الزاوية البوعزاوية اسرار ربانية بين الاطلس والشاوية تنقشها عائشة البوعزاوية

إعداد الحاج نجيم السباعي

ومصطفى شكري

رئيسة رابطة الطريقة البوعزاوية عائشة البوعزاوي
ثقافة التسامح الصوفية هي ربيع الأمة العربية
من ارشيف اعلام الزاوية البوعزاوية

تقول الاستادة عائشة مسئولة الانشطة الثقافية والشبابية بالزاوية

أكتشف التصوف من الداخل، فالتصوف وطقوسه ليس بالأمر الغريب بالنسبة لي لأنني كبرت داخل هذا الجو، وامتلأت به، لكن الحق انه مجال ممتع ومغري لأن يكون أسلوب حياة وكذا مجال دراسة أكاديمية.. أما عن كوني امرأة فلا يمكننا اعتبار التصوف أمر غريب على المرأة على العكس التاريخ الإسلامي قدم الكثير من النساء في هذا المجال وكانت رائدات بحق، لذا يمكن للمرأة أن تشتغل فيه وتقدم الكثير. المرأة طاقة كبيرة.. للأسف أننا ننغمس في أشغال البيت وننصرف عن الامور الفكرية، بمقدور المرأة ان تكون ذات فاعلة لأن المرأة ذكية وهو ذكاء فطري صحيح رسالتها في البيت رسالة عظيمة.. غير أنه يمكنها الإنتاج، هناك أسماء عربيات في التاريخ لكن نريد المزيد من هذه المحاولات.
كذلك أنا حفيدة للشيخ محمد بن الطيب البوعزاوي وهو حفيد الشيخ أبي يعزي المعروف هنا في الجزائر، ومن الطبيعي أن اشتغل على تراث جدي، من هذا الباب أنا هنا في ملتقى طرق الإيمان بالجزائر لتقديم صورة الطريقة البوعزاوية، والدي هو نقيب شرفاء البوعزاويين ومقدم الطائفة الدينية البوعزاوية في المغرب وأنا رئيسة الرابطة الطريقة البوعزاوية التي استحدثناها مؤخراً من أجل تفعيل أكثر للطريقة البوعزاوية.
ألا تواجهين صعوبات ونحن على الأقل في المغرب العربي لا نتقبّل قيادة المرأة عرفيا؟
على العكس، لقد تغيرت المفاهيم من حولنا، وأتباع الطائفة البوعزاوية يدركون جيدا دور المرأة، بالتأكيد لقد ساعدني انتمائي الأسري.. الوالد خاصة بصفته مقدم الطريقة، ما عدا ذلك لا توجد صعوبات لأنني نشأت في هذه الزاوية وعلى علاقة مع المريدين الذين كانوا يحضرون إلى الزاوية، ويقومون بالطقوس الخاصة. لقد كبرت في جو الفقراء البوعزاويين.. ربما الصعوبة الحقيقية هي كيف يمكنني أن أكون في مقام الثقة التي وضعوها في شرفاء الطريقة، كيف يمكنني أن أشتعل بالشكل الصحيح لصالح انتمائي؟ وهذا ما يجعلني أبذل جهدا إضافيا.
^ ما هو دور الرابطة.. وما الذي تقوم به لصالح الزاوية البوعزاوية؟
الرابطة تحاول أن تجمع المريدين البوعزاويين في المقام الأول، ونشتغل أيضا على الحقول المعرفية والعلمية.. مثلا التراث البوعزاوي الذي تركه صاحب الطريقة الشيخ محمد بن الطيب البوعزاوي، لدينا عدد كبير من المخطوطات ونسعى إلى تحقيقها وغلى إخراجها للنور، هناك مشاريع عمل مهمة، لكن لا بد أن يوضع هذا التراث بين أيدي أمينة، لأننا نملك تحف خام، لم تطالها أيادي من قبل، وتحتاج للتحقيق، إني أعتبر نفسي في البداية ولم أصل بعد لدرجة التخمر الفكري حتى أقترب من هذه المخطوطات. وفي هذا المجال لا تهم الشهادة الأكاديمية وإنما التجربة والخبرة، وعليه أحتاج إلى دكاترة أحاطوا علما بهذه الأمور وقاموا بدراسات مماثلة، كما قلت سابقا أحتاج إلى أيادي أمينة حتى أكون مطمئنة على هذا التراث الغالي على قلبي وعلى قلوب المريديين البوعزاويين.
إذن أنت تؤمنين أن تراث الزوايا لا بد أن يحقق وينفتح على العمل العلمي ولا بد أن لا يبقى أسير التبرك لدى العائلات الصوفية؟
نعم أؤمن بذلك جدا، لا بد من العمل العلمي من أجل إخراج هذا التراث التمين والمهم، ولا بد كذلك ان تخرج الصوفية لدينا من ردائها الشعبي ولابد من دراسات في هذا المجال. بالنسبة لنا في الزاوية البوعزاوية هناك خمسة كتب واضحة على الأقل للشيخ محمد بن الطيب البوعزاوي هناك كتاب مهم تحت عنوان “رسالة المريد في منهج التجرد” الذي تعتبره وزارة الأوقاف بالمغرب في نفس درجة ديوان المتنبي نظرا لقيمته المعرفية والأدبية العالية وتدعو للحفاظ عليه لكنه لا يزال مخطوط لم يحقق بعد، هناك أيضا كتاب “النصيحة” وكذا مخطوط “الكوكب الضاوي في شرح ورد البوعزاوي”
نتمنى أن نجد أساتذة في المستوى.. هناك طاقات.. أنا على يقين بهذا، في المغرب كما في الجزائر، طاقات لأننا لسنا غرباء على بعض، هناك في الجزائر زاوية سيدي بوعزة، وهي امتداد للزاوية ولعلها السبب الآن في وجودنا بينكم لأن الأستاذ محمد الغربي جاء إلى المغرب وبحث عنا واكتشفنا أننا من ذات الزاوية، لذا من الضروري أن تكون هناك شراكات بين الجزائر والمغرب في هذا الأمر.
لكن الجزائري لا يعرف الطريقة البوعزاوية جيدا؟
التاريخ يؤكد أن هناك علاقة بين الغوث أبي مدين والشيخ أبي يعزي، لأن أبي مدين في بداية تصوفه جاء إلى المغرب وطلب العلم من الشيخ أبي يعزي ووقعت حادثة تتداولها كتب التصوف مفادها أن أبي يعزي أراد أن يختبر صبر أبي مدين وأن يقيس درجة إيمانه، فلم يكلمه وتركه لمدة ثلاثة أيام.. فصار أبي مدين يضرب بالرمل على وجهه احتجاجا لما فعله به الشيح الداري والعالم فأصيب أبي مدين بالعمى وعند ذلك قام أبي يعزي بمسح عيني أبي مدين بكفه فعاد إليه النور، وبعد ذلك اخذ عنه كثير العلوم قبل أن يواصل طريقه في التصوف.
لكن علينا أن نفرق بين الزاوية البوعزاوية الأولى الموجودة في الأطلس المغربي بالقرب من مدينة الخنيفرة والتي تضم ضريح أبي يعزي والثانية الموجودة بمراكش التي تضم ضريح حفيده الشيخ محمد بن الطيب البوعزاوي، وعليه الزاوية البوعزاوية هي طريقة أصيلة، ليست مختلطة بطريقة أخرى، ولا تعد امتدادا للشاذلية أو غيرها، وإنما هي طريقة مباشرة من الشيخ أبي يعزي لدينا ورد ووظيفة للعوام وأخرى خاصة، وهناك أيضا قصيدة السيف لصاحبها الشيح محمد بن الطيب البوعزاوي التي تشكل الفرق في اختتام الورد والوظيفة. وهذه القصيدة مميزة جدا وهامة من القيمة المعرفية والصوفية لدى أهل الطريقة.
بالنسبة للشيخ محمد بن الطيب البوعزاوي لقد عمر طويلا وتوفي سنة 1914 ولا زال له مريدون لحد الآن في أنحاء المغرب كاملا، حيث أسس زوايا كثيرة كان الغرض منها تعليم القرآن وأصول الدين، في الوعير والشاوية ومراكش.. أيضا أشير أنه كان له عمل سياسي أين شارك في رد الاستعمار الفرنسي ومحاربته.. والتف حوله عدد كبير من المغاربة في المقاومة وبالتالي لعب دورا كبيرا سياسيا لدرجة أن السلطان مولاي عبد الحفيظ تنازل له عن جميع الألقاب في فترة معينة هي لحظة الحسم السياسي في المغرب.. أين كان الشعب المغربي يمر بمخاض حقيقي هو المخاض السياسي .. ونحن نفهم ما معنى تنازل له عن كل الألقاب لكنه رفض كل ذلك، لأن المتصوفة لا يبحثون عن الدنيا لقد كان يعتبر نفسه مجاهدا ويضم نفسه لباقي المجاهدين في المغرب، وهذا شرف باق.

عن الفجر الجديد