حتى لا ننسى.. حين قال الملك “علموا أبناءكم حب القرآن وهاته المدينة”‎

في الموسم الثالث من سلسلة “حتى لا ننسى” سنحاول سرد عدد من الذكريات التي رافقت فترة حكم الملك الراحل الحسن الثاني الذي استطاع أن يحكم المملكة بيد من حديد طيلة عقود ، كما سنسلط الضوء على أبرز غضباته و أشهر الطرائف و المواقف و الأحداث التي عاشها المغاربة في فترة حكمه.

و سنحاول كذلك عبر حلقات هاته السلسلة تسليط الضوء على بعض الأحداث التي شهدتها الحقبة لأبرز الشخصيات التي عاصرت فترة حكم الراحل الحسن الثاني و ذلك استنادا لمختلف المؤلفات و الروايات و الشهادات التي أرخت لتلك الحقبة و كذا اقتباسات إعلامية من منابر مختلفة لأهم الحوارات التاريخية لشخصيات عايشت تلك المرحلة.

في هاته الحلقة الجديدة من سلسلة “حتى لا ننسى” التي تنشر كل جمعة على موقعكم “هبة بريس” سنتطرق لقصة الخطاب الملكي الشهير للراحل الحسن الثاني امام منتخبي الراشدية سنة 1989.

 

و خطب الحسن الثاني قائلا: “رعايانا الأوفياء سكان إقليم الراشدية، لست في حاجة لأعبر لكم عما يخالجني من سرور و فرح بزيارتي لإقليمكم و باللقاء معكم، هذا الإقليم كان دائما وسيظل اقليم الرجولة و الوفاء و بالأخص إقليم حملة كتاب الله”.

 

و أضاف الملك الراحل: “فما دمتم سكان اقليم الراشيدية متعلقين بالقرآن حافظين له و محافظين عليه و على تعاليمه فسيعينكم الله دائما و ابدا على التغلب على الصعاب لان اقليمكم إقليم صعب و محتاج إلى العمل اليومي و إلى جهاد ضد الطبيعة وجهاد للرفع من مستوى المعيشة و بالأخص لضمان المستقبل”.

 

و واصل الحسن الثاني خطابه القوي أمام سكان و منتخبي الراشدية قائلا: “لماذا أقول لكم المستقبل؟ لأننا نسمع أنه كانت في يوم من الأيام حضارة و مدينة في صحرائكم هذه اسمها سجلماسة و إذا لم تخني الذاكرة فهاته المدينة بنيت حوالي 138 هجرية قبل أن تكون الدولة المغربية واقفة على رجليها ويقال عن سجلماسة أنها من العواصم الكبرى في ذلك الوقت”.

 

و بعد أن تطرق الملك الراحل لمجموعة من الإكراهات و المشاكل التي تتخبط فيها المنطقة و تقديمه لحلول و برامج مشاريع يعتزم إعطاء أوامره للشروع في تنفيذها بالإقليم، وجه رسالة لأبناء الراشيدية قائلا: “عندي لكم نصيحة قبل أن أختم كلمتي، يقول النبي صلى الله عليه وسلم أن حب الأوطان من الإيمان”.

 

و واصل حديثه: “حينما نقول الأوطان لا أعني بها فقط البلاد التي لها حدود و علم، نعني كذلك حب مسقط الرأس، الوطن كذلك هو مسقط الرأس، علموا أولادكم أن يحبوا إقليمهم و علموهم النظر بتلهف إلى اكادير و الرباط و الدار البيضاء و مكناس و مراكش و فاس و غيرها”.

 

ثم استرسل قائلا: “علموهم حب بلادهم، ففيها ما يحب، سواءا من حيث المناخ أو المناظر أو البيئة البشرية و الخلقية و العاطفية، علموهم كذلك أن حياة الكد و الجهد اليومي أحسن من حياة إنسان يبيع في دكان من الثامنة صباحا إلى الثانية زوالا و من الثالثة زوالا حتى الثامنة ليلا و يقول أنا عملت ، هذا عمل بالتأكيد، و كل عمل مشرف عمل و لكن الإنسان الذي يغرس شجرة أولى أن يشاهدها و هي تعطي أكلها، فهذا الإنسان خالق بعد الله و مبدع”.

 

و ختم قائلا: “أعرف أنكم لما يأتي الجفاف تقتسمون الماء الذي تشربونه مع نخيلكم و الماء الذي تغتسلون به مع فصتكم، و هذا يدل على أن لكم قيمة بشرية لا قيمة المستهلك أو البائع أو المشتري، أنتم أناس تحبون ما تبدعون”.