المؤسسات البنكية وتقاعسها عن سياسة التنمية البشرية بالمغرب

المؤسسات البنكية وتقاعسها عن سياسة التنمية البشرية بالمغر

بقلم: محمد الحرشي/الصويرة

إذا كان من قطاع لا يعرف الاخفاق والعجز في المداخيل والمصاريف فهو المؤسسات البنكية والمصرفية؛ فمنذ تأسيس اول بنك مغربي اثر الحصول على الاستقلال لم تسجل اي صعوبات في الموازنة العامة لجل الابناك ما عدا بنك العقاري والفندقي في عهد السيد خالد عليوة المدير العام السابق للمؤسسة وما عرفه من خروقات استدعت مراجعات مهمة على المستوى التسيير والتدبير والمراقبة الصارمة لطرق المصادقة على القروض والاستثمارات.
و منذ ذلك الحين بقي دور كل الابناك المغربية او التابعة لفرنسا محصورا في دعم المقاولات الكبرى وتسهيل كل السبل من اجل حصولها على القروض لإنجاز استثماراتها ؛ وفي نفس الوقت بقيت جل المقاولات المتوسطة والصغرى تحت رحمة العلاقات الخاصة مع رؤساء ومديري الوكالات البنكية الذين يسهلون الطريق لمن يترك بقشيشا فوق قيمة القروض الممنوحة.
ومع الوقت تحولت البنوك المغربية المحلية الى اقطاعيات تسير بمزاجية الموظفين البنكيين، همهم الوحيد هو ضبط فوائد القروض والتأكد المطلق من الضمانات في حالة إفلاس صاحب الطلب .
وساد احساس عند الطبقة المهمشة والمتوسطة بالمغرب بمدى قوة الأبناك المغربية والمفرنسة في ضبط إيقاعات كل القطاعات الأخرى كأننا نعيش برأسين: رأس مال الابناك ومن يدور في فلكها المنغلق على نفسه ، غير مهتم بالتنمية البشرية المستدامة ؛ ورأس مال باقي مكونات المجتمع (خصوصا الشباب )الذي يتخبط في فوضى البنيات التقليدية من أسواق عشوائية وباعة جائلين وتهريب منظم وغير منظم وما يستتبع ذلك من رشوة وفساد .
واذا كانت الابناك تتعامل مع الموظفين ببعض المرونة فان ذلك مرده إلى تحكمها في الرواتب بشكل غير مباشر عن طريق القروض ومختلف الاقتطاعات عن الخدمات المختلفة التي تشكل بالنسبة لها مداخيل اضافية مهمة.
وجلالة الملك في خطابه الأخير بمناسبة عيد العرش كرر اكثر من مرة اهمية وضرورة انخراط المؤسسات البنكية في النموذج التنموي الجديد عبر دعم المقاولات المتوسطة والصغرى الخاصة بالشباب والشابات ، انه طلب معقول ومطلوب ومستعجل من الجميع لإخراج المغرب من تخلفه ومختلف التحديات الخطيرة التي تهدد امنه واستقراره.
فلا يعقل ان تراكم الابناك المغربية وملحقاتها الأوربية الأموال وتخصصها للمقاولات الكبرى وتترك الشباب(القنبلة الموقوتة) تائها في دهاليز الفقر والتهميش يبحث عن رأس مال بسيط ممكن ان يساعده على الابتكار وخلق المعجزات.
وهذه الوضعية الشادة غير مقبولة لصياغة النموذج التنموي الجديد ؛ فعلى الأبناك ان تتحمل مسؤولياتها وقسطا من فشل السياسات العمومية التي تتخبط فيها الحكومة الحالية، وعليها ان لا تعول على منتخبين ومنتخبات ليس لهم من رصيد مالي سوى الخطابات المكتوبة والمرتجلة حول التنمية ولا المام لهم بمجال المصارف والأموال وعالم الاستثمارات وإنجاز المشاريع العصرية .
فبدون انخراط الابناك وشركات الإئتمان في نشر ثقافة الاستثمارات ودعم المقاولات الشبابية المتوسطة والصغرى ومتابعة مراحل إنجاز مشاريعها فان التنمية بالمغرب لن تتحقق بل ستعرف بلدنا تراجعات خطيرة على اكثر من صعيد نتيجتها الحتمية مزيد من الاحتجاجات وفوضى عارمة تهدد البلاد والعباد .