المغرب: رئيسة مجلس حقوق الإنسان تندد في كوبنهاغن بالانتهاكات الإسرائيلية… وحزب «العدالة والتنمية» يطالب بوقف التطبيع

الرباط –«القدس العربي» : يتواصل الانشغال الرسمي والشعبي والحزبي في المغرب بما يتعرض له الشعب الفلسطيني من تقتيل وتهجير في قطاع غزة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، حيث تقود مسؤولة مغربية في مجال حقوق الإنسان جهوداً دولية من أجل الوقف الفوري لإطلاق النار في فلسطين وفرض احترام القانون الدولي وحماية المدنيين.
أمينة بوعياش، رئيسة المجلس الوطني لحقوق الانسان، التي تشغل منصب نائبة رئيس التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، نددت خلال مشاركتها في المؤتمر الـ 14 للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في عاصمة الدنمارك كوبنهاغن، بـ “مواصلة حصار شعب بأكمله، لا يتوقف قصف منازل أهله وملاجئهم ومستشفياتهم ومدارسهم وأماكن عبادتهم”.
المؤتمر المذكور الذي حضرته الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بفلسطين، توج بإصدار بيان متضامن مع فلسطين، يدعو من خلاله التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان لوقف الاقتتال وحماية المدنيين ومد المساعدات العاجلة للفلسطينيين بغزة.
وشددت المسؤولة الحقوقية المغربية على أن هذا “وضع لا يمكن قبول، ولا قبول حرمان أهل غزة من الوصول إلى أساسيات ضرورية من أجل البقاء على قيد الحياة”، لذلك “يجب أن يتوقف هذا الوضع الآن”.
أما البيان المشترك لوكالات الأمم المتحدة (18 وكالة) فقد جدد النداء إلى كافة الأطراف لاحترام جميع التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المدنيين المحتجزين.

حماية المدنيين

وشدد البيان على ضرورة حماية المدنيين والبنية التحتية، بما في ذلك المستشفيات والملاجئ والمدارس وعلى ضرورة دخول مزيد من المساعدات إلى غزة بشكل آمن وعاجل وبالحجم المطلوب ووصولها إلى المحتاجين، وخاصة النساء والأطفال. بيان الوكالات الأممية دعا، شأنه في ذلك شأن بيان التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، إلى الوقف الفوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
على الصعيد الحزبي، وصف الأمين العام لحزب “التقدم والاشتراكية” ما تشهده فلسطين اليوم بـ “حرب إبادة وتطهير عرقي من قبل الكيان الصهيوني”، متهماً الدول الغربية “بتواطؤ مفضوح ومكشوف”، معتبراً ذلك “كارثة إنسانية حقيقية”.
وجاء ذلك خلال كلمة لنبيل بنعبد الله، خلال الجامعة السنوية التي نظمها حزبه أول أمس السبت بالرباط، دعا فيها مكونات اليسار إلى الوعي واليقظة بما يجري والمبادرة إلى رد الفعل المناسب، مجدداً دعم “التقدم والاشتراكية” للشعب الفلسطيني ومندداً “بالعدوان الوحشي للكيان الصهيوني”، مطالباً بـ “إيقاف إطلاق النار على قطاع غزة”. حزب “العدالة والتنمية” عاد مجدداً ليدعو إلى “قطع جميع علاقات الاتصال والتواصل والتطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب وإغلاق ما سمي بمكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط وطرد جميع ممثليه بشكل رسمي”.
ووردت هذه المطالب في بيان للأمانة العامة للحزب الإسلامي، والتي دعت “الدول العربية والإسلامية لتتحمل مسؤوليتها التاريخية واتخاذ كل ما يلزم لنصرة الشعب الفلسطيني الشقيق، والمسارعة إلى قطع كل علاقات الاتصال والتواصل وإنهاء الاتفاقيات الموقعة سابقا معه، والتي لم يعد لها أي معنى في هذا السياق المؤلم والدموي وحرب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي يرتكبها الكيان الصهيوني، فضلاً عن أن أول من نقض ما سمي باتفاقيات أبراهام، وببشاعة هو هذا الكيان، ولم يعرها أي اعتبار وهو يمعن بوحشية في قتل أشقائنا الفلسطينيين، رضعاً وأطفالاً ونساء، ولم يبال بكل الأصوات العربية والإسلامية التي تنادي بوقف العدوان وتنبه إلى مخاطر هذه الحرب”.
وثمّن الحزب المذكور عالياً، خطاب العاهل المغربي محمد السادس، الذي وجهه للدورة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية، والذي أكد فيه أننا “أمام أزمة غير مسبوقة يزيدها تعقيداً تمادي إسرائيل في عدوانها السافر على المدنيين العزل، ويضاعف من حدتها صمت المجتمع الدولي، وتجاهل القوى الفاعلة للكارثة الإنسانية التي تعيشها ساكنة قطاع غزة”.
ونبّه العاهل المغربي إلى أنه “مخطئ من يظن أن منطق القوة يمكنه تغيير هذا الواقع وتلكم الهوية المتجذرة. وسنتصدى له على الدوام، من منطلق رئاستنا للجنة القدس”.
وعادت الأمانة العامة لحزب “العدالة والتنمية” إلى التعبير عن “دعمها الكامل والمطلق للمقاومة الفلسطينية بمختلف أطيافها”، و”تأكيدها على أن عملية طوفان الأقصى هي الرد الطبيعي والمشروع على سياسة الاحتلال الصهيوني الذي يمعن في تقتيل الفلسطينيين واعتقالهم بالعشرات وطردهم من بيوتهم وتدميرها وتوسيع المستوطنات في مخالفة لكل القرارات الأممية، وتدنيس للمساجد والكنائس بلغ حد دخول المستوطنين إلى المسجد الأقصى ومنع المصلين والمرابطين من أداء شعائرهم الدينية، سعياً لتهيئ شروط هدم المسجد وإقامة هيكلهم المزعوم”.
على صعيد التفاعلات التي تشهدها منصات التواصل الاجتماعي، كتب الباحث المغربي الدكتور إدريس الكنبوري، تدوينة علق فيها على القمة العربية الإسلامية التي أقيمت في الرياض السبت، إذ يرى أن الوضع يبدو اليوم معقداً، فالدول العربية التي اجتمعت في القمة قد تمارس نوعاً من الضغط على المقاومة للإفراج عن الأسرى، وبالتالي ستقدم هدية مجانية لإسرائيل على حساب المقاومة، وفق تعبيره.

ضغوط عربية على المقاومة

وبعدما لاحظ أن “مجموعة من الدول العربية في القمة ربطت وقف إطلاق النار بالإفراج عن الأسرى، وحاولت تقديم خدمة للاحتلال”، أوضح أن موقف المغرب تميز بعدم الإشارة إلى هذه النقطة، فبدا موقفه متقدماً على باقي الدول الأخرى. وتساءل الباحث نفسه: هل تخضع المقاومة للضغط العربي وتسلم الأسرى دون صفقة؟ أم ستكون هناك وساطة للتبادل بما يحفظ ماء وجه إسرائيل ويلبي شروط المقاومة في الوقت نفسه؟
وأفاد أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس تحدث عن حل الدولتين وإنشاء دولة فلسطينية في الضفة والقطاع والقدس، ولم يشر إلى القدس الشرقية كباقي الدول العربية. هل يعني ذلك محاولة التقرب إلى الشعب الفلسطيني بعد التحولات الجديدة؟ يتساءل الكنبوري ليجيب: “لا ندري. لكن محمود عباس طرح اقتراحاً وهو تنظيم انتخابات عامة في الضفة والقطاع، وهنا تساءل صاحب التدوينة عن موقع حركة حماس في هذه الانتخابات، هل تمنع من المشاركة بتدخل أمريكي، وماذا لو فازت في هذه الانتخابات بالأغلبية؟
وأكد أن هناك مشهداً جديداً بدأ يتشكل في فلسطين قد يغير قواعد الصراع من جذورها تدريجياً، لأن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر، فالتنظيمات الأخرى ضعفت كثيراً ومنها حركة فتح، والجيل الجديد لا يعرف سوى المقاومة وحركة حماس والجهاد الإسلامي، ولكن منطق الدول العربية مختلف كما ظهر خلال القمة، لأنها حريصة على أن يبقى محمود عباس وأن يكون المحاور الطبيعي في المفاوضات والممثل الوحيد للفلسطينيين، وهذا موقف غير ديمقراطي بالنسبة للفلسطينيين، لأن هذه الدول تحكم على الوضع الفلسطيني من خلال أوضاعها التي تغيب فيها الديمقراطية والانتخابات الحرة، وتفهم الشرعية على أنها تأتي من الأعلى، بينما يفهم الشعب الفلسطيني أن الشرعية تأتي من الأرض؛
ANAHDA TV