إلى أي مدى سيصل الحل لنزاع الكركرات ؟

تطور الوضع الميداني في منطقة الكركرات الصحراوية من مجرد تبادل اتهامات بين المغرب وجبهة البوليساريو، تطال حتى موريتانيا أيضا، ليصل إلى حد توغل عناصر انفصالية بالمنطقة، وتحرشهم بسائقي شاحنات مغاربة، واعتراض طريقهم واشتراط حذف شعار المملكة بصحرائها من الشاحنات قبل العبور، الشيء الذي أفضى إلى تدخل حاسم بصم عليه مؤخرا الملك محمد السادس شخصيا.

وقرر الجالس على عرش المملكة سحب القوات المغربية من جانب أحادي من منطقة الكركرات الحدودية، تجاوبا مع طلب الأمين العام الجديد للأمم المتحدة، خاصة بعد المكالمة الهاتفية التي جمعتهما، ونبه خلالها العاهل المغربي المسؤول الأممي إلى خطورة الوضع بالمنطقة المذكورة، فيما تواصل الجبهة الانفصالية ومن يقف وراءها التواجد هناك ضاربة بعرض الحائط طلب أنطونيو غوتيريس.

وفي تعليقه على خلفيات انسحاب المغرب من الكركرات، قال سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدولي، إن الخطوة “جاءت بعد أن حقق المغرب أهم الأهداف التي دفعته إلى تجاوز الجدار الرملي”، مستبعدا أن يحدث أي تصعيد عسكري كبير؛ “لأنه ليس من مصلحة البوليساريو حاليا استفزاز المغرب عسكريا”، بحسب قوله.

وضمن تصريح لهسبريس، أوضح الصديقي أن انسحاب المغرب من الكركرات جاء بعد أن عملت المملكة على تعبيد الطريق هناك، وضمنت إلى حد ما حرية التنقل عبره في اتجاه موريتانيا، وأيضا بعد تنبيه الأمم المتحدة إلى التداعيات التي يمكن أن تنجم عن نشاط البوليساريو في هذه الجهة.

واعتبر أستاذ القانون الدولي أن مشكلة الكركرات تكمن في “الثغرات التي يتضمنها الاتفاق العسكري رقم 1 التي تقيد، إلى حد ما، حرية المغرب في التحرك جنوب وشرق الجدار الرملي، الذي يعد منطقة عازلة، بالإضافة إلى خمسة كيلومترات خلف الجدار”.

وأشار المحلل ذاته إلى أن هذه المنطقة العازلة يفهم منها ضمنيا أن “المغرب لا يحق له تجاوز الجدار حسب هذا الاتفاق العسكري؛ لأن الجدار الرملي اعتمد من قبل الأمم المتحدة كخط فاصل بين الطرفين”، مضيفا: “هذا ما ترك الفرصة للبوليساريو لتكثيف نشاطها خلف الجدار، لاسيما في المنطقة المحظورة التي تمتد على مسافة ثلاثين كيلومترا من الجدار، وأيضا في منطقة الحظر المحدود التي توجد خلفها؛ أي ما بعد ثلاثين كيلومترا من الجدار”.

وأورد المتحدث أن المغرب عندما بنى الجدار الرملي ترك منطقة فاصلة غير مأهولة بالسكان بين هذا الجدار وأراضي كل من موريتانيا والجزائر، حتى يستطيع مراقبة تحركات عناصر البوليساريو، وحتى لا يضطر إلى التوغل في التراب الموريتاني والجزائري عند ملاحقتها، وعلّق على ذلك بالقول: “يبدو أنه لم يكن يتوقع أن تستغل لاحقا لاستفزازه، سواء عن طريق تنظيم أنشطة عسكرية أو سياسية، من قبل البوليساريو في هذه المنطقة، وفرض أمر واقع”.

واستبعد الصديقي أن يحدث أي تصعيد عسكري كبير “خاصة وأنه لن تكون لجبهة البوليساريو أي حجة بعد ما سحب المغرب قواته العسكرية من خلف الجدار”، ومع ذلك، يرى الصديقي أن “استمرار التوتر سيظل قائما، وسيتجدد ما لم تتم إعادة النظر في مضمون الاتفاق العسكري رقم 1، وهذا أمر مستبعد .