ذكرى المولد النبوي في المغرب هذا العام: خشوع بعد الزلزال واستنكار لاسطوانة فقهاء «يوتيوب» في تحريمه!

الرباط – «القدس العربي»: حين يطلّ موعد مناسبة دينية روحية مثل ذكرى المولد النبوي الشريف، الذي يخصص له المغاربة حيزا زمنيا وافيا للاحتفال به بما يلزم من مظاهر الفرح والروحانيات، تتكرر “الأسطوانة” نفسها التي يعتبرها البعض “مشروخة”، حيث تتداول طائفة من فقهاء ودعاة “يوتيوب” و”فيسبوك” و”انستغرام” وغيرها من منصات التواصل الاجتماعي، كلاما حول تحريم هذا الاحتفال، كما يحرمون تخليد مناسبات أخرى مثل عاشوراء ورأس السنة الميلادية.
المغاربة يصرون على وضع كلمة الاحتفالات بين قوسين، لأنها روحية أكثر منها مادية أو بهرجة موسيقية، ومن ثم يجري الاكتفاء مثلاً بجلسات “المديح والسماع” وبحلقات الذِّكر في مختلف الزوايا المنتشرة عبر ربوع البلاد، و”موكب الشموع” الذي يحتفل به في مدينة سلا المجاورة للعاصمة الرباط مدة 12 يوما. أما باقي الاحتفالات البسيطة فهي حميمية داخل البيوت المغربية وما تيسر من مأكولات وحلويات لتزيين اليوم الذي صار عيدا، وفيه عطلة رسمية لكل الإدارات الخاصة والعامة، أما المساجد فتلك حكاية عشق روحي مغربي متجذر في النفوس والقلوب.
بالنسبة لهذا العام، فالتزامن مع الكارثة الطبيعية المتمثلة في الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، يضفي على المناسبة الكثير من الخشوع، وحتما ستكون مناسبة متجددة للترحم على أرواح الضحايا والدعاء بالشفاء للمصابين، والأهم هو التسليم بقدر الله وقضائه، بعيدا عن المناوشات السياسية والفتاوى التي تزايد على إيمان المغاربة.
كل التظاهرات والمهرجانات ذات الطبيعة الاحتفالية المحضة جرى إلغاؤها أو تأجيلها إلى مواعيد لاحقة حدادا على الضحايا، لكن مناسبة عيد المولد النبوي الشريف يعتبرها المغاربة فرصة ومناسبة لتجديد الصلة مع خير البرية وخاتم الأنبياء والرسل، والتعبد والدعاء للقريب والبعيد وللوطن بالسلامة والنجاة. في الخلاف الدائم حول مشروعية الاحتفال بهذا العيد، نجد تدوينات منها من عمد كتّابها إلى نشر كتب كاملة مع تعليق يقول “هذا الكُتَيِّب قد نشرته السنة الماضية، به ما يكفي من الأدلة على تحريم وعدم مشروعية الاحتفال بعيد المولد النبوي”، لكن في المقابل نجد تدوينات عديدة تبرز “الأدلة على مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي”، وفضّل مدون نشر مقطع فيديو يعود لاحتفال سابق، لمجموعة من الأطفال وهو يختمون القرآن الكريم. حديث “البدعة” صار مجترا كل سنة وعند كل مناسبة دينية غير عيدي الفطر والأضحى، وتعج مواقع التواصل الاجتماعي بالكثير من المزايدات “الفقهية” و”الفتاوى” التي يطلقها أشخاص يعتبرهم الرأي العام غير مؤهلين لذلك، وكثيرا ما تكون ردود المواطنين غير متوازنة ومنها من يذهب إلى التجريح المباشر في صاحب “فتوى التحريم”، بينما نجد علماء دين مغاربة مشهودا لهم بالاجتهاد يردّون بطرق علمية وموضوعية دون دخول في المهاترات والتلاسن الفارغ، كما يقول البعض؛ باعتبار أن ذلك “الكلام المجتر” لا ينتبه له المغاربة ويحتفظون بتقاليدهم وإيمانهم، ويمارسون الاحتفال بمرجعية روحية رسميا وشعبيا، لأن قرونا من الاحتفال ـ وفق تعبير ملاحظين ـ لا يمكن أن ينهيها كلام عابر في منصة للتواصل الاجتماعي أو غيرها، وذلك منذ عهد الموحدين والمرينيين والسعديين ليزدهر في عهد الدولة العلوية.
ANAHDA INTERNATINAL TV