الأهلي أم الوداد… لمن ستخضع الأميرة السمراء؟

لندن – «القدس العربي»: لا صوت يعلو فوق المباراة النهائية لدوري أبطال أفريقيا غدا، التي ستجمع الوداد البيضاوي المغربي بضيفه الثقيل الأهلي المصري على ملعب «محمد الخامس»، بعد الضجة الكبيرة التي أثارها الاتحاد الأفريقي، بطريقة اختياره لملعب الموقعة، التي دفعت المسؤولين في نادي القرن، للتقدم باحتجاج رسمي في المحكمة الدولية الرياضية (كاس)، واكتملت بأزمة توزيع تذاكر الحضور، بمنح صاحب الأرض 10 آلاف تذكرة ومثلها للضيف مقابل 20 ألف للجمهور العام، وذلك ردا على طلب الأهلي بالحصول على نصف المدرجات، وغيرها من المناوشات التي تُنذر بنهائي ثأري خارج التوقعات.

الطريق نحو النهائي

كعادته، لم يعط العملاق القاهري أهمية كبيرة في دور المجموعات، مستهلا رحلة الدفاع عن لقبه في آخر نسختين، بجمع نقطة واحدة في أول جولتين، بتعادل سلبي مع الهلال السوداني وهزيمة أمام صنداونز الجنوب أفريقي، قبل أن يستفيق من سباته في الجولة الثالثة، بتحقيق فوز أشبه بالولادة القيصرية على حساب المريخ السوداني بنتيجة 3-2. وفي آخر جولتين، حقق الهدف المنشود بالفوز على المريخ والهلال بعد هزيمة ثانية من صنداونز، ليبدأ في التكشير عن أنيابه وإظهار شخصية البطل المهيمن في مراحل خروج، بالإطاحة بالرجاء المغربي من الدور ربع النهائي، بعد حسم مباراة ذهاب ملعب «السلام» بهدفين مقابل هدف، في مباراة كان من الممكن أن تنتهي بنتيجة ثقيلة، لولا براعة الحارس الذي تصدى للعديد من الفرص المحققة، بخلاف ركلة الجزاء التي أنقذها من عمرو السولية في الشوط الثاني، فيما اكتفى فريق بيتسو موسيماني بالتعادل الإيجابي بهدف للكل في نفس ملعب مباراة الغد، ليأتي الدور على وفاق سطيف الجزائري، لينضم الى قائمة ضحايا الفريق الأهلاوي في الأدوار الإقصائية في حقبة الموس، بفوز عريض في ذهاب القاهرة برباعية بلا هوادة وبتعادل إيجابي بهدفين للكل في إياب ملعب «5 جويلية»، ما مجموعه 7 أهداف في الدور الأول و9 في مراحل خروج المغلوب. والعكس بالنسبة للفريق المغربي، الذي استعرض قوته المفرطة على خصومه في دور المجموعات، بتسجيل 15 هدفا في ساغرادا اسبيرانسا وبيترو أتلتيكو والزمالك المصري، في المقابل سجلت كتيبة المدرب وليد الركراكي 5 أهداف في الإقصائيات، بإجمالي هدف في شباك شباب بلوزداد المغربي في مباراتي الذهاب والإياب، و4 أهداف في شباك ضحيته في المجموعات بترو أتليتكو، الذي جدد معه اللقاء مرة أخرى في نصف النهائي، بفوز سهل في أنغولا بثلاثية مقابل هدف، وبتعادل إيجابي بهدف لمثله في العودة، لتبقى الأميرة السمراء تحت سيطرة الأندية العربية للعام السادس على التوالي، بذكريات نهائي 2017 ونصف نهائي النسخة قبل الأخيرة.

المواجهات المباشرة

تقابل الأهلي والوداد في 10 مناسبات سابقة على مستوى دوري الأبطال، وحقق حامل اللقب الفوز في 4 مباريات، مقابل 4 مباريات انتهت بالتعادل وانتصارين لوداد الأمة، منها الانتصار الأغلى والأهم في تاريخ المواجهات المباشرة بينهما، والحديث عن مباراة العودة في نهائي نسخة 2016-2017، التي حسمها رفاق أشرف بن شرقي، نجم الفريق السابق، بهدف نظيف، بعد التعادل في ملعب «الجيش» في برج العرب بهدف لمثله في الذهاب، فيما كانت البطولة الثانية في تاريخ الفريق، ومنذ ذلك الحين، والجمهور الودادي يبحث عن النجمة الثالثة، التي تمنعت عليهم في نسخة 2019، في مباراة الانسحاب الشهيرة أمام الترجي التونسي، احتجاجا على عطل تقنية الفيديو، وفي العام التالي، وتحديدا في الدور نصف النهائي، خرج الفريق بطريقة مهينة كرويا على يد الأهلي، بالهزيمة في ذهاب «محمد الخامس» بثنائية محمد مجدي أفشة وعلى معلول وفي الإياب، كرر الفريق المصري تفوقه بثلاثية من إمضاء مروان محسن وحسين الشحات وياسر إبراهيم مقابل هدف سجله زهير المترجي بعد فوات الأوان، وإجمالا تمكن لاعبو الأهلي من هز شباك منافسهم المغربي 13 مرة، في المقابل سجل الوداد 9 أهداف، ما يظهر ويعكس التفوق الأهلاوي النسبي على الوداد في ما يخص لغة الأرقام وتاريخ المواجهات المباشرة.

نقاط الضعف والقوة

بعيدا عن الأرقام والتاريخ والمعارك الخفية وراء الكواليس، فالحقيقة والشيء الثابت، أن فرص الفريقين تبدو متساوية ومتكافئة بنسبة 50% لـ50%، مع أفضلية يصعب غض النظر عنها بالنسبة للوداد، الذي سيتسلح منطقيا ونظريا بحوالي 30 ألف مشجع، وفقا لتقسيم الكاف، وكما نعرف جميعا، القاعدة العامة في كرة القدم تقول «الحظ يلعب دورا عندما تتقارب المستويات والجودة»، وباستعراض نقاط الضعف والقوة في كل فريق، سنلاحظ التقارب الملموس بينهما في كل شيء، مثلا الفريق الأهلاوي، يعاني من صداع شبه مزمن في الخط الخلفي، تأثرا بغياب السلطان بدر بانون، البعيد عن ممارسة الكرة منذ فبراير / شباط الماضي، بسبب مضاعفات الإصابة بفيروس كورونا مرتين في فترة قصيرة، بجانب إشكالية لعنة الإصابات، التي تُجبر المدرب أحيانا على توظيف لاعبي وسط في محور قلب الدفاع، لحل معضلة النقص العددي الحاد في مركز قلب الدفاع، كما يلجأ لحمدي فتحي من حين لآخر في مركز المدافع الثالث بجانب أيمن أشرف وياسر إبراهيم في فترات غياب محمد عبد المنعم، المحتمل استمرار غيابه عن النهائي، بعد تعرضه لانتكاسة عضلية الأسبوع الماضي، ما قد يؤثر بشكل سلبي على المنظومة الدفاعية الحمراء برمتها، لضعف المتاحين في التعامل مع الكرات العرضية، والتي تمثل نقطة قوة لا يستهان بها بالنسبة للمدرب الركراكي، الذي يعتمد على قوة وسرعة الأجنحة، كجزء من إستراتيجيته لاستغلال هذا الكم المخيف من المهاجمين والمواهب القادرة على التسجيل من أنصاف الفرص، ومع عودة هداف الدوري المغربي غي مبينزا والبقية جلال الداودي في الدفاع ورضى الجعدي وأيمن الحسوني وزهير المترجي، سيذهب الوداد إلى «محمد الخامس» بكامل قوته الضاربة، على أمل أن ينجح المدرب الركراكي في تطويع هؤلاء بالطريقة التي تمكنه من كشف نقاط ضعف الدفاع الأهلاوي في التعامل مع الكرات العرضية من اللعب المباشر، وإمكانية استغلال المساحات الشاغرة التي يتركها معلول عندما يقوم بأدواره الهجومية.
وعلى سيرة علولو، سيبقى سلاح ذو حدين بالنسبة للأهلي، بمعنى أنه كما يشكل خطرا على فريقه لإمكانية ضرب الأهلي بالمرتدات من ناحية القائد التونسي، أيضا يمكن أن يكون كلمة السر ومفتاح فوز فريقه، في حال أحسن استغلال الحالة الفنية والبدنية الغريبة التي يبدو عليها الظهير الأيمن محمد رحيم في الآونة الأخيرة، كما وضح في كم الأخطاء الهائل التي ارتكبها في المباريات المحلية الأخيرة. ولا ننسى، أن هذه الجبهة، تمثل القوة الضاربة للأهلي، خاصة عندما يكون الساحر أحمد عبد القادر في أفضل حالاته، وفي كل الأحوال، ستبقى خبرة المارد القاهري وشخصيته في هذه البطولة على وجه التحديد، فرس الرهان بالنسبة لجماهيره وأغلب المحايدين، أولا نتحدث عن فريق يعمل كمنظومة جماعية، قوامها الرئيسي تمرس على معانقة الكأس الأفريقية والسوبر في آخر عامين، بخلاف الثقة الكبيرة التي اكتسبها هذا الجيل بحصوله على الميدالية البرونزية في آخر مونديال، ليتحول محمد الشناوي ورفاقه إلى مشروع جيل ذهبي جديد على خطى أصدقاء محمد أبو تريكة وعماد متعب ووائل جمعة وبركات، الذين تفوقوا على الأساطير الأوائل في حقبة الثمانينات، باحتلال أفريقيا 3 مرات في الفترة بين عامي 2005 و2008، ولولا القرارت المثيرة للجدل للحكم المغربي السابق عبد الرحيم العرجون في نهائي 2007 أمام النجم الساحلي، لدون كاتب التاريخ في سجلاته أن الأهلي حقق ما عجزت عنه كل أندية أفريقيا، بتحقيق اللقب 4 مرات على التوالي. لكن في كل الأحوال، أمام فريق بيتسو موسيماني فرصة نادرة، ليكون أول من احتفظ بالكأس السمراء 3 مرات تواليا، على طريقة ثلاثية زين الدين زيدان مع ريال مدريد في الفترة بين عامي 2016 و2018، والسؤال الآن: هل سيستغل الوداد ميزة لعب النهائي على ملعبه وأمام جماهيره وكذا نقاط ضعف الأهلي ليحمل الكأس للمرة الثالثة في تاريخه؟ أم ستكون الحادية عشرة لنادي القرن والثالثة على التوالي وبالتبعية تصفية للحسابات القديمة، بتعبير محمد صلاح قبل النهائي الثأري أمام ريال مدريد؟ دعونا ننتظر ونستمتع بالوجبة الكروية القابلة لكل الاحتمالات، مبروك مقدما للفائز العربي وحظ أوفر للخاسر.

ANAHDA INTERNATIONAT TV///PAR///OMAR IDHANNOU