المغرب: خروف العيد «ينطح» قبل موعد الأضحى والخوف من الغلاء يقابله تعهد الحكومة بـ«التحكم في الأسعار»

الرباط ـ «القدس العربي»: «ثمن خروف العيد يتجاوز السميك (الحد الأدنى للأجور)»، بهذه العبارة علقت صفحة فيسبوكية تدعى «واقع التربية والتعليم بالمغرب»، على خبر ورد في صحيفة «المساء» المغربية، يفيد بأن المهنيين يتوقعون أن يبلغ متوسط سعر الأضحية 5 آلاف درهم (489,48 دولاراً أمريكياً).
المثير في هذه التدوينة هو التعليقات التي تلتها، حيث انحاز أصحابها إلى عدم تكليف من لا يستطيع شراء الخروف إحياء سنة الأضحية، بينما تحدث آخر عن الإشاعة وصنّف الخبر في هذه الخانة بقوله: «يجب على الدولة أن تتصدى لمثل هذه الإشاعات لأنها تهدد السلم الاجتماعي والاجتماع مع هؤلاء (الخبراء) الذين ينشرون هذه الأخبار وتقديم مبررات هذا الغلاء الفاحش».
بالنسبة لمواطن يبدو أنه من الغاضبين، أكد في تعليقه أن الخروف مهما وصل ثمنه فإنه لن يعيّد، وختم بقوله: «والسلام عليكم»، وفي المقابل ورد تعليق مختلف أنه مجرد «جس النبض ربما»، وأضاف: «أصحاب القرار ليس من مصلحتهم إلغاء الأضحية أو عيد الأضحى لهذا العام»، و»لا تسألوني لماذا!».
وعلق مواطن على التدوينة بقرار نهائي: «الحل هو عدم شراء أضحية وكفى»، بينما الحل في نظر صاحب تعليق جديد موجود «عند المواطن»، موضحاً: «دعوه واتركوه سيعود لثمنه»، لأن «الطلب له دور كبير في ارتفاع الأثمنة».
ورغم تأكيد جميع المغاربة على أن العيد سنة وليس فريضة، ومن لم يستطع فلا لوم عليه، فإن واقع الحال كل سنة عكس تلك القناعات التي تقال هنا وهناك وتكتب على شكل تدوينات، فجلّ المغاربة لا يتأخرون عن إحياء سنّة عيد الأضحى وعيش الأجواء الخاصة بهذه المناسبة بين الروحانيات المعتادة في مثل هذه الأعياد الدينية، وبين المشتهيات التي يوفرها الخروف وتكون سيدة المائدة المغربية خلال أيام الأضحى وما قبله وما بعده أيضاً.
اهتمام المغاربة بعيد الأضحى له ما يبرره في الجانب العقائدي والتشبث بسنة السلف وبواقعة النبي إبراهيم عليه السلام، وفيها أيضاً إحياء لسنة التفاخر بالنسبة للبعض واقتناء أكبر خروف بأكبر «قرون» والقيام بشعيرة الذبح في سطح العمارة السكنية أو غيرها من التجمعات الطارئة في أماكن تخصص لذلك.
بالنسبة لجل المغاربة، فإن التخلف عن الاحتفال بالأضحية لا يتوقف عند لحظة الذبح، بل يتجاوزها إلى ما بعد ذلك عندما تفوح روائح الشواء وخاصة «بولفاف»، وهو عبارة عن الكبد مع الشحم، ويكون أول وجبة يتم تناولها بعد النحر، الأدخنة الدسمة التي تنبعث من النوافذ تفضح بدورها من لا عيد له، لذلك من الصعب جداً على من يجاور الناس في عمارة سكنية مثلاً أو في حي شعبي أن يتجاوز عيد الأضحى وأن يكتفي بالانزواء في منزله والبقاء بعيدًا عن الأعين، فكل العلامات تفضح المحروم الذي لم يستطع أو حتى الرافض لإحياء هذه السنة.
وكما ورد في تعليق على التدوينة سالفة الذكر: «الحمد لله كل سنة يوفق الله تعالى الجميع في نهاية الأمر سواء بالبركة أو بمساعدة أهل الإحسان»، ويضيف كاتب التعليق: «المهم أن المغاربة ولله الحمد يعلمون أن الأضحية ليست لحماً وعادة، بل تقرب إلى الله وطلب للتوبة».
حديث عيد الأضحى هذه السنة يختلف كثيراً عن السنوات الماضية، فالخوف من الغلاء كان مجرد تخمينات وعلم مسبق بنية «الشناقة» وهم فئة من الباعة تعمد إلى رفع السعر داخل الأسواق، أما هذا العام فالأمر يجد مبرره في ما سبق العيد من فترة غلاء شهدتها مختلف المنتجات الغذائية حتى الفلاحية منها، وهو ما جر على الحكومة المغربية سيلاً من الانتقادات لا حصر لها ولم يتوقف طوفانها بعد وكل يوم نسمع ونقرأ منها الشيء الكثير، لذلك فالمغاربة متيقنون من أن ثمن الخروف لن يكون مثل السنوات الماضية، وسيعرف ارتفاعاً بدوره فلن يشكل الاستثناء عن البقية كما قال متتبعون.
من جهتها، عملت الحكومة المغربية على طمأنة الرأي العام، من خلال تصريح للناطق الرسمي باسمها، مصطفى بايتاس، الذي أكد أنها تعمل على ضمان عرض وفير من الأضاحي قبيل العيد على مستوى مختلف نقاط البيع، إلى جانب عدد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في التحكم في الأسعار.
الخبراء في التأويل لم يغفلوا كلمة من تصريح الناطق الرسمي باسم الحكومة، وركزوا على «المساهمة في التحكم في الأسعار» ليخلصوا إلى أن الغلاء آت لا محالة، بينما قال آخرون إن الحكومة ستعمل فعلاً على التحكم في الأسعار والتحقق من عدم ارتفاعها، وليس مجرد تصريح عابر، فالعيد على بعد أقل من شهر ويكون الواقع أمرّ، والأسواق ستنهي الجدل.
وما زاد الطين بلة الخبر الذي أوردته صحيفة «المساء»، حيث يشير إلى أن الحكومة المغربية قررت منح دعم مالي مباشر للمستوردين الذين يستوردون الأكباش بمناسبة عيد الأضحى، بتخصيص مبلغ قدره 500 درهم (حوالي 49 دولاراً) لكل رأس يتم استيراده من الخارج.
على ضفاف هذا الجدل، تنبت مراسلات في تطبيقات مثل «واتساب» التي تحمل أخباراً مرعبة بالنسبة لعموم المواطنين من ذوي الدخل المحدود، وتجد الخروف وبجانبه السعر، والحقيقة أن تلك الأثمنة مخيفة، لكنها ككل عام صارت مثل العادة لدى المغاربة أن يراسلوا بعضهم ويدونوا بما يفيد الغلاء، وفي الأخير واقع السوق يكون عكس ما تم الترويج له بشكل كلي ومختلف تماماً، فهل يصدق تصنيف ما يروج حالياً في خانة المبالغة والإشاعة وجس النبض وخلافه من التهويل، أم إن المسألة بيد السوق وتقلباته وسيدخل في موجة الغلاء التي اجتاحت المغرب أسوة ببقية العالم.
ANAHDA INTERNATIONAL TV