حفل تأبين المناضل والزعيم التاريخي المرحوم الاموي

عن النضال الديمقراطي
بواسطة الزميل الحطابي

وسط إشادة وتقدير واعترافٍ لأحزاب اليسار الديمقراطي، ووزير الشغل بالراحل الأموي كزعيم نقابي وقائد سياسي الكونفدرالية في تأبين زعيمها التاريخي .. نعاهدك فقيدنا الأموي أننا في طريق النضال مستمرون وعلى العهد باقون محمد نوبير الأموي .. ليس لنا من كلمة سوى شكر الحضور والدعاء بالرحمة لوالدنا

  28 نوفمبر 2021     04:11:37

عبد الواحد الحطابي

في صباح هذا اليوم، من السابع والعشرين من شهر نونبر  من العام 1978 استفاق المغرب بكل طيفه السياسي والاجتماعي والجماهري والأمني ، ومن قلب قاعة الأفراح بشارع الجيش الملكي بالدارالبيضاء، على إعلان تأسيس الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وإعلان المؤتمر التأسيسي  (يوم 26 نونبر) في عزّ الحراك السياسي والاجتماعي والطلابي ببلادنا، نوبير الأموي، قائدا للمركزية العمالية وقّع الزعيم، بأحرف الدم والاعتقال والسجن والحصار والتعذيب على مسارها المحفور قويا في الذاكرة السياسية المغربية والكونية .. خالدا سيظل ..

ولأن التاريخ لا يعيد نفسه، بذات الأحداث، وذات الرجال، وذات السياقات يأتي ذات تاريخ اليوم من ذات الشهر  من هذه السنة 2021 ليلتئم  بعد 43 سنة، تحت سمائه الباردة، والماطرة، رفاق الزعيم التاريخي للحركة النقابية المغربية والإقليمية والقارية والعالمية، وفي الحركة الاتحادية، وأحزاب اليسار الديمقراطي، ورجال فكر وفن ثقافة وإعلام ليلقوا في لحظة تأبين خالدة ترقى بحضورها اللافت لم تتسع رحاب وفضاءات مسرح محمد السادس بجماعة الصخور السوداء بالدارالبيضاء لاستقبال الحضور الحاضن لروح فقيد الوطن، فقيد الطبقة العاملة، فقيد الكادحين، وجماهير الشعب المغربي وصانع المواقف والأحداث والمواجهات السياسية والاجتماعية دفاعا عن الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية لعموم المغاربة، وحاملا بقوة عقيدة الدفاع عن الوحدة الترابية، واستكمال التحرير لأراضينا المغتصبة من المحتل الاسباني.

مواقف الرجل، ومساره الكفاحي والنضالي وقفت عند الكثير من تفاصيلها  بكثير بن الاشادة والاعتراف من على منصة مسرح محمد السادس المتدخلون في هذا اليوم التأبيني الذي دعت لتنظيمه الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، وقام بتنشيط فقراته الأديب والروائي شعيب حليفي، وتناوب على التأريخ لها خلال فعاليات هذه اللحظة الاستثنائية لرجل استثنائي كلا من المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، ووزير الادماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والشغل والكفاءات يونس السكوري، في كلمة مصورة، وأمناء أحزاب اليسار الديمقراطي، عبد السلام العزيز عن حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، النقيب عبد الرحمن بنعمر عن فيدرالية اليسار الديمقراطي، مصطفى براهمة عن حزب  النهج الديمقراطي، نبيلة منيب عن حزب الاشتراكي الموحد، وعلي بوطوالة عن حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، وكذا كلمات مصورة لكل من عائلة الشهيد المهدي بنبركة القاها نجله البشير بنبركة، والمؤتمر القومي العربي.

ولعل أقوى اللحظات التي سجلها حفل التأبين، كانت تلك التي صاحبت في تقدير كبير للحضور، لحظة صعود الابن البكر للفقيد محمد نوبير الأموي خشبة المسرح وقد علت وجهه كومة حزن شديد امتلأت معهما عيناه بدموع حارقة اغتسل بها جسده المكلوم  بأبدية الفراق لأب وصديق وعزيز ورفيق، لم يقو معها “موح” الاسترسال في الكلام باسم عائلته، غير توجيه الشكر للحضور، والدعاء بالرحمة على روح والده.

وندرج هنا لأهميتها كلمة المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل في أربعينية فقيد الطبقة العاملة نوبير الأموي، التي ألقاها نيابة عن عبد القادر الزاير الكاتب العام، نائبه خليد هوير العلمي

“الأخوات والاخوة الضيوف الكرام، ممثلو الأحزاب الوطنية الديمقراطية
والمركزيات النقابية والجمعيات الحقوقية والمدنية وممثلو وسائل الإعلام، وعائلة وأصدقاء الفقيد نوبير الأموي.

الأخوات والأخوة مناضلات ومناضلو الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.

الحضور الكريم.

أنقل إليكم تحيات وتقدير وترحيب الأخ عبد القادر الزاير الكاتب العام لمركزيتنا الذي أجرى عملية جراحية تكللت والحمد لله بالنجاح، وهو يتماثل للشفاء، ونتمنى عودته لمتابعة مهامه النضالية. وهو يتابع معنا الآن عن بعد هذا اللقاء بروح الاعتراف والوفاء.

نرحب بكم جميعا  ونعتز بحضوركم في أربعينية فقيدنا وفقيد الطبقة العاملة والوطن نوبير الأموي. المؤسس والزعيم التاريخي والقائد النقابي الملهم لمركزيتنا النقابية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل.

نحيي اليوم أربعينية إنسان ومناضل استثنائي بكل المقاييس، بصم المشهد النقابي والسياسي بأفكاره ونضالاته ووسم التاريخ الاجتماعي والسياسي لبلادنا بحضوره الفاعل والمؤثر.

الفقيد نوبير الأموي الذي ترعرع في بيئة وطنية، كانت حاضنته الأولى لتشعل بذرة النضال والمقاومة من أجل الوطن ودفاعا عن حقوق المستضعفين، مما جعله يلتحق بحزب الاستقلال سنة 1952 إبان العهد الاستعماري وشارك كعنصر فاعل ضمن خلايا جيش الأطلس بالدارالبيضاء، في حركة المقاومة السرية إلى جانب العديد من رجال المقاومة آنذاك  وهو شاب يافع بروح وطنية عالية، انخرط في صفوف الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وتحمل عدة مسؤوليات محلية بالرباط، ولمس الشهيد المهدي بنبركة في الشاب نوبير الأموي شعلة المناضل المتشبع بقيم اليسار وكلفه مسؤولا عن اللجنة العمالية بالرباط.

الفقيد الأموي كان من أشد المدافعين عن التعليم العمومي باعتباره رافعة أساسية للتحرر والتنمية، وذلك من موقعه كاتبا عاما للاتحاد الوطني لجمعيات أباء التلاميذ بالمغرب حيث خاض عدة معارك بداية الستينات دفاعا عن التلاميذ، أو من موقعه كقائد نقابي وسياسي فيما بعد.

قاد الفقيد نوبير الأموي باقتدار وبقناعة مبدئية، مهمة تاريخية تمثلت في بناء أداة نضالية كفاحية للطبقة العاملة على أسس الديمقراطية والجماهيرية والتقدمية، وساهم من موقع الفاعل الأساسي في تأسيس البديل النقابي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، في مثل هذا اليوم قبل 43 سنة، يعيد ربط نضال الطبقة العاملة بكفاح حركة التحرر الوطني ويقود صراعها من أجل تحسين ظروف عيشها المادي والمعنوي في ربط جدلي بالصراع من أجل البناء الديمقراطي الحقيقي ومواجهة الاختيارات الرأسمالية الليبرالية. كما صاغ للنضال الاجتماعي في جدله بالعمل السياسي أفقا جديدا حرّر المفاهيم ومنح الممارسة بُعدا ثوريا ووطنيا.

لقد جسدت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل منذ تأسيسها فكرة قيادة الطبقة العاملة من موقعها الطبقي لخوض الصراع بكل مستوياته والربط الجدلي بين النضال الاجتماعي من أجل حقوق ومطالب الشغيلة والنضال السياسي من أجل الديمقراطية والحريات بمسؤولية ووعي وطني وهو ما كان حاضرا بقوة في فكر الفقيد نوبير الأموي الذي كان يؤكد على الدوام أن الوطن ليس فقط حدود وجغرافيا بل كذلك حقوق وعيش كريم وطن الإنسان حقوقه.

 

الحضور الكريم،

في مثل هذا اليوم من سنة 1978 كان الفقيد نوبير الأموي ورفاقه ورفيقاته على موعد مع  لحظة الوفاء للشهيد عمر بنجلون، لحظة التأسيس التي رافقها سياق صعب على كل المستويات، قمع للحريات وتضييق على الحق في التنظيم واعتقالات وغيرها من تمظهرات الاستبداد والسلطوية، وكذلك وضع اجتماعي صعب جدا سيصل ذروته مع برنامج التقويم الهيكلي، مما جعل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تخوض معارك نضالية تاريخية في قطاع التعليم والصحة وما واكبها من قمع وطرد سنوات 1979 وفي ذكرى يوم الأرض التي عرفت استشهاد الشاب محمد كرينة. ثم الإضراب التاريخي ليوم 20 يونيو 1981 الذي واجهته الدولة بالقمع والاعتقالات وعرف بدوره سقوط مئات الشهداء بعد القمع الدموي في عدة مدن على رأسها الدار البيضاء. ليلتقي نهر الدم المغربي في ساحة النضال ويمتزج في لوحة ملحمية نادرة وغير مسبوقة عبّرت عنها معارك نضالية للطبقة العاملة بقيادة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل على كل الواجهات، واحتضنها الشعب المغربي بكل فئاته لأنها حملت مطالب عمالية بخلفية سياسية غايتها الحرية  والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية لكافة أبناء وبنات شعبنا في إطار مشروع مجتمعي متكامل، لقد جسد الفقيد نوبير الأموي وهو يقود الكونفدرالية الديمقراطية للشغل فكرة الربط الجدلي للاجتماعي بالسياسي، وبقدر ما كانت هذه القرارات النضالية مزعجة للدولة، كان لها ثمن وكان للفقيد نوبير الأموي الاستعداد الدائم لتأدية هذا الثمن من حريته، مرفوع الرأس، حيث عانى  كل أشكال الاعتقال والتعذيب والملاحقة منذ بداية نشاطه السياسي والنقابي، خبرته كل المعتقلات والجلادين دون أن ينالوا من عزيمته ولا أن يطفئوا شعلة النضال وقوة إيمانه اتجاه القضايا التي ظل يدافع عنها، وظل يردد بشموخ نتألم ولانئن.

استمر الصراع في الثمانينات من القرن الماضي واستمرت المعارك النضالية والحضور القوي للفقيد نوبير الأموي في الواجهة، وكلما اشتد الصراع كلما تقوت الأداة النقابية، حيث أصبحت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل صوت الطبقة العاملة وكافة الفئات المستغلة في وطننا ضد الظلم والاستبداد والإقصاء الاجتماعي، وبلغ إشعاعها على المستوى العربي والدولى بوصفها منظمة نقابية تُبدعُ في الصراع وتناضل بكل مصداقية لتنتزع المكتسبات لفائدة الطبقة العاملة وعموم الشعب المغربي، مع استحضار التضحيات الجسام للكونفدراليين والكونفدراليات الذين رسموا للمغرب وجها جديدا غير مألوف.

الحضور الكريم،

خلال كافة مراحل مسار الحياة النضالية لفقيدنا نوبير الأموي، ظل الفكر الوحدوي حاضرا في رؤيته، للتأثير في ميزان القوى لصالح الجماهير الشعبية، ولم تتوقف محاولات التنسيق مع الاتحاد المغربي للشغل، وتوجت هذه الإرادة الوحدوية بالتنسيق مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بخلفية سياسية تعد امتدادا لمشروع الكتلة الديمقراطية، التي كان فقيدنا الأموي حاسما في بذل الجهود لتأسيسها، كما دفع بتأسيس جبهات أخرى احتضنها مقر الكونفدرالية المركزي وباقي الفروع في مجموع المغرب، مما أجج الصراع الاجتماعي والسياسي في دينامية عالية نفحت روح النضال مما سيُعجل بالمزيد من المكتسبات.

وقد شكل الإضراب العام يوم 14 دجنبر 1990، الذي شهدت خلاله مدينة فاس على صورة أخرى من القمع والاعتقالات، جوابا سياسيا على مرحلة بكل سياقاتها الاجتماعية والسياسية. مرحلة جديدة للصراع في ظل غياب التجاوب مع المطالب واستمرار التضييق على الحريات، ولم تكن هناك ملامح للتغيير السياسي والبناء الديمقراطي. فالوضع في البلاد كان يستلزم من القوى الحية طرح الأسئلة العميقة خاصة في ظل تصاعد مظاهر الفساد والاستبداد. ما جعل الفقيد نوبير الأموي يعبر بجرأة وصدق وشجاعة عن ضرورة الدفع بتطور النظام السياسي وضرورة الإصلاحات الدستورية وفصل حقيقي للسلط في تصريحه سنة 1992. والذي دفع ثمنه مرة أخرى بالاعتقال والمحاكمة. وعاش المغرب على إيقاع جلسات أحد أشهر المحاكمات في تاريخه، محاكمة الحكومة للفقيد نوبير الأموي الذي جعلها بذكائه وشموخه محاكمة للحكومة وللأوضاع التي تعيشها بلادنا وظلت كلماته ومرافعاته مرجعا في قوة الموقف وثبات المبدأ ورمزا لشجاعة المناضل أمام جلاديه.

لقد كانت محاكمة نوبير الأموي، محاكمة لطموح وإرادة الطبقة العاملة وكل المهمشين وحقهم في العيش بكرامة والقطع مع كل أشكال الفساد والاستبداد، محاكمة سياسية بعثرت ترتيبات المشهد لتعيد للصراع السياسي معناه، وهو الاختبار الذي كان يعلم الفقيد نوبير الأموي أن ثمنه السجن، لكنه اختار الطريق الصعب وفاء لمبادئه وقيمه كما عاهد نفسه منذ أن خطا أولى خطواته النضالية في لحظات أشد شراسة  إلى جانب المهدي بنبركة وعمر بنجلون وباقي رفاقه.

هذه الضريبة التي أداها الفقيد نوبير الأموي فتحت الآفاق لبداية التفكير في التناوب وإصلاح الأوضاع الاجتماعية، و عودة المنفيين وإطلاق سراح المعتقلين، ومهدت للتأسيس لثقافة الحوار الاجتماعي لأول مرة في المغرب، وهو ما تجسد في اتفاق  فاتح غشت 1996، وحكومة التناوب التوافقي.

مرحلة أعطى خلالها الفقيد نوبير الأموي درسا آخر في الحفاظ على استقلالية النقابة وانحيازها الدائم لمصلحة الطبقة العاملة وكان حاسما في تأكيد أنه لا النقابة نقابة الحكومة ولا الحكومة حكومة النقابة، حيث خاضت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل معارك نضالية قطاعية ومركزية دفاعا عن مطالب العمال ومن أجل قانون للشغل يتلاءم مع المعايير الدولية و يصون الحقوق الأساسية للعاملات والعمال.

الحضور الكريم،

لقد كان الفقيد نوبير الأموي رجل حوار مؤمنا بفضيلته وكما كان كذلك راسخ القناعة بنهج إستراتيجية النضال الديمقراطي. وقاد الكونفدرلية الديمقراطية للشغل ليكون لها دور فاعل ممتدا في كل النسيج الاجتماعي والسياسي. وهكذا أصبحت أول منظمة نقابية على المستوى الدولي تشكل فريقا برلمانيا، في تجسيد حقيقي لفكرة النضال على كافة الواجهات. واستطاعت فرض إعادة مدونة الشغل إلى الحوار الاجتماعي بعد المعارك النضالية والمواقف التاريخية للفريق في البرلمان. الذي كان حضورنا فيه ليس لغاية في ذاته بل من أجل التعبير الصادق عن قضايا ومعاناة الطبقة العاملة والدفاع عن مصالح كافة الفئات المهمشة والترجمة الفعلية لمفهوم الإنابة الديمقراطية. انطلاقا من قناعة راسخةأن المؤسسة التشريعية هي تعبير عن سيادة الشعب بكل شرائحه وفئاته. لكن انتخابات 2007 وتجديد ثلث مجلس المستشارين شكلت بالنسبة لنا زلزالا سياسيا، حيث استعمل المال وكل أشكال الفساد والإفساد وبنسبة مشاركة هي الأدنى في التاريخ السياسي المغربي، و برزت نخب لا تعبر بالفعل عن إرادة وتطلعات الشعب المغربي. وهي الخلفية الأساسية التي جعلت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تتخذ قرار الانسحاب من البرلمان، في نقطة نظام قوية دقت ناقوس الخطر، الذي ظهرت معالمه في احتجاجات 20 فبراير2011 مما فرض على الدولة مراجعة الدستور. والذي قاطعت الكونفدرالية الديمقراطية للشغل الاستفتاء حوله باعتباره لا يحقق شروط البناء الديمقراطي الحقيقي.

الحضور الكريم،

الفقيد نوبير الأموي لم يكن من هواة تسجيل المواقف بل كان مؤمنا بأن الفاعل النقابي والسياسي يجب أن يكون مؤثرا في ميزان القوى وموحدا للنضالات في كل الواجهات لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. لهذا كان هاجس التوحيد حاضرا على الدوام في فكره وممارسته وهو ما تحقق من خلال مسيرة الكرامة سنة 2013.

الفقيد نوبير الأموي هو كذلك رجل وطني، أحب وطنه ودافع عن ترابه وجعل من القضايا الوطنية عنصرا أساسيا من هوية الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، مستحضرا في كل محطاته الدفاع عن الوحدة الترابية وعن استكمال التحرير، فكان تنظيم المؤتمر الوطني الرابع لمنظمتنا في مدينة العيون تأكيدا على الارتباط والتمسك بهذا الجزء من تراب وطننا.

إن إيمانه العميق بعدالة قضايانا الوطنية نابع من قناعة فكرية وتحررية جعلته في طليعة المدافعين عن القضايا القومية. فكان الموقف الثابت في دعم الشعب الفلسطيني وقواه الحية في نضالها من أجل تحرير فلسطين وقاد مبادرات نضالية لدعم ومساندة الشعب العراقي ماديا ومعنويا ضد الحصار الامبريالي. كما كان عضوا فاعلا في الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي ومساهما بقوة في مجموعة العمل الوطنية لمساندة فلسطين والعراق. فقد اجتمع في الفقيد الأموي فكرا وممارسة الهم الوطني والقومي وقضايا ومعاناة الجماهير الشعبية بأفق تحرري ديمقراطي.

الحضور الكريم،

إن مسار نوبير الأموي أكبر من أن تختزله محطات يصعب القبض عليها سريعا. لقد اقترن فكر الفقيد نوبير الأموي وحضوره النضالي ومواقفه الثابتة، بأهم الأحداث السياسية والاجتماعية التي عاشتها بلادنا، وشكل بحق نموذجا للقائد الملهم والمناضل المرتبط عضويا بقضايا الجماهير الشعبية بكل فئاتها عمال وفلاحين وطلبة ومعطلين وغيرهم.

يقول الفقيد نوبير الأموي نحن عشنا حياة نضالية منزهة عن الضعف والاستسلام، حيث لا نقبل إلا النزاهة في التفكير والمصداقية في صنع القرار، والحكمة والشجاعة في الخطوة التي ينبغي أن نخطوها جميعا. لم أكن في يوم من حياتي يائسا من نفسي أو من شعبي، ولذلك أعتقد أنه بإمكاننا أن نرفع كل التحديات، فلن يحول شيء دون إرادتنا في بناء مغرب جديد ومختلف وإيجاد صيغة أخرى للحياة فوق ترابنا وتحت سمائنا، وبكامل إرادتنا كشعب حر وديمقراطي.

هذا هو فقيدنا الأموي الذي نعاهده ونعاهد الطبقة العاملة المغربية وكل الشعب المغربي ورفاقنا الذين يساندوننا دائما.

نعاهدك الفقيد نوبير الأموي أننا سنظل أوفياء للخطط الكونفدرالي الكفاحي المنحاز لقضايا شعبنا ووطننا وكل القضايا الإنسانية التحررية.

نعاهدك أنك ستظل حاضرا بيننا برؤيتك وشموخك وشجاعتك في مواجهة كل المحن والتحديات و أملك الذي لم ينقطع في مستقبل أفضل في مغرب آخر، مغرب الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

نعاهدك الفقيد نوبير الأموي أن فكرك وقيمك ومبادئك ستضل خالدة بيننا موجهة لأدائنا النضالي الاجتماعي والديمقراطي، وستكون مؤسسة نوبير الأموي للتضامن التي أسسها رفاقك فضاء للبحث والدراسات حول كل القضايا التي ناضلت من أجلها وإطارا لتجسيد مبدأ التضامن العمالي الوطني والدولي.

نعاهدك الفقيد الأموي أننا سنصون الأمانة ونحافظ عليها وستظل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل صوت العمال وصوت كل من يحس بالظلم في وطنه وستظل إطارا مكافحا عن قضايا الشعب وقضايا الوطن وكل القضايا القومية والإنسانية.

نعاهدك فقيدنا نوبير الأموي أننا في طريق النضال مستمرون وعلى العهد باقون”.