السجون في المغرب تعيش على وقع الاكتظاظ رغم إنشاء 20 سجناً جديداً

الرباط ـ “القدس العربي”: كشف تقرير حول “وضعية السجون بالمغرب في ضوء المعايير الدولية والتشريعات الوطنية وضرورة الإصلاح 2016-2020″، أن الاكتظاظ الذي تعاني منه السجون المغربية “يُعدّ مشكلة مزمنة لها تأثير كبير على جودة الخدمات الصحية بسبب الارتفاع الكبير لعدد السجناء الذي انتقل من 74 ألفاً و39 سجيناً إلى 86 ألفاً و384 سجيناً بين عامي 2016 و2020، بزيادة بلغت 16.67 بالمئة”.
التقرير الذي عرض خلال لقاء نظمته “لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان” في مجلس النواب و”مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن” و”المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج” منذ يومين، سجَّل تعزيز الطاقة الإيوائية عبر إحداث 20 مؤسسة سجنية جديدة، وتوظيف أكثر من 2500 إطار، كما أُضيفت 14 ألفاً و10 أمتار مربعة للمساحة الإجمالية للإيواء بزيادة تقدر بـ 3500 متر مربع سنوياً، خلال 5 سنوات من عمر الدراسة.
وأكد محمد الأعرج رئيس “لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان” في مجلس النواب، أن لــ”أنْسَنة” الاعتقال بالمغرب، فضلاً على تعزيز الأمن وإجراءات الحكامة، انعكاسات على السياسة الجنائية بالبلاد، حفظاً لكرامة السجناء وتوفيراً للظروف الملائمة أثناء قضائهم للعقوبات السجنية.
وأضاف أن الدراسة “تسمح برصد التحولات المرتبطة بالسياسات العمومية المطلوبة من أجل تمكين السجناء من مجموعة من المكتسبات الحقوقية، مؤكداً استعداد اللجنة للمساهمة الجادة والفعلية في ورشة مراجعة القانون المتعلق بالسجون من أجل النهوض بأوضاع السجناء”.
من جانبه، اعتبر لحبيب بلكوش، رئيس “مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية”، وهي هيئة بحثية غير حكومية، “أن أخذ مسافة زمنية كافية، سمحت بإنجاز قراءة تُفرز مؤشرات على التراكم أو التراجع في حال حدوثه، من خلال تتبع الأوضاع داخل السجون خلال خمس سنوات (2016-2020)، وهو ما يخرجنا من المقاربة القائمة على الرصد المباشر فقط إلى التحليل واستخلاص مداخل للإصلاح المطلوب”، وفق تعبير المتحدث.
ولفت الحقوقي المغربي إلى أن أوضاع السجون تحظى دائماً بانشغال المؤسسة التشريعية وانشغال الآليات الوطنية والدولية التي تُعنى بحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني، وذلك كلما وقع حدث أو معطى يعد مساً بحقوق السجناء. ومرَدُّ ذلك، وفق بلكوش، يعود إلى أن “أوضاع هؤلاء المواطنين يتداخل في تدبيرها الجانب الإنساني بمقتضيات القانون ومتطلبات محاربة الإجرام مع احترام كرامة الإنسان وإعادة تأهيله ليسترجع المجتمع أبناءه وهم على استعداد للمساهمة في بنائه وحمايته”.
وأكد رئيس مركز دراسات حقوق الإنسان والديمقراطية، أن هذا العمل الإصلاحي تواجِهُهُ تحديات على رأسها “السياسة الجنائية وفلسفة العقاب المؤطرة لها بما لها من انعكاس سلبي مباشر على الأوضاع في السجون، خاصة مسألة الاكتظاظ والاعتقال الاحتياطي والعقوبات القصيرة، إلى جانب مجموعة من المعطيات الإضافية ذات الصلة”، وفق تعبير المتحدث، متابعاً بالقول: “إن الدراسة تحاول أيضاً رصد بواعث القلق التي تعبر عنها الآليات المعنية بأوضاع حقوق الإنسان سواء الحكومية أو غير الحكومية وطنياً أو دولياً. وهنا يبرز الدور المهم للجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان” وهي تستعد لاستقبال المشاريع الجديدة في هذا المجال”، يقول الحبيب بلكوش.
إلى ذلك، ثمَّن مولاي ادريس أكلمام، مدير مديرية العمل الاجتماعي والثقافي لفائدة السجناء وإعادة إدماجهم بالمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، انفتاح الإدارة على الجمعيات والمنظمات الحقوقية الجادة والفعلية والمهتمة بأوضاع السجناء وذلك في إطار الدفع بمسلسل الإصلاح الذي تنتهجه المملكة المغربية.
في نظر أكلمام، فإن التقرير يعد تجربة منفردة، تُعطي تشخيصاً لواقع السجون من زاوية محايدة دون التأثير على فريق البحث، مسجلاً انخراط المندوبية السامية من أجل توفير كل الشروط الذاتية والموضوعية لهذا العمل الحقوقي الجاد والمثمر الذي يلامس الإشكالات المرتبطة بالسجون والاعتقال الاحتياطي والاكتظاظ داخل السجون، وسعي المغرب إلى تجاوز جميع هاته العقبات في ظل مصادقة المملكة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية، ما يجعله مَحطَّ اهتمام كبير من طرف كل المنظمات الدولية والحقوقية.
من جهتها، نوَّهت سيسيل لاكوت، رئيسة قسم المغرب في مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن، بـ “الالتزام القوي للمملكة من أجل إرساء مبادئ استقلالية العدالة واحترام وحماية حقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، فضلاً عن تفعيل مقاربة جديدة للحكامة تخص المنظومة السجنية”.
وأوضحت أن هذا التطور الذي ساهم في تحسين وضعية الإدارة السجنية وتقوية استقلاليتها مكَّن من توطيد هيكلة السجون وتحسين ظروف الاعتقال، مع استحضار بعد إعادة الإدماج، مشيرة إلى أن مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن قدم دعمه للسلطات المغربية لاسيما ما يتعلق بالمعايير والممارسات الفضلى ذات الصلة بظروف الاعتقال وتطوير وتقوية كفاءات موظفي السجون، ولاسيما المسؤولين عن الجوانب الصحية، والنهوض بثقافة أساسها احترام حقوق الإنسان. وأكدت أن هذا التقرير يهدف إلى تقييم المكتسبات ومدى تطور الاستراتيجية السجنية من خلال قياس حجم الإكراهات والتقدم المحرز.
ANAHDA INTERNATIONAL TV