إذا كانت الطائرات البريطانية غير قادرة على إلقاء الطعام فوق مضايا، فلا نفع من كل سلاح الجو لدينا

قال صحافي بريطاني إنه إذا كان سلاح الجو البريطاني غير قادر على إسقاط سلال من الغذاء فوق بلدة مضايا السورية المجوعة، فعلينا نحن البريطانيين أن لا نبالي بوجود سلاح جو لدينا من الأساس.
وفي مقالة نشرها على إحدى صفحات “ديلي تلغراف”، حيث يعمل رئيسا لقسم المراسلين الأجانب في الجريدة، قال “دافيد بلير” إن بلدة مضايا المجموعة تقع على بعد 6 أميال من الحدود اللبنانية، وهي مسافة تقطعها طائرة الشحن العسكرية “هيركوليز” في 40 ثانية.
المقالة التي اطلعت عليها “زمان الوصل” وترجمت أهم ما جاء فيها، اتهم فيها “بلير” صراحة نظام بشار الأسد ومليشيا “حزب الله” بتجويع مضايا والزبداني، قائلا إن هذا التجويع يتماشى مع أساليب النظام والمليشيا.
ونوه الصحافي بما سماه “سيل الصور والمقاطع”، التي توفر دليلا قاطعا على المعاناة داخل المناطق المحاصرة، معتبرا أن التجويع الذي يتبعه بشار يشابه أساليب الحصار في القرون الوسطى، وموضحا أنه يشكل سياسة ممنهجة وليست استثنائية، بحق مختلف المناطق التي خرجت عن سيطرة النظام.
وتساءل “بلير”: لماذا لايكون سلاح الجو البريطاني على أهبة الاستعداد لإسقاط المواد الغذائية فوق مضايا والزبداني؟ إذا كان الطائرات الحربية البريطانية تستطيع إلقاء القنابل، أفلا تستطيع إلقاء الغذاء؟.
وأضاف: علاوة على كل ذلك، سلاح الجو الملكي البريطاني أوصل إمدادات الطوارئ فوق جبل سنجار في شمال العراق عام 2014، عندما كان محاصرا من قبل تنظيم الدولة.
ونقل “بلير” عن مصدر في وزارة الدفاع البريطانية تفسيرا لعجز بلاده على سلوك نفس الطريق الذي اتبعته في سنجار حيال مضايا، قائلا –أي المسؤول-: “جبل سنجار يقع في منطقة تحكمه حكومة المنتخبة ديمقراطيا، هي التي طلبت منا القيام بالمهمة، في مضايا الأمر يختلف إلى حد ما، فالمحيط (البيئة) مختلف تماما، وهناك صواريخ أرض-جو في وسط وجنوب سوريا حيث يقع قلب النظام، ومن شأن إطلاق عملية للحلفاء في هذه المناطق أن تجلب نتائج كارثية”.
ووصف “بلير” االتصريح الذي أدلى به المصدر المسؤول بأنه مجرد عذر وشماعة لتبرير التقاعس عن العمل، كما إنه تعليل غير مقنع على الإطلاق، مذكرا بأن مضايا تقع على بعد 6 أميال فقط من الحدود السورية الغربية مع لبنان، وأن هذا لايكلف سوى 40 ثانية طيران على متن طائرة “هيركوليز”، متسائلا باستنكار: هل بالفعل رحلة ذهاب وإياب تدوم 80 ثانية، هي فوق قدرات سلاح الجو البريطاني.
وتابع الصحافي: فيما يخص القوة المزعومة للدفاعات الجوية السورية، فقد أصبحت هذه إحدى الأساطير الأكثر تردادا خلال الأزمة، وقد اصطدم كل اقتراح لإقامة منطقة حظر جوي باعتراض مفاده أن مقاتلات الأسد وصواريخ أرض-جو التي يمتلكها، معدة لتدمير الطائرات المعادية.
وعرض “بلير” ماقال إنها حقائق تتعلق بدفاعات الأسد الجوية وسلاح طيرانه، مذكرا أنه باستثناء حادث إسقاط طائرة تركية، وهو حادث يشك في نسبته لدفاعات النظام (هناك روايات عن تورط روسيا فيه).. باستثناء هذا الحادث فلم يسبق لدفاعات الأسد الجوية وطائراته أن أسقطت طائرة واحدة من حشود الطائرات التي اخترقت سماء سوريا، منذ 42 عاما، وتحديدا منذ حرب تشرين 1973.
وتابع الصحافي: خلال كل هذه السنوات (42)، نفذت إسرائيل عدد كبيرا من الضربات الجوية داخل سوريا من دون أن تتعرض طائراتها الحربية لأي مشكلة، وفي السنوات الثلاث الماضية، ضربت عشرات الطائرات الإسرائيلية أهدافا في دمشق وحولها، وهي معاقل تمثل “قلب النظام”، تماما كما وصفها المصدر الرسمي لنا.
وذكّر “بلير” أن الطائرات الإسرائيلية أغارت على أقصى شرق سوريا عام 2007، ودمرت ما كان يفترض أن يصبح مفاعلا نوويا، وفي عام 2003، قصفت تل أبيب مواقع تدريب عسكرية قرب دمشق، ومن نافلة القول أن كل هذه الغارات جرت وسط ردة فعل صفرية (معدومة) من النظام، تقابلها خسائر صفرية في صفوف الطيران المغير.
وأردف “بلير”: الدرس واضح تماما.. إذا كنت تريد أن تكون قوة جوية مؤهلة ومدربة، فإن نطاق سيطرة الأسد هو واحد من أكثر الأماكن أمانا في العالم لطائراتك، فالطيار الحربي لدي النظام معد ومؤهل لرمي البراميل المتفجرة فوق السوريين، وليس معدا للدفاع عن سماء البلاد. وإذا كان سلاح الجو البريطاني يريد أي مشورة بشأن كيفية التعامل مع الدفاعات الجوية الأسدية المغرقة في الفشل، فينبغي على البريطانيين أن يطلبوا تلك المشورة من نظرائهم الإسرائيليين.
وختم “بلير”: لنكن صريحين: إذا كان سلاح الجو البريطاني لا يمكن –حقا- أن يساعد الآلاف من الناس الذين يتضورون جوعا، عبر اختراق 6 أميال من المجال الجوي المعادي، فينبغي لنا أن لانبالي من الأساس بوجود سلاح جو لدينا (وجوده كعدمه).
زمان الوصل