تصعيد إسرائيلي بالغارات والقصف على جنوب لبنان بعد نجاح حزب الله في استهداف مواقع الاحتلال وتحقيق إصابات-

اتسعت رقعة المواجهات بين حزب الله وإسرائيل في الساعات القليلة الماضية وشهدت الجبهة الجنوبية تصعيداً ملحوظاً بعد مقتل وجرح إسرائيليين، وأعلن الإعلام الحربي في حزب الله أنه “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وتأييداً لمقاومته الباسلة والشريفة، قام مجاهدو المقاومة الإسلامية عند الساعة (12:25) من يوم الأحد باستهداف قوة لوجستية تابعة لجيش الاحتلال كانت بِصدد نصب أعمدة إرسال وأجهزة تنصت وتجسس في تجمع مُستحدث قرب ثكنة دوفيف وأوقعوا فيها إصابات مؤكدة بين قتيلٍ وجريح”.

كما أعلن “أن مجاهدين استهدفوا جرافةً لجيش العدو الإسرائيلي قرب ثكنة دوفيف ما أدى إلى تدميرها ‏ومقتل طاقمها ووقوع عدد من الإصابات المؤكدة بين الجنود المتواجدين حولها بين قتيل وجريح”.

ونشر الإعلام الحربي مشاهد من عملية استهداف تموضع لجنود الجيش الإسرائيلي قرب موقع العاصي مقابل بلدة ميس الجبل، وتحدث عن استهداف قوة مشاة إسرائيلية في بركة ريشا بالأسلحة المناسبة محققاً إصابات مباشرة.

واعترفت إذاعة جيش الاحتلال بسقوط صاروخ في منطقة مفتوحة بالجليل الغربي على الحدود، وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى “إطلاق صاروخ مضاد للدروع من لبنان تجاه منطقة “يفتاح” في الجليل الأعلى”، في وقت أفادت قناة “المنار” عن “اندلاع النيران بثكنة دوفيف الإسرائيلية عند حدود القطاع الأوسط بعد استهدافها بالصواريخ الموجهة”.

وكتب المتحدث باسم جيش الاحتلال الاسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة “إكس” “أصيب سبعة جنود بجروح طفيفة نتيجة سقوط قذائف هاون في منطقة منارة حيث تم نقلهم لتلقي العلاج الطبي”.

وقد رد جيش الاحتلال بقصف جوي ومدفعي، واستهدفت إحدى الغارات التلال المشرفة على سهل الخردلي لناحية النبطية الفوقا وكفررمان واستهدف غارة أخرى أطراف عيتا الشعب وسيارة فان في بلدة حولا. وسًجل قصف عنيف على أحد الأحراج غربي مرجعيون والقليعة بعد قصف استهدف أطراف بلدتي شيحين وأم التوت في القطاع الغربي وأطراف رامية وبيت ليف ومروحين والضهيرة والبستان. كما طال القصف مرتفعات حلتا وكفرشوبا في القطاع الشرقي وأطراف بلدة يارون ورأس الناقورة، وألقت مدفعية الاحتلال قذائف ضوئية في منطقة “الوسطاني” في أطراف بلدة شبعا اضافة إلى قذائف حارقة طالت محيط حولا وميس الجبل. وأصيب ثلاثة مواطنين بجروح باستهداف مباشر لمنزل في يارون التي تعرضت أطرافها لسقوط حوالي 250 قذيفة.

ورداً على التصعيد الإسرائيلي، أطلقت صواريخ من الأراضي اللبنانية في اتجاه الجليل ولم تنجح القبة الحديدية في اعتراضها، وأفاد أدرعي أنه “تم رصد إطلاق نحو 15 قذيفة من لبنان نحو إسرائيل حيث اعترضت الدفاعات الجوية أربعة منها”.

ونعى حزب الله في بيان المجاهد حسين علي حرب “مختار الثقفي” من بلدة سحمر في البقاع الذي ارتقى شهيداً على طريق القدس.

في المقابل، نقلت قناة “الجزيرة” عن الإسعاف الإسرائيلي تأكيده “وجود 6 مصابين حالة أحدهم حرجة إثر سقوط صاروخ مضاد للدروع من لبنان تجاه موكب من المركبات في منطقة دوفيف”. ولفت رئيس بلدية مستوطنة مرغليوت هونين إلى “أن حزب الله يجلس على سياجنا ويطلق النار علينا من كل الاتجاهات، ويصطادنا مثل البط على الحدود”، كاشفاً أنه “تم إجلاء معظم السكان القريبين من الحدود ولن يتمكنوا من العودة طالما حزب الله باق ويعرّض سلامتهم للخطر”.

ميقاتي وتصرّف الحزب
في المواقف، رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي “أن حزب الله يتصرف بوطنية عالية”، وقال في حديث إلى قناة “الجزيرة” “أنا مطمئن على عقلانيته، وما يهمني أن يبقى لبنان بعيداً عن الحرب ونتطلع دائما إلى الاستقرار”.

ولفت ميقاتي إلى “أن الحكومة وضعت خطة طوارئ لثلاثة أشهر مقبلة إذا حصلت أي حرب في لبنان”، مؤكداً “أننا لسنا هواة حرب ولن نقوم بأي خطوة لإشعال مزيد من الحروب في المنطقة”، مشدداً على “تمسك لبنان بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ويؤكد عليها”، وقال “إن الحذر موجود ونأمل أن تؤدي الاتصالات إلى وقف إسرائيل إطلاق النار في جنوب لبنان”.

وختم مطالباً “بوقف إطلاق النار في غزة بأسرع وقت ممكن، ولا يجوز بأي شكل من الأشكال أن يستمر نزف الدماء في غزة بسبب الوحشية والمجازر”.

وكان الرئيس ميقاتي الذي استقبل وفداً من نواب المعارضة لعرض موقفهم الداعي إلى تحييد لبنان عن الحرب وتطبيق القرار 1701، لفت في كلمته أمام القمة العربية في الرياض إلى “أن ما يشهده جنوب لبنان حالياً من أحداث، وإن اعتُبِرَتْ في العمق صدىً للمآسي في قطاع غزة، ليست في حقيقتِها سوى نتيجةٍ لتفاقم اعتداءات إسرائيل على السيادة الوطنية وخرقها المستمر والمتمادي للقرار الدولي رقم 1701″، وقال “لقد بادرت شخصياً منذ اندلاع أحداث غزة إلى إطلاق النداءات العلنية للحفاظ على الهدوء ولضبط النفس على الحدود الجنوبية، ووجَّهْت التحذيراتِ، من تمدد الحرب التدميرية في غزة إلى جنوب لبنان، ومنه إلى المنطقة”.

ميقاتي مطمئن إلى عقلانية الحزب.. الراعي يتبنّى مقررات قمة الرياض وجنبلاط لحل الجامعة العربية

وتعليقاً على مقررات القمة العربية والاسلامية، انتقد الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط نتائج هذه القمة، وكتب على منصة “إكس”: “بعد انعقاد مؤتمر الدول العربية والاسلامية والذي لم ينجح حتى في فتح معبر رفح وفي انتظار تدمير ما تبقى من مستشفيات في غزة وقتل من فيها وبعد رفض استخدام سلاح النفط كما جرى في 1973 وبعد عجز سحب السفراء من إسرائيل اقترح وقف الدعوة لمؤتمرات القمة وحل الجامعة العربية”.

من جهته، رأى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان “أن غزة لا تعني العرب، وأن العرب بالسر غيرهم بالعلن، وأن القمة العربية الإسلامية انتهت لخلاصة مفادها ترك غزة لله”، واعتبر “أن العد العكسي للحرب بدأ وإسرائيل خسرت الحرب، ومطلوب لبنانياً التمرد على واشنطن وأبواقها والانخراط بتسوية رئاسية”، قائلاً “الحرب التي تجري على الحدود الجنوبية يجب حمايتها بالمجلس النيابي، والمجلس النيابي ضمانة المصالح الوطنية العليا وليس لعبة حظ، والقصف العشوائي على المجلس النيابي يساوي القصف على لبنان وغزة”.

وأضاف “كفانا تضييعاً للمصالح الوطنية وإصراراً على الزواريب الطائفية، ومن يشجب الحرب الصهيونية عليه أن يطبق لوازمها في لبنان، وما تقوم به المقاومة فعل وجودي للبنان وواجب كل القوى السياسية ملاقاتها بثمن وطني تعبّر عنه تسوية وطنية تليق بإنجازات المقاومة”.

أما البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فتبنى “مضمون بيان قمة الرياض”، وأمل “أن تعمل الدول العربية والإسلامية على تنفيذ بنوده، فيكون حكامها صانعي سلام بشجاعة، ملتزمين بقرار المبادرة العربية للسلام التي تم إعلانها في قمة بيروت عام 2002، والتي تبنت حل الدولتين، كمدخل للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط”، وأعلن الراعي “شجبه وإدانته مرة أخرى الحرب الإبادية الوحشية على قطاع غزة، والتدمير المبرمج للمنازل والمدارس والمستشفيات، والكنائس والمساجد بهدف طرد الفلسطينيين من أرضهم، والقضاء على قضيتهم بعد خمس وسبعين سنة”، وقال “هذه الحرب الإبادية الوحشية الخالية من أي روح إنساني، والحصار الذي يمنع وصول الماء والغذاء والدواء لمليون ونصف من المهجرين من دون سقف، يشكلان وصمة عار في جبين هذا الجيل وأمراء هذه الحرب”، معرباً “عن التضامن مع الفلسطينيين والاصرار على أن الحل الوحيد، على المدى القريب والبعيد، هو قيام الدولتين”.

نصر الله وارتقاء العمليات
وكانت الكلمة الثانية التي ألقاها الأمين العام لـحزب الله السيد حسن نصر الله استكملت معادلة المشاغلة والمساندة على الحدود الجنوبية لجيش الاحتلال. وخاطب نصر الله الأمريكيين بالقول: “إذا أردتم أيها الأمريكيون أن تتوقف العمليات في جبهات المساندة وألا تذهب المنطقة إلى حرب إقليمية، عليكم أن توقفوا العدوان والحرب على غزة”.

وأكد “أن عمليات المقاومة الإسلامية مستمرة على الرغم من كل إجراءات الاحتلال الوقائية”، مشيراً إلى أنه “حصل ارتقاء في عمليات المقاومة على مستوى العمل الكمّي وفي نوعية السلاح، كاستخدام المسيّرات الهجومية ونوع الصواريخ، وأن المقاومة بدأت باستخدام صواريخ “بركان” التي يصل وزنها إلى نصف طن في عملياتها”.

وفي سياق متصل، أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين “التمسك بأن معادلة القتل سيقابلها قتل مع العدو والمدني مقابل المدني”، واعتبر “أن الأمن والأمان يُصنعان بسلاحنا ودمائنا وبمقدراتنا، وإذا كان هدف العدو إخافتنا من خلال إجرامه فعليه أن يدرك أن هذه المشاهد تجعل الناس أكثر تمسكاً بالمقاومة من أجل ردعه، والعدو لن يتوانى عن إلحاق الدمار بلبنان والثأر منه لكنه مرتدع بسبب معادلات المقاومة”.
بيروت- “القدس العربي”:
ANAHDA INTERNATIONAL TV