خطير ان تتحول الاحزاب بواسطة الجماعات الى داعم للجمعيات                                    الدائرة في فلكها

نجيم عبد الإله السباعي

في جميع القوانين الاساسية للجمعيات بنود تنص صراحة على منع مزاولة العمل السياسي للجمعية ، الا انه حاليا مع السخاء الحاتمي لدعم الجمعيات تناسل الكثير منها واخرى ولدت ولادات قيصرية من طرف الاحزاب السياسية ، وهده الجمعيات تتعاطف مع اجندات سياسية معينة رغم ان كونها تكون ضد السياق الوطني من سلم وامن واستقرار ، وهدا الدعم يكون على حساب جمعيات المجتمع المدني التي لا تبعية او انتماء سياسي لها مما يجعلها تبقى مهمشة لا دعم او مساندة لها رغم عملها الجدي والوطني .

وعلى هدا الاساس فقد حان الوقت من اجل سحب اختصاص دعم الجمعيات من يد الجماعات المحلية او مجالس الجهة لكي يبقى هدا الدعم بعيدا عن الشروط والأيديولوجيات الحزبية ، فهناك جمعيات تتوق فقط الى عشرة او عشرين الف درهم لتصريف مصاريف الندوات من شاي وحلويات وكراء القاعة او تهئ المنشورات او اللافتات لكنها لا تجد من الدعم أي شئ ، بخلاف من ياخد ملايين بلا حسيب او رقيب ، وقد اتارت الجريدة المغربية الصباح في عددها ليوم الجمعة 29 يونيو أن منتخبين كشفوا أن مجالس جماعية عديدة، يسيّرها حزب العدالة والتنمية، قدمت تمويلات رسمية لجمعيات تعمل على إشعال فتيل العصيان من خلال التشكيك في مؤسسات الدولة وهيآت دستورية بـ”يوتوب” و”فيسبوك”.

ونسبة إلى مصادر الجريدة، فإن تمويل كتائب الحراك من قبل “بيجيدي” يتم بطرق ملتوية؛ وذلك بواسطة جمعيات تنشط في مختلف المجالات يشترط أن تكون لها مواقع رسمية لتصريف حسابات سياسية لضرب الخصوم وتلغيم الشارع ضد الدولة بذريعة كشف الفساد ونصرة ضحاياه….

وقد ضرب احد المنتخبين التابعين لحزب الاصالة والمعاصرة تابع لعمالة الحي الحسني عين الشق في تصريحه للصباح تورط منتخبين من الحزب الحاكم في تمويل ما أسماه “كتائب الحراك” من المال العام، ضاربا المثال على ذلك بمجلس جماعة عين الشق الذي يخصص غلافا ماليا لدعم 11 جمعية مشبوهة، مسجلا أن تزامن نيران تسجيلات “يوتوب” و”فيسبوك” بالبيضاء مع احتجاجات الحسيمة ليس صدفة، في إشارة إلى أن الأمر يتعلق بمخطط يروم توسيع دائرة الاحتجاج….

واتهام جماعة عين الشق التي ولم تخرج عن القاعدة على مستوى مدينة الدارالبيضاء في انتخاب أغلبية رؤساء المقاطعات من حزب العدالة والتنمية ، والتي تميزت بانتخاب 12 رئيس مقاطعة من حزب المصباح من أصل ستة عشر مقاطعة على مستوى مجلس الجماعة الحضرية للدارالبيضاء

وكانت أشغال الدورة الأولى لمجلس مقاطعة عين الشق خلال الانتخابات الجماعية الاخيرة قد عرفت إجماع مستشاري الأحزاب الأربعة بالمجلس على انتخاب عبدالمالك لكحيلي رئيسا للمجلس دون منافس بالرغم من حصول حزب المصباح على الأغلبية المطلقة بالمجلس ، والتي ساهمت في حصول مستشاري العدالة والتنمية على جميع المناصب ومهام نواب الرئيس باستثناء منصب النائب الخامس أسند إلى ” عبد السلام الساخي ” مستشار التجمع الوطني للأحرار في إطار عملية التوافق والتراضي بين أحزاب الأغلبية

وكما سبق للباتول الداودي، المستشارة الجماعية عن حزب الأصالة والمعاصرة، بمجلس العاصمة الرباط، في اتصال مع « فبراير.كوم »  اتهام بسيمة حقاوي، وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، بتمويل الجمعيات التي تدور في فلك حزب العدالة والتنمية، مستغلة  تبعية القطب الاجتماعي والتعاون الوطني للوزارة التي تترأسها.

اليوم في ظل الدستور الجديد برزت ممارسات عدة تجاه المجتمع المدني تنهجها الحكومة ومعها حزبها ألأغلبي العدالة والتنمية تتمثل في روح الهيمنة من جهة، ومنح الامتيازات للجمعيات والمنظمات التي تدور في فلك هذا الحزب التي اعتمدت أساسا على الانغلاق في تركيبتها البشرية وعدم الشفافية في تمويلها . ونذكر هنا ما سمي بالحوار الوطني حول المجتمع المدني الذي سعت فيه الوزارة التي يحمل حقيبتها حزب العدالة والتنمية الذي استهدف في مقاربته وأرضيته ومنهجيته الوصاية والتحكم في المجال المدني والجمعوي . وفي مواجهة ذلك انبثقت “دينامية إعلان الرباط” التي تضم مئات التنظيمات حيث قاطعت هذا الحوار بسبب ما طبع تشكيل اللجنة المكلفة بتدبيره ” من إقصاء للجمعيات المعروفة بعطائها وثقلها التاريخي النضالي من أجل الدفاع عن استقلالية الحركة المدنية ، وسيادة القيم الديمقراطية ، واحترام حقوق الإنسان”. وقد أكد الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في لقاء مكتبه السياسي مع هذه الدينامية على دعم إعلان الرباط ومساندة كل الخطوات التي يقوم بها .

قبل سنتان اعلن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية رفضه روح الهيمنة والوصاية والتوظيف السياسي للحقل الجمعوي والتأويل الخاطئ للدستور الذي تنهجه الحكومة وحزبها ألأغلبي ويعتبر أن تظاهرة 13 مارس ما هي إلا وجه من أوجه صرف المال العام لأغراض انتخابية. وأن مثل هذه السلوكات تمس بجوهر العملية الديمقراطية وتستهدف أحد أبرز ركائزها ألا وهي المجتمع المدني المستقل والفاعل والمنتج والذي لا لبس في تأسيسه وتمويله.

كما سبق لجريدة الاخبار ان كتبت محدرة بما يجري وذكرت انه  لم تفلح آلية العمل الجمعوي، التي تم اللجوء إليها لسد ثغرات الساسة ورجالها، المنشغلين دوما بحسابات الربح والخسارة، والذين ما إن يفرغوا من ولاية انتخابية حتى تمتد أحلامهم إلى ولاية لاحقة، لم تفلح هذه الآلية في الاشتغال بعيدا عن حسابات سياسية، ضيقة كانت أم غير ذلك، إذ استغل المنتخبون ما يمكن تسميته الفراغ التشريعي، وراحت أياديهم تمتد إلى العمل الجمعوي من خلال «تفريخ» الجمعيات.. وهذا ما سجله أكثر من مهتم بالميدان.

و في العاصمة الرباط، أقدم العديد من المنتخبين على تأسيس هيئات خاصة بهم، فتارة يجلسون على كرسي رئاستها بالمباشر، كما يقال، وتارات عديدة، لا يعدمون من ينوب عنهم في لعب دور «الكومبارس» الذي يتزعم هاته الجمعية أو تلك. والجميع يدور في فلك الرئيس الفعلي، الذي تفتح المجالس المنتخبة وغيرها من المؤسسات المانحة، أبوابها في وجهه، اعتبارا لأحد أوجه القرابة، المتنوعة بين الانتماء الحزبي أو العائلي أو ما شابهه.

عندما تستفيد جمعية ما من منحة تفوق مليار سنتيم، تضيف الاخبار ويكون الواقف وراءها مستشار، انتخبته الساكنة للدفاع عن مصالحها، يمكن تصور ماذا يمكن لزملاء المستشار «المحترم» أن يفعلوه لقاء استفادتهم هم أيضا من ذات التجربة، عبر نسخها في أشكال متعددة، كما يقول الكثير من الجمعويين، لافتين الانتباه إلى ما أسموه «حنكة» المنتخبين في ملء صناديق جمعياتهم بأموال الدعم العمومي، عبر سلك الكثير من الطرق المشبوهة، المغلفة بأسماء «براقة» من قبيل «اتفاقيات الشراكة»، التي تعتبر على حد وصف المتحدثين أنفسهم، صنبورا يفرغ المال من جيب البلدية أو العمالة أو الجهة، مباشرة في الحساب البنكي لجمعيات بعينها.