اليمين يفوز بانتخابات إسبانيا ولكن دون أغلبية مطلقة لتشكيل الحكومة

لندن-“القدس العربي “:

أسفرت الانتخابات التشريعية المبكرة التي شهدتها إسبانيا، الأحد، عن فوز الحزب الشعبي بالمركز الأول متبوعا بالحزب الاشتراكي الذي يتزعم الائتلاف الحكومي، غير أن النتائج لا تسمح لأي حزب بتشكيل الحكومة المقبلة بسهولة.

وجاءت هذه الانتخابات سابقة لأوانها بعد أن خسر الحزب الاشتراكي الانتخابات البلدية خلال نهاية مايو/ أيار الماضي. وحصل الحزب الشعبي المتزعم للمعارضة على 136 مقعدا بقرابة 33%، حيث تقدم بـ47 مقعدا مقارنة مع الانتخابات التشريعية الأخيرة. وحصل الحزب الاشتراكي على 122 مقعدا بحوالي 32%، وتقدم بمقعدين عن الانتخابات الأخيرة. ولا يتعدى الفارق بين الحزبين 200 ألف لصالح الحزب الشعبي بحصوله على 7 مليون و800 ألف صوت، والاشتراكي على قرابة 7 مليون و600 ألف صوت.

وحصل حزب فوكس المتطرف على 33 مقعدا، حيث خسر 19 مقعدا، ويشكل هذا تراجعا كبيرا على مستوى الأصوات والمقاعد. بينما حصل حزب سومار اليساري الراديكالي على 31 مقعدا وخسر أربعة مقاعد، وهي خسارة طفيفة ومقبولة. وحصل كل من الحزبين على قرابة 3 ملايين صوت.

وحصل اليمين بشقيه المعتدل والمتطرف على 169 مقعدا ويحتاج الى سبعة أصوات لتشكيل الحكومة المقبلة، ويجد صعوبة في إقناع الأحزاب الصغيرة لتأييده ومنحه الأصوات المرجوة.

وحصل ائتلاف اليسار الى 155 مقعدا، ويحتاج إلى 21 صوتا من الأحزاب الإقليمية لتشكيل الحكومة. وتذهب التحاليل أن تشكيل الحكومة يبقى مفتوحا على كل الاحتمالات، ويمكن لائتلاف اليسار أن ينجح في تشكيل الحكومة وبالتالي البقاء في السلطة، كما يمكن لائتلاف اليمين أن يشكل الحكومة المقبلة، إذا امتنعت بعض الأحزاب الصغيرة عن التصويت حول رئاسة الحكومة.

ومن ضمن ما حملته هذه الانتخابات هو عودة الحزب الشعبي والحزب الاشتراكي بقوة وتراجع الأحزاب التي برزت خلال العشر سنوات الأخيرة وهي سومار وريث بوديموس اليساري وفوكس القومي اليميني المتطرف. ورغم عودة القطبية، لا يمكن لأي حزب منهما تشكيل الحكومة لوحده، وستشهد إسبانيا مجددا ائتلافا حكوميا سواء من اليمين أو اليسار.

وكانت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات تقدم نتائج قريبة من التي أسفرت عنها صناديق الاقتراع، لكن استطلاعات الرأي عند أبواب مراكز التصويت، لم تكن دقيقة لأنها منحت الحزب الشعبي تقدما كبيرا، ومنحت اليمين الأغلبية المطلقة، في حين جاءت النتائج الرسمية مختلفة بعدم منح اليمين الأغلبية المطلقة.

وكانت استطلاعات قد أفادت بأن الحزب الشعبي سيكون قادرا على تشكيل حكومة من خلال التحالف مع حزب فوكس اليميني المتطرف.

وكان من شأن سيناريو كهذا أن يعيد اليمين المتطرف إلى السلطة في إسبانيا للمرة الأولى منذ نهاية ديكتاتورية فرانكو قبل نحو نصف قرن (1975).

بعدما ارتفعت نسبة الإقبال 2,5% في منتصف النهار، بلغت عند الرابعة بعد الظهر بتوقيت غرينيتش 53,12% في مقابل 56,85% في انتخابات 2019، ويُفسَّر التراجع بإقبال الناخبين على التصويت في ساعات الصباح تجنبا للحرارة.

ولا تشمل النسبة 2,47 مليون ناخب من أصل 37,5 مليونا صوتوا بواسطة البريد، وهو رقم قياسي بسبب إجراء الانتخابات للمرة الأولى في عز موسم الصيف.

“حقبة جديدة”
وبعد الإدلاء بصوته في وسط مدريد، صرّح زعيم الحزب الشعبي نونييس فيخو (61 عاما) بأنه يأمل في أن تبدأ إسبانيا “حقبة جديدة”.

بدوره، قال رئيس حزب فوكس سانتياغو أباسكال إنه واثق من أن الانتخابات “ستتيح تغيير المسار في إسبانيا”.

أما رئيس الوزراء الاشتراكي سانشيز فقال للصحافة إن هذه الانتخابات “مهمة جدا (…) للعالم وأوروبا”.

وأعلنت وزيرة العمل المنتهية ولايتها يولاندا دياز، زعيمة حزب سومار اليساري الراديكالي وحليفة سانشيز، أن “هذه الانتخابات هي الأهم بالنسبة لأبناء جيلي”، مضيفة أن نتيجتها “ستحدد ملامح العقد المقبل”.

ومع اقتراب الانتخابات الأوروبية المقررة في 2024، سيشكل فوز اليمين، وربما مشاركة اليمين المتطرف في الحكم في رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، بعد انتصاره في إيطاليا العام الماضي، ضربة قاسية لأحزاب اليسار الأوروبية.

وستكون لذلك رمزية كبيرة في ظل تولي إسبانيا حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي.

وكان فيخو يعوّل على كسب 176 مقعدا ما يمنحه الغالبية المطلقة في مجلس النواب، لكن أي استطلاع لم يتوقع هذه النتيجة.

وشريكه المحتمل الوحيد هو حزب فوكس اليميني المتطرف الذي تأسس عام 2013 إثر انشقاق في الحزب الشعبي الذي يحكم حاليا ثلاثا من أصل 17 منطقة في إسبانيا.

“ليس مثاليا”
لم يكشف فيخو نياته بشأن فوكس، وصرح في مقابلة مع صحيفة “إل موندو” الجمعة “قبل يومين من الانتخابات، يجب ألا يقول المرشح من سيتحالف معه”، مقرا رغم ذلك بأن تشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب اليميني القومي “ليس مثاليا”.

وجعل سانشيز (51 عاما) الذي دفعته هزيمة اليسار في انتخابات محلية إلى الدعوة إلى هذا الاقتراع المبكر، من التحذير من وصول اليمين المتطرف إلى السلطة محور حملته الانتخابية.

وقال رئيس الوزراء المنتهية ولايته في مناظرة تلفزيونية، الأربعاء، إن تشكيل حكومة ائتلافية بين الحزب الشعبي وفوكس “ليس انتكاسة فحسب لإسبانيا” على صعيد الحقوق بل “انتكاسة خطرة للمشروع الأوروبي”.

ورأى أن البديل الوحيد لمثل هذه الحكومة الائتلافية هو الإبقاء على الائتلاف اليساري الحالي الذي شكل في 2020 بين حزبه الاشتراكي واليسار الراديكالي.

(القدس العربي ووكالات)ANAHDA INTERNATIONAL TV