المغرب‭: ‬سياسيون‭ ‬وفنانون‭ ‬وإعلاميون‭ ‬يشتكون‭ ‬من‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة

الرباط‭-‬‮«‬القدس‭ ‬العربي‭:‬‮» أمام‭ ‬انتشار‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬التي‭ ‬يشتكي‭ ‬منها‭ ‬سياسيون‭ ‬وفنانون‭ ‬وإعلاميون‭ ‬ومؤسسات‭ ‬وأفراد،‭ ‬بادر‭ “‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭”‬‭ (‬مؤسسة‭ ‬رسمية‭)‬،‭ ‬إلى‭ ‬إنجاز‭ ‬تقرير‭ ‬أكد‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أسباب‭ ‬انتشار‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬محدودية‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية‭ ‬والمادية‭ ‬لمختلِف‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬العمومية‭ ‬ليضطلع‭ ‬بدوره‭ ‬كاملاً‭ ‬في‭ ‬التصدي‭ ‬لانتشار‭ ‬تلك‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة،‭ ‬والنقص‭ ‬الواضح‭ ‬في‭ ‬منصات‭ ‬فعَالة‭ ‬للتحقق‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل،‭ ‬باستثناء‭ ‬بعض‭ ‬المبادرات‭ ‬المعدودة‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الأصابع‭.‬
التقرير‭ ‬الذي‭ ‬اطلعت‭ “‬القدس‭ ‬العربي‭” ‬عليه،‭ ‬نشر‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬آب‭/ ‬أغسطس‭ ‬من‭ ‬الجريدة‭ ‬الرسمية،‭ ‬ليأخذ‭ ‬طابع‭ ‬الصيغة‭ ‬النهائية‭ ‬بخصوص‭ ‬ما‭ ‬تضمنه،‭ ‬ومنها‭ ‬تحميله‭ ‬لجزء‭ ‬من‭ ‬المسؤولية‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬الأخبار‭ ‬الكاذبة‭ “‬إلى‭ ‬محدودية‭ ‬إمكانية‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعلومات‭ ‬الرسمية‭ ‬والمُحَقَّقة،‭ ‬ولعدم‭ ‬نشر‭ ‬البيانات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬حوزة‭ ‬بعض‭ ‬الإدارات‭ ‬بكيفية‭ ‬ممنهجة‭ ‬ومنتظمة‭ ‬أو‭ ‬بطريقة‭ ‬مُحيَّنة،‭ ‬وذلك‭ ‬بالرَّغم‭ ‬مِمَّا‭ ‬يَنُصُّ‭ ‬عليه‭ ‬صراحةً‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬31‭.‬13‭ ‬المتعلق‭ ‬بالحق‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومات‭”.‬
التقرير‭ ‬الذي‭ ‬حمل‭ ‬عنوان‭ “‬الأخبار‭ ‬الزائفة‭: ‬من‭ ‬التضليل‭ ‬الإعلامي‭ ‬إلى‭ ‬المعلومة‭ ‬المؤثرة‭ ‬والمتاحة‭”‬،‭ ‬ذكر‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬بأن‭ “‬انتشار‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬ظاهرة‭ ‬قديمة‭ ‬اتسع‭ ‬نطاقها‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬وسائل‭ ‬الاعلام‭ ‬والتواصل‭ ‬الحديثة‭ ‬ودمقرطة‭ ‬استخدامها‭”‬،‭ ‬مشدداً‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نشر‭ ‬هذه‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬بشكل‭ ‬متعمد،‭ ‬أصبح‭ ‬أداة‭ ‬تستخدم‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬إما‭ ‬لغايات‭ ‬ربحية‭ ‬أو‭ ‬للتأثير‭ ‬على‭ ‬السلوكيات‭ ‬أو‭ ‬للإضرار‭ ‬بالمؤسسات‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬الدول‭.‬
وحرص‭ ‬المجلس‭ ‬على‭ ‬الدعوة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬آفة‭ ‬انتشار‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة،‭ ‬إلى‭ “‬تفعيل‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المعلومة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إقرار‭ ‬إلزامية‭ ‬نشر‭ ‬جميع‭ ‬الوثائق‭ ‬الرسمية‭ ‬العمومية‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬المصادقة‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬موقع‭ ‬الإدارة‭ ‬المعنية‭”. ‬كما‭ ‬اقترح‭ ‬اعتماد‭ ‬رؤية‭ ‬تستند‭ ‬إلى‭ ‬أدوات‭ ‬ومقاربات‭ ‬تكفل‭ ‬حصول‭ ‬المواطنين‭ ‬على‭ ‬المعلومة‭ ‬المؤكدة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تزويدهم‭ ‬بالوسائل‭ ‬التي‭ ‬تمكنهم‭ ‬من‭ ‬رصد‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة،‭ ‬ثم‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬انتشارها‭.‬
وأوصى‭ ‬كذلك‭ ‬بإحداث‭ ‬بوابة‭ ‬رقمية‭ ‬عمومية‭ ‬بهدف‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬صحة‭ ‬المعلومات،‭ ‬واقترح‭ ‬أيضاً‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬لمواقع‭ “‬التحقق‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭” ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صناديق‭ ‬مستقلة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬صندوق‭ ‬الخدمة‭ ‬الأساسية‭ ‬للمواصلات،‭ ‬وذلك‭ ‬لضمان‭ ‬حسن‭ ‬سير‭ ‬هذه‭ ‬المواقع،‭ ‬مع‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬ضمان‭ ‬حِيادها‭ ‬وتعزيز‭ ‬مصداقيتها‭.‬
مشكلة‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬سماها‭ “‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭” ‬بـ‭ “‬الآفة‭”‬،‭ ‬تشكل‭ ‬باستمرار‭ ‬وجعاً‭ ‬في‭ ‬رأس‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬المغربي‭ ‬وخاصة‭ ‬المهنيين‭ ‬في‭ ‬الإعلام،‭ ‬كما‭ ‬تقلق‭ ‬المؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬هدفاً‭ ‬لبعض‭ ‬تلك‭ ‬المنشورات‭ ‬الكاذبة،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬الأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يكونون‭ ‬ضحايا‭ ‬أخبار‭ ‬قد‭ ‬تسلبهم‭ ‬حياتهم‭ ‬بنقرة‭ ‬زر،‭ ‬مثلما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬نجوم‭ ‬الفن‭ ‬الذين‭ ‬ذيع‭ ‬خبر‭ ‬وفاتهم‭ ‬وهم‭ ‬أحياء‭ ‬يرزقون‭.‬
بالنسبة‭ ‬للمجلس،‭ ‬فإن‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬المعلومات‭ ‬سهلت‭ ‬انتشار‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة،‭ ‬وفي‭ ‬المغرب‭ ‬فإن‭ ‬الخبر‭ ‬الزائف‭ ‬يساوي‭ ‬الملاحقة‭ ‬القضائية،‭ ‬لأنه‭ ‬جريمة‭ ‬يعاقب‭ ‬عليها‭ ‬القانون،‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬ذكر‭ ‬تقرير‭ ‬المجلس‭ ‬بأن‭ ‬المحاكم‭ ‬عرض‭ ‬عليها‭ ‬226‭ ‬ملفاً‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الممتدة‭ ‬من‭ ‬2019‭ ‬إلى‭ ‬2022‭.‬
وتوقف‭ ‬المجلس‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬من‭ “‬المفارقات‭ ‬أن‭ ‬المحتوى‭ ‬السلبي‭ ‬يحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬كبير‭”‬،‭ ‬وهنا‭ ‬تطرق‭ ‬إلى‭ “‬دور‭ ‬بعض‭ ‬المؤثرين‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الأخبار‭ ‬الزائفة‭ ‬التي‭ ‬يتزايد‭ ‬مع‭ (‬التفكير‭ ‬السلبي‭) ‬لقسم‭ ‬من‭ ‬المجتمع‭”.‬
الموضوع‭ ‬لم‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬مجرد‭ ‬لحظة‭ ‬عابرة‭ ‬في‭ ‬يوميات‭ ‬المغاربة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مقيم‭ ‬بإقامة‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وتناسل‭ ‬المواقع‭ ‬الالكترونية،‭ ‬خاصة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تراعي‭ ‬المهنية‭ ‬وأخلاق‭ ‬الصحافة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬موضوع‭ ‬انتقاد‭ ‬دائم‭ ‬ومستمر‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬النقابة‭ ‬الوطنية‭ ‬للصحافة‭ ‬المغربية‭ ‬والمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للصحافة‭ ‬ومختلف‭ ‬المهنيين‭ ‬من‭ ‬صحافيين‭ ‬وإعلاميين‭.‬
وكانت‭ ‬هناك‭ ‬محطات‭ ‬فارقة‭ ‬في‭ ‬مسيرة‭ ‬محاربة‭ ‬الخبر‭ ‬الزائف،‭ ‬منها‭ ‬حوادث‭ ‬تناسلت‭ ‬حولها‭ ‬الأكاذيب،‭ ‬وكان‭ ‬لزاماً‭ ‬على‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬ما،‭ ‬لكن‭ ‬معظمه‭ ‬يقف‭ ‬عن‭ ‬غير‭ ‬وعي‭ ‬في‭ ‬صف‭ ‬الإشاعة‭ ‬لأنها‭ ‬تغذي‭ “‬التفكير‭ ‬السلبي‭” ‬الذي‭ ‬تحدث‭ ‬عنه‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭.‬

ANAHDA INTERNATIONAL TV