الإمهال القضائي وحماية المستهلك

بقلم: عمر بنشقرون، مدير مركز المال والأعمال بالدارالبيضاء

حظيت بدعوة كريمة لحضور الجمع العام التأسيسي للمرصد المغربي لحماية
المستهلك. و بعد قراءتي التفصيلية لمضامين بنود قانونه الأساسي، استخلصت أنه لا يتطرق الى سرد المشاكل التي يتعرض لها ويعاني منها المستهلك “زبون القروض البنكية وشركات الائتمان”. فكانت ملاحظتي أن تغير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وتنامي تكاليف متطلبات الحياة، إلى جانب ضعف القدرة الشرائية وما خلفه وباء كورونا دفع العديد من الأسر المغربية وحتى الأفراد إلى الإقبال أكثر على القروض البنكية عقارية كانت أو استهلاكية. وهذا ما يمثل إخلالا يجب الوقوف عليه قانونيا وما يخلفه من انعكاسات على قطاع المالية في بلادنا وعلى المستهلك كلاهما معا. ومن أجل حماية المستهلك واعتبارا لما ضمنه له المشرع والقانون المغربي، اقترحت تضمين بنود الامهال القضائي في القانون الأساسي للمرصد المغربي لحماية المستهلك للرفع من جودة تدخلاته في الملفات التي يمكن التطرق إليها مستقبلا.
ان المشرع المغربي، وحفاظا على حقوق المستهلك سنَّ في مثل بعض الحالات مجموعة من الضمانات التي تخص المعاملات التعاقدية المالية، ولعل أهمها الحق في استفادة المدين من الإمهال القضائي الذي جاء به قانون حماية المستهلك، أي أن المدين يُنظر بمهلة إضافية حتى يتمكن من استئناف الوفاء بدينه بعدها دون ترتيب أي فوائد عليها.
حقا، لقد خولت ضمانة الإمهال القضائي للمدين حقوق مختلفة بمثابة مكتسبات مؤقتة بمجرد البث فيها من طرف المحكمة وهذه الحقوق هي :
1- حق إيقاف تنفيذ الالتزام: والذي يشكل أولى مراحل مسطرة الإمهال القضائي ويتمثل في توقف المدين مؤقتا عن سداد أقساطه الشهرية، ما يعني تجميد مؤقت لقوة العقد.
2- حق تأخير سداد الأقساط الشهرية:  وهو إرجاء سداد الأقساط لمدة معينة قد تصل إلى سنتين.
3- حق الإعفاء من الفوائد: عدم ترتيب فوائد أو التزامات مالية عن المدة التي يُمهل فيها المدين.
4- حق إعادة برمجة الأقساط الشهرية: أي إعادة تنظيمها بما يتناسب والإمكانيات المادية للمدين.
ففي مسطرة الإمهال القضائي لا يقتصر فقط على إعطاء مهلة للمدين، ولكن إضافة إلى ذلك يمكن تحديد الكيفية التي سيتم بها الأداء عند انتهاء أجل وقف التنفيذ، بمعنى أن المحكمة تتدخل في إعادة جدولة المديونية.
وجدير بالذكر أن مسطرة الإمهال القضائي لا تشكـل خرقا للقاعدة الأساسية “العقد شريعة المتعاقدين” المنصوص عليها في الفصل 230 من قانون الالتزامات والعقود بقدر ما هو تخصيص لعام وتقييد لمطلق لأن مبدأ سلطان الإرادة المتمثل في أن العقد شريعة المتعاقدين لم يعد قاعدةً مطلقة وأن قانون حماية المستهلك قيدها.
وحاصل القول في هذا الموضوع أن مسطرة الإمهال القضائي تعتبر بمثابة متنفس قانوني، ومحطة استراحة قضائية للمستهلك الذي ضاقت به السبل وأرغمته حالته الاجتماعية أو القوة القاهرة على عدم تنفيذ مضامين العقد، إلا أنه في حقيقة الأمر أن جل المستهلكين -إن لم نقل كلهم- ليس لهم علم بوجود هذه المسطرة أصلا، فإذا كان للوكالة البنكية ممثلها القانوني يرشدها ويتولى شؤونها القضائية، فإن القانون سالف الذكر نص على تأسيس  الجمعيات المغربية لحماية المستهلك، ونص على شرط ترقيتها إلى جامعة بعد أن تتكثل فيما بينها ويُعترف لها بصفة المنفعة العامة، كما  أوكل لها بمقتضى المادتين 152 و157 مهاما سيادية كالإعلام والدفاع عن المستهلك والنهوض بمصالحه بل أن ترفع دعاوى قضائية وتتدخل في دعاوى جارية و تُنصِّب نفسها طرفا مدنيا أمام قاضي التحقيق، للدفاع عن مصالحه، وتمارس كل الحقوق المخولة للطرف المدني والمتعلقة بالأفعال
والتصرفات التي تلحق ضررا بالمصلحة الجماعية للمستهلكين. 
غير أنه بالرغم من كل المقتضيات القانونية المتقدمة في الموضوع، يظل المستهلك دائما في غفلة قانونية، ما يؤثر بل و يؤزم وضعية هشاشته الإجتماعية.
هنا، يبقى دور الإعلام في التوعية غائبا أو مغيبا!
على الأقل، اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.
ANAHDA INTERNATIONAL TV//PAR OMAR IDHANNOU