاستهلاك غير المقنن.

ومن بين الأسباب التي أدت إلى ندرة الماء انتشار الضيعات الكبرى للمنتجات الفلاحية الموجهة للتصدير، دون الأخذ بعين الاعتبار حجم وكلفة المياه الجوفية غير المتجددة التي يستنزفها، ودون الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الندرة في بعض المناطق التي تمت فيها زراعاتٌ تتطلب موارد مائية تفوق بكثير قدراتنا المائية.
وهذا هو أحد أهم اختلالات مخطط المغرب الأخضر، لذا يتعين التحلي بالتواضع والاعتراف به ، في أفق تجاوزه من خلال إقرار سياسة فلاحية جديدة، تعتمد على التكيف مع المعطيات المناخية والمائية الجديدة، فمخطط المغرب الأخضر بُنِيَّ على فرضية وفرة الماء، كما لو أنه موردٌ مجاني ومتوفر على الدوام.

إن تجاوز هذه الوضعية يقتضي الابتكار في مجال اقتصاد الماء وإعادة استخدام المياه العادمة،وتحلية ماء البحر ،ثم ترشيد استعمال المياه الجوفية، والحفاظ على المخزون المائي والتصدي لظاهرة الضخ غير القانوني والآبار العشوائية، مع ما يتطلبه ذلك من تحسين للاستراتيجيات القطاعية على ضوء الضغط على الموارد المائية، فضلاً عن ضرورة الأخذ بعين الاعتبار التكلفة الحقيقية للموارد المائية.