بعد قرار المحكمة العليا إلغاء الحق بالإجهاض هل بات زواج المثليين مهددا؟

نيويورك: بعد صدور قرار المحكمة العليا بإلغاء الحق في الإجهاض، يتخوف الناشطون والحقوقيون من أن يخضع زواج المثليين بدوره للمراجعة بعد أن شُرع في كافة أنحاء البلاد منذ 2015.

وبعد كشف مسودة المحكمة العليا حول إلغاء حق النساء في الإجهاض المكرس بموجب حُكم تاريخي صدر في 1973، قال الرئيس جو بايدن إن هذا قد يؤدي إلى إعادة النظر في “كل القرارات المتعلقة بالحياة الخاصة” للأمريكيين و”مجموعة اخرى من الحقوق”.

وتحدث عن منع الحمل وتشريع الزواج للجميع.

في نيويورك، المدينة التي تميل إلى اليسار والمعقل التاريخي للحركات الداعمة للأقليات “نشعر بالقلق بالطبع” كما صرح لوكالة فرانس برس تريفون مايرز من The Center وهي جمعية الدفاع عن مجتمع الميم، الذي يضم بشكل خاص المثليين والمتحولين جنسيًا، مؤكدا “هذا الأمر يذكرنا بأن أمننا ليس مكتسبًا على الاطلاق”.

مساء الثلاثاء في مانهاتن عبر آلاف الرجال والنساء عن “غضبهم” وأكدوا عزمهم “النضال” من أجل الحق في الإجهاض وكذلك دفاعا عن حقوق مجتمع الميم.

“دور من الآن؟”
وقالت المدعية العامة لولاية نيويورك ليتيسيا جيمس النائبة الديموقراطية والقاضية الأمريكية من أصل افريقي “على من الدور الآن؟”. وهي تعتبر أن الحقوق الدستورية الأمريكية الأساسية تسمح لكل فرد “بالزواج ممن يريد” و”أن يكون لمجتمع الميم حقوق”.

وزواج المثليين وهو قضية حساسة للغاية في الولايات المتحدة، شُرع على المستوى الوطني منذ صدور قرار من المحكمة العليا في حزيران/يونيو 2015: وبالتالي بات معمولا به في الولايات الفدرالية الخمسين، بما في ذلك في أكثر من نصف الولايات وخاصة الجنوبية التي كانت تحظره في دساتيرها.

وإذا نجحت المحكمة العليا التي تضم ستة قضاة محافظين من أصل تسعة، في إلغاء الحق في الإجهاض في حزيران/يونيو، يخشى محامون في نيويورك قابلتهم وكالة فرانس برس من أن تفعل المحكمة العليا الأمر نفسه مع حقوق فردية أخرى كزواج المثليين.

ولتأكيد مخاوفهم، يستند هؤلاء الخبراء إلى مسودة قرار المحكمة العليا التي صاغها القاضي المحافظ صامويل آليتو وكان لنشر صحيفة “بوليتيكو” الإثنين مضمونها وقع مدو.

الحق في الإجهاض “لا أساس له منذ البداية”
في 1973 أصدرت المحكمة العليا في ختام نظرها في قضية “رو ضدّ ويد” حُكماً شكّل سابقة قضائية إذ إنّه كفل حقّ المرأة في أن تنهي طوعاً حملها ما دام جنينها غير قادر على البقاء على قيد الحياة خارج رحمها، أي لغاية حوالي 22 أسبوعاً من بدء الحمل.

وكتب القاضي آليتو أن الحق في الإجهاض الذي كرسه الدستور في احترام الحياة الخاصة “لا أساس له منذ البداية” مضيفًا أن الحق في الإجهاض “لا يحميه أي بند من أحكام الدستور” الأميركي.

من المسلم به وفقًا لخبراء أن التعديل الرابع عشر للدستور الذي تمت المصادقة عليه عام 1868، لا يشير بتاتا إلى حقوق أساسية محددة. لكنه يحظر على الدولة “حرمان أي فرد من حياته أو حريته أو ممتلكاته دون إجراءات قانونية صحيحة”.

وتستند أحكام المحاكم الأمريكية منذ سنوات إلى هذه البنود لضمان الحقوق والحريات الفردية مثل منع الحمل والإجهاض وزواج المثليين.

لكن وفقًا للقاضي آليتو لكي تكون هذه الحقوق مضمونة يجب أن تكون “متجذرة بعمق في تاريخ وتقاليد هذه الأمة”. وهذا لا ينطبق على الإجهاض وفقا لآليتو الذي أشار إلى أن “ثلاثة أرباع الولايات (الأمريكية) كانت تعتبر الإجهاض جريمة في جميع مراحل الحمل” لدى صدور التعديل الرابع عشر.

“إلغاء حقوق”
وكتب القاضي في محاولة لتبديد أي سوء فهم ان هذا القرار المحتمل “يتعلق بالحق الدستوري في الإجهاض وليس بأي حق آخر”.

لكن مع مثل هذا المنطق القانوني، لا يزال بإمكان المحكمة العليا “إلغاء حقوق دستورية تعتبرها أجيال من الأمريكيين مكتسبة” على حد قول الأستاذة في الحقوق في جامعة كولومبيا كاثرين فرانك.

وتضيف “ليس فقط الإجهاض بل منع الحمل وزواج المثليين أو حتى تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج أو بين أشخاص من الجنس نفسه”.

ويرى زميلها من كلية الحقوق في نيويورك آرثر ليونارد أن “الرغبة موجودة (…) لمحاولة إثارة هذه القضايا أمام المحكمة العليا”.

وقال لوكالة فرانس برس إن “هناك أفرادا يمينيين في الولايات المتحدة- الكثير منهم لأسباب دينية والبعض لأسباب أخلاقية- يعارضون الزواج أو الجنس بين أفراد الجنس نفسه”.

(أ ف ب)