توضيح وبيان بخصوص “صفقة دور القرآن” بين الشيخ الفاضل أبي سهل المغراوي وحزب الأصالة والمعاصرة

مصطفى عديسة

بعد تسرب التسجيل الصوتي للشيخ محمد بن عبد الرحمن المغراوي -حفظه الله- رئيس جمعية الدعوة إلى القرآن والسنة بمراكش، يدعو فيه مدرسي ورواد دور القرآن التابعة لجمعيته بالتصويت على حزب “الأصالة والمعاصرة”، لأجل تحصيل مصلحة استمرار فتح دور القرآن، كتب طلبة الشيخ محمد بوخبزة، الأساتذة طارق الحمودي وعادل خزرون وفؤاد الدكداكي، هذا البيان كما جاء في هوية ابريس:

“بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فبعد التأكد من صحة ما نسب إلى الشيخ الفاضل أبي سهل المغراوي حفظه الله تعالى، والذي ذُكر فيه الصفقة التي تمت بينه وبين حزب الأصالة والمعاصرة العلماني، والتي تقوم على فتح هذا الأخير دور القرآن التابعة لجمعيته في مقابل دعوة المشتغلين في الجمعية إلى التصويت على الحزب يوم الجمعة المقبل، وكذا دعوة أقاربهم ومعارفهم لذلك، مع تصريحه بأن من لا يوافق على هذا التعاقد فهو خائن للقرآن ولدور القرآن، وقد كنا أول الأمر شاكين في صحة ما نسب إليه من ذلك، وقد جالسنا شيخنا محمد بن الأمين بوخبزة، شيخ الدعوة السلفية في شمال المغرب، وعرضنا عليه هذا في جلسة خاصة، فأبدى استنكارا مستغربا من صدور هذا من الشيخ المغراوي مفسرا ذلك بطبيعة حالة المغرب اليوم.
لا يسعنا إلا أن نتبرأ من اجتهاد الشيخ المغراوي حفظه الله ووفقه، ففي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خالد بن الوليد سيف الله المسلول في خطأ قتل: “اللهم إني أبرأ إليك مما فعل خالد”، وقال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين في مسألة استنكرها على شيخ الإسلام الهروي في منازل السائرين: “شيخ الإسلام حبيب إلى قلوبنا ولكن الحق أحب إلينا منه”.
لا نشك في أن الشيخ الفاضل أبا سهل المغراوي حفظه الله كان يُنَظِّر مجتهدا لاختياره وفق قاعدة المصلحة والمفسدة، ولم يكن له فيها غرض شخصي ولا دنيا تصاب، ولكنه حفظه الله تعالى جانب الحق وخالف الصواب، وكل يؤخذ من كلامه ويرد إلا الأنبياء، ونحن على قول شيخ الإسلام ابن تيمية: “من جعل كل مجتهد في طاعة أخطأ في بعض الأمور مذموما معيبا ممقوتا، فهو مخطئ ضال مبتدع”، وهذا الحزب المعروف بـ”البام” لا يؤتمن على عهد، ولا يوثق له على عقد، وهو حزب صنع لمحاربة الإسلاميين كما قال أمينه العام إلياس العماري، ويعني ذلك عنده محاربة عقائد الإسلام على أنها خرافات، وشرائعه على أنها مخلفات الماضي، وظاهر أن من يستطيع فتح دور القرآن هو من أغلقها أو سعى في إغلاقها.
دعوتنا إلى كل العقلاء، من المقدرين للشيخ حفظه الله، والمحبين له، من طلبته ومتابعيه بالحق، أن لا يستجيبوا لطلبه، إكراما له، ونصرة له بكفه عن الخطأ، فقد بان بأن حزب الأصالة والمعاصرة هو من سعى في إغلاق دور القرآن، وحرمان الناس منها مدة من الزمن بطريقة ما، وأنهم لن يتورعوا عن إغلاقها مرة أخرى، فقد ظهر لهم عدوهم وعدو دور القرآن، فليمنعوه عن دعوتهم ودينهم، فالذي نأمله في إخواننا أن لا يكون هذا سببا للخصومة والتنازع، وليجتمعوا على ما يجمعنا من أصول وقواعد، بمراعاة الأدب الملفوف بالمحبة والتوقير، دفعا لمؤامرات التفريق الشيطانية.
قد يكون لهذه القضية آثار عكسية لما يرجوه حزب الأصالة والمعاصرة، فينبري رواد دور القرآن التابعة للشيخ إلى التصويت للعدالة والتنمية، ويدعون الناس إلى ذلك -فما فعله حزب “البام” طعنة في ظهر- إظهارا للمؤازرة والمساندة ضد من يتلاعب بقضية دور القرآن، وكفا للألسنة، وإحقاقا للحق، ونصرة للتاريخ والهوية، ومع توقيرنا الكامل للشيخ الفاضل الصادق بإذن الله تعالى أبي سهل المغراوي نستنكر هذا الاجتهاد، ونتبرأ منه لا من الشيخ الحبيب إلى قلوبنا لما معه من التوحيد والسنة، ولما بذله عمرَه في خدمتهما، فهو محفوظ القدر والمقام، ونسأل الله تعالى أن يهديه للحق ليرجع إليه، فإن حصل منه ذلك زاد قدره عندنا، وهو أهل لذلك، وإلا فالحق أحق بالنصرة.
قد ظهر أن حزب الأصالة والمعاصرة يستغل حب الناس للقرآن، ويفاوضهم عليه ليصوتوا عليه، وهذا إجرام قبيح، ونذالة سياسية، ومثل هذا الحزب صاحب هذه الأخلاقيات المنحطة لا يصلح لتسيير الشأن العام، ونحن نتوقع أن ينكر الحزب حصول هذه الصفقة بينه وبين الشيخ المغراوي، لأن أئمة القوم لا عهد عندهم، ولا نبل فيهم، ولسنا نستبعد أن يعاقبهم المغاربة على هذا في الصناديق، فليست هذه الطعنة مفردة، خصوصا رواد دور القرآن في مراكش وغيرها، بأن يسعوا إلى توعية أقاربهم وأصحابهم بوجوب التصويت ضد الحزب لصالح الأصلح في نظرهم أيا كان ممن لا يهدد هوية البلاد وأمن العباد.
ونرجو من إخواننا وأخواتنا، كف ألسنتهم عن الشيخ، فما قدمه من عمره وماله وجهده وشبابه قد لا يصل أحدنا إلى عشر معشاره اليوم، وليولوا وجوههم قبل الخصم الحقيقي الذي أراد استغلال حرص الشيخ العميق والقوي على فتح دور القرآن ليستفيد الناس منها حفظا لكتاب الله تعالى وتجويدا له قراءة وعملا، وأن لا يكونوا جزءً من مكر هؤلاء بالقرآن وأهله، وكلنا له بين يدي الله موقف يكون فيه فردا، وليلزم كل واحد منا غرز الحق، ولا يتجاوزه بأذى اللسان أو سوء ظن، فالكلمة مسؤول عنها صاحبها، لفظت أو كتبت، وبعض الظن إثم.
ليس هذا بلاغا سياسيا، ولا منشورا حقوقيا، بل هو نصرة شرعية مصلحية لما نراه حقا، وعدل فيمن نراه لذلك أهلا، وإعلام للرأي العام بمؤامرات هذا الحزب السياسي الذي تجاوز كل الحدود الشرعية والأخلاقية في سبيل قصد يبدو أنه من أسوء المقاصد، حفظ الله المغرب في دينه ودنياه، وأدام أمنه وإيمانه، والله الموفق للخير والهادي إلى سواء السبيل.
كتبه بكل تقدير ومحبة للشيخ أبي سهل المغراوي، أبناؤه وإخوانكم..
طارق الحمودي وعادل خزرون وفؤاد الدكداكي”.