عزل قاض مغربي بسبب تدوينات يثير تفاعلات حقوقية

الرباط- “القدس العربي”:

ما زال موضوع عزل قاضٍ مغربي عن ممارسة مهامه بسبب التعبير عن آرائه، يثير ردود فعل في الأوساط الحقوقية التي تعبر عن تضامنها مع المعني بالأمر.

وجاء قرار العزل في حق القاضي عفيف البقالي، بعد تدوينات كشف فيها عما اعتبره “اختلالات” في المحكمة الابتدائية بمدينة العيون (بالصحراء) التي كان يعمل فيها، قبل أن يجري نقله إلى المحكمة الابتدائية في مدينة الرشيدية (جنوب شرق البلاد)، حيث كانت قد أسندت إليه مهمة نائب وكيل الملك (المدعي العام).

وأعلن المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب في الرشيدية، عن تضامنه المطلق مع القاضي المعزول عفيف البقالي، مثنيا على ما يتميز به من “شجاعة ونزاهة واستقامة وكفاءة ودفاع عن استقلالية السلطة القضائية، وحسن تعامل مع زملائه ومسؤوليه في الدائرة”. وأضاف أنه “يكرس أهم المبادئ المنصوص عليها في مدونة الأخلاقيات القضائية والحق الدستوري للقضاة في التعبير”.

وأبدى النادي في بيان اطلعت عليه “القدس العربي” مخاوفه من انخفاض منسوب الشعور بـ”الأمن المهني” لدى القضاة، الذي أرجعه إلى عدة أسباب تم رصدها، منها عدم التناسب بين الخطأ المهني والعقوبة وفق قاعدة التدرج.

في السياق ذاته، قالت “الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة” المعروفة باسم (ترانسبرنسي المغرب) إنها “تلقت باستياء واندهاش كبيرين نبأ عزل القاضي عفيف البقالي”، مشيرة إلى أنه “تعرض لهذه العقوبة القاسية بسبب تدوينات يعبر فيها عن رأيه ويدعو إلى تقويم السلوكيات المنحرفة”.

وأعربت عن تضامنها مع القاضي المعزول عن عمله، معتبرة القرار “عقوبة غير مبررة وإخلالا بمبدأ التناسب بين الفعل والعقوبة”، وأضافت أن مثل هذه العقوبة “تشكل تهديدا للأمن المهني لكل القضاة بدون استثناء، وتشكل مساسا بطمأنينتهم وحريتهم في التعبير عن آرائهم ومساهمتهم في تقويم وتعزيز دور القضاء في المجتمع”.

وتحت عنوان “أحبك يا وطني” كتب القاضي عفيف البقالي تدوينة بدأها بالكلمات التالية: “حتى لو عزلت ألف مرة، سأظل متشبثا بمبادئي متمسكا بقيمي إلى آخر قطرة دم في عروقي وقطرة مداد في قلمي، مخلصا لوطني، فإن جفت محبرتي أهديته كل دمي، فلا الغدر من طبعي ولا الخيانة من شيمي”.

وأوضح أن “الوطن ليس موطن مقايضة، والثوابت الوطنية ليست محل مناقشة، وبلدنا المتجذر في التاريخ ليس مجرد كسرة خبز أو لقمة عيش أو وسيلة استرزاق، وإنما هو بلد وهوية، وتاريخ آبائنا وأجدادنا، ومستقبل أبنائنا وأحفادنا”.

وتابع تدوينته قائلا: “لن أدير ظهري لبلد عظيم في لحظة ضعف، فهو ليس مقاولة نتركها وقت الخسارة، وإنما هو هوية متجذرة فينا، فندافع عن مصالحه في وقت الشدة كما في وقت الرخاء”.
ANAHDA TV