إيموزار كندر المدينة التي أتلف الإهمال جمالها

إيموزار مدينة جميلة وواعدة كما يؤكد كل من يعبرها، فجمالها وسحر طبيعتها هما اللذان يجعلان جيوشا من القاطين والسياح والمنتجعين والذين ضاقت بهم الأحوال في مدنهم يقصدونها بحثا عن لحظات هادئة تسمح بالإنصات إلى أعماق الذات في أحضان الطبيعة وجمالها. سحر المجال البيئي المميز للمدينة سرعان ما يتقلص بعد التآلف مع المدينة وأهلها وأساسا بعد اكتشاف جراحات المكان وأهله وهو ما نسعى إلى توصيفه هنا.
للخريف بإيموزار طرائق عديدة للإعلان عن نفسه، فأوراق شجر الصفصاف تصفر وتتساقط بكثافة في الفضاءات التي كانت تضج بالوحيش السياحي في الصيف، وعدد العابرين من الشارع الرئيسي يقل تدريجيا كلما توحد نزول الليل مع انخفاض درجات الحرارة، بل حتى صاحب لافوار يجمع ما تبقى له من قش بعد أن ملأ الحديقة المجاورة للبلدية بضجيجه لشهور، إنها صيغ الخريف المعمورة التي تقضي على ما تبقى من حرارة الصيف. صيغ حزينة طبعا إلا أن الصيغة الأكثر حزنا هي تلك التي يعلن بها خريف المدينة وجمالها عن نفسه ليس في هذه الفترة من السنة، بل في كل أيام إيموزار التي ساوى الإهمال بين فصولها.
يتم بلا حدود
كل شيء في إيموزار يوحي باليتم، فأشجار الغابة «تستنزف على عينيك يابن عدي» كما قال أحد الفاعلين الجمعويين، بل إن الكثير منها يقطع حتى داخل المدينة وداخل حدائقها استجابة لرغبات خاصة للذين سماهم هذا الفاعل «المنتفعين من الوضع» وما يبقى منها واقفا لا أحد يهتم به غير ما توفره له طبيعته الخاصة من مناعة، وحتى ما تمنحه الأشجار من سحر ورومانسية للمدينة يبدو من دون معنى، حين تلاحظ أن الأوراق المتساقطة يتم جمعها وإحراقها في أي مكان بما في ذلك سواقي المياه، وهكذا تبدو أماكن حرق الأوراق كخدوش سوداء بارزة على وجه المدينة، توحي أن خرافة ما أقنعت إيموزار بالكي لمداواة برودة الأعماق التي ورثتها من مسؤوليها.
اليتم هو ما تحس به وأنت تشاهد جيش العاملات الملثمات يرتعشن في الصباحات الباكرة لإيموزار في انتظار من يطلبهن للعمل في ضيعات التفاح بالمقابل الذي يريده «الباطرون» وصول الشكارة. إنه المقابل الذي تقول عنه إحدى العاملات: «واخا ماكافيش ما عندنا هروب عليه، وحسن نقولوا فنينا بالخدمة ولا يقال قتلنا الكلاس». نفس الشيء يحصل حين تقارنها بإيفران التي لا تبعد عنها إلا ب20 كلم، وحين تقارنها بماضيها خاصة عهد المرحلة الاستعمارية وعهد بعض الأسماء الرسمية التي نظمتها كثيرا وكرست ملامح مميزة لها، خاصة بعض الأسماء التي يرددها بعض سكان المدينة : تحوّل منتزه عين السلطان بمدينة إيموزار كندر بإقليم صفرو، من فضاء جميل للراحة والإستجمام ووجهة سياحية مفضلة لجميع المغاربة بمؤهلات طبيعية هامة ويمتد على مساحات شاسة من الغابة، ووفرة مياهه العذبة والمعدنية، إلى مستنقع للأزبال والقادورات والغبار منتشرة في كل مكان، بسبب إهمال المسؤولين.
وكان المنتزه إلى عهد قريب المتنفس الوحيد للمنطقة، تقصده الأسر لقضاء عطلها السنوية وغيرها، وبفضله يتحرك إقتصاد المدينة في البيع والشراء في المواد الغذائية والأعشاب الطبية والصناعة التقليدية، وتتوفر المدينة على عمارات سكنية لتنظيم رحلات موظفي جميع القطاعات العمومية، لقضاء عطلهم السنوية بعين السلطان.
وحسب تصريحات مواطنين بمدينة إيموزار كندر ، فقد أكدوا أن “لا أحد من المسؤولين على مستوى المحلي أو الإقليمي سمعناه يوما يتكلم على تأهيل المنتزه، وما زاد الطين بلة هو قلة الماء به، هل هي من عند الله ؟ أو فعل الإنسان !، وما يقلقنا الآن هو أن المياه المتوفرة حاليا ملوثة وغير صالحة للسباحة ورغم ذلك أطفالنا، الذي لا يجدون بديلا عنها ويغامرون بحياتهم بالسباحة فيه لإشباع هوايتهم المفضلة”. وأضاف المواطنون، أنه “وإلى عهد قريب كل من زار المنتزه يعود إلى منزله فرحان ويضرب موعدا أخر في قريب الزمان لإعادة زيارته إليه،  مرة أخرى، ومنهم من يرفع دعواتهم للخالق تعالى بزيارة مفاجئة للملك محمد السادس إلى المنطقة”.

ANAHDA INTERNATIONAL TV