باحثون مغاربة يستحضرون دلالات الاحتفال بالسنة الأمازيغية

 

 

على بُعد يومين من حلول السنة الأمازيغية الجديدة 2967، احتفل مركز تكوين المفتشين بمدينة الرباط بهذه المناسبة، بتنظيم ندوة شارك فيها عدد من الفاعلين الذين تناولوا دلالات الاحتفال بالسنة الأمازيغية.

الحسين أيت باحسين، باحث في المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، استهلّ مداخلته بالحديث عن الدلالات الثقافية والتاريخية والدينية للاحتفال بـ”إيضْ إيناير”، وقال إنّ هذه المناسبة تعبّر عن التضامن والتآزر السائدين بين الأمازيغ، خاصة وأنها تأتي في فصل الشتاء؛ حيث تندرُ المؤونة، لاسيما في المناطق النائية، مُعتبرا أنّ القيمة الجوهرية للاحتفال برأس السنة الأمازيغية هي التضامن.

وأردف أيت باحسين أنّ الاحتفال برأس السنة الأمازيغية تحوَّل من احتفال شعبي وأسَري، سواء في المغرب أو في بلدان شمال إفريقيا، وانتقل من داخل أسوار المنازل إلى مقرات الجمعيات، وإلى الفضاءات العامّة، خاصة في المناطق الحضرية، بعد الزخم الذي عرفه عمل هذه الجمعيات، وكذا في أوروبا وأمريكا حيث تتواجد جاليات من شمال إفريقيا.

واعتبر المتحدث أنَّ ما يميّز تقويم السنة الأمازيغية هو أنه تقويم مرتبط بالأرض، بيْنما التقويمات الأخرى هي شمسية وقمرية؛ “أيْ إنها سماوية ومرتبطة بالجانب الديني، بيْنما السنة الأمازيغية لها بُعْد بيئي”، يقول المتحدث”، مشيرا إلى أنَّ النّدرة في الزّاد والمؤونة خلالَ فصل الشتاء تجعلُ الفلاّح يلجأ إلى تدبيرها، لافتا إلى أنّ هذا “لا يعني البُخل، بل التكيّف مع أحوال الطبيعة والتضامن بين الناس”.

وتطرّق أيت باحسين إلى ظروف نشأة الحركة الأمازيغية، قائلا إنّها بدأت في التشكّل بعد انتقال عدد من المناضلين الأمازيغ إلى الحواضر الكبرى والتحاقهم بالجامعات؛ “حيث وجد هؤلاء أنّ لغتهم مهمّشة في التعليم ومقصية من المؤسسات، وأنّ ثقافتهم جرى تبخيسها والتقليل من شأنها، وأنّ تاريخهم تمّ تحريفه، فأخذت الحركة الأمازيغية على عاتقها مهمّة الحفاظ عليها وصيانتها”، يقول المتحدث.

من جهته تطرق جامع ولعين، مفتش تربوي، إلى الجهود المبذولة في مجال تدريس اللغة الأمازيغية، بعد التهيئة اللغوية سنة 2003، موضحا أنَّ تدريسها تأسس على مجموعة من المرجعيات التربوية والسياسية والثقافية، ويرتكز تدبير الغلاف الزمني المخصص لها على خمسة أنشطة متفاعلة لتحقيق الكفايات المستهدفة، وهي التواصل الشفوي، والقراءة، والكتابة، والتوظيف اللغوي، وأنشطة الثقافة والتفتّح.

وفي ما يتعلّق بحرف “تيفيناغ” الذي تُدرّس به اللغة الأمازيغية، قال ولعين إنَّ التلاميذَ تُقدَّم لهم ثلاثة حروف في حصّة واحدة، ويستوعبونها بيُسْر؛ وذلك بالاعتماد على الطريقة الوصفيّة، لكوْن حروف تيفيناغ تشبكه أشكالا هندسية، وهو ما يسهّل فهمَها من طرف التلاميذ بالاستعانة بالوصف، وبعد ذلك يتمُّ استيعاب معانيها من خلال النصوص.

وتناول الباحث حميد صدقي في مداخلته مسألة معيرة اللغة الأمازيغية، مُنتقدا معارضي اللغة المعيارية، موضحا أنّ توحيدها “سيجعل الناس في الشمال وفي الجنوب وفي كل مناطق المغرب يتحدثون أمازيغية موحّدة”، مُبرزا أنّ الباحثين في السابق كانوا ينطلقون في اشتغالهم على هذا الموضوع من لهجاتهم المحلية، قبل أن يتأسّس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، الذي وضع أسس لغة معيارية هي التي يتمّ تدريسها.