الصحافة و “الفيتو” الجديد

الصحافة و “الفيتو” الجديد

محمد اعويفية

كثيرا ما هلل البعض لحرية الصحافة واعتبروها نصرا مظفرا سينعش حرية التعبير وسيزيد من منسوب الديمقراطية بعدما عانت الصحافة كثيرا ولسنين طويلة من رقابة السلطة التي كان الصراع معها في الغالب محتدما حول حرية الرأي هذه حتى بأقل قدر من النقد.

حرية الرأي من القضايا الشائكة والحساسة المفروض تسليط الضوء عليها خصوصا مع ظهور نوع جديد للرقابة أو الفيتو الذي تمارسه تيارات مندسة في بعض القطاعات ،خوفا من أن تتأثر مصالحها إذ تلجأ إلى كل أشكال الضغط و التضييق المتاحة، لأن ما يكتب في نظرها يدخل في خانة المحضور الممنوع المحرم التطرق إليه أو انتقاده ولو بالتلميح والغمز من أي زاوية شئت تناوله .

لا شك أن لتكميم الأقلام الصادقة وتجفيفها ولو بالمجاملات والمحاباة خسارة كبيرة تدفع ثمنها المدينة بأكملها، كما له أبعاد أخرى مؤثرة تطال السيطرة على الصحافة وتدجينها و المساس بجوهر الحق في التعبير عن الرأي في كل القضايا، و على هذا النحو الجائر يتم منع القارىء عمدا من ممارسة حقه في معرفة الحقيقة وتفاصيل الأحداث ومجريات الأمور في محيطه على الأقل، ليظل بعدها صحبة الصحفي أو الكاتب غرباء قسرا في وطنهم .

الساحة الصحفية “رحبة ” واسعة تتسع للكل إلى درجة أن هناك مواقع صارت نسخ متشابهة كاربونية بلا خط تحرير يميزها ولا صبغة خاصة بها ،خصوصا هنا بآسفي، و لا يمكن الجزم قطعا بأن السبب في ذلك ضعف الأداء وحده، بل غياب الجرأة الكافية و الإستقلالية التامة في اتخاذ القرارات و التحرر من رقابة من هو بمنزلة المانح للحرية و الآمر الناهي المتحكم في النشر أو في حذفه.

المغرب راكم تجربة ديمقراطية مهمة بعد حراك سياسي وإجتماعي مرير شهده لعقود دفع به إلى التميز عن غيره من الدول الإفريقية والعربية في مجال الحريات والحقوق، فمن غير الطبيعي أن نجد اليوم من يقاوم ويحارب هذا المشروع الإصلاحي الكبير و يسعى ليصيب حرية التعبير بالتراجع والنكسة ويسيئ إلى صورة الديمقراطية في البلاد ويشوهها.