كيف غيرت الدولة الأموية وجه التاريخ بالفتوحات الواسعة؟

بواسطة : عمر ادهنو

كان بنو أمية يفتحون البلاد في أربع جهات على البَر ، بخلاف فتح جزر البحر المتوسط ، وبلغت دولة الإسلام أقصى اتِّساع لها (كدولة واحدة) في ظلِّ الأمويين ، وكانت ذروة الفتوحات الإسلامية على أيدي هؤلاء القادة :
تم فتح المغرب والأندلس على يد القادة (عقبة بن نافع ، وحسان بن النعمان ، وموسى بن نصير) ، ومن ورائها فرنسا على يد (عبد العزيز بن موسى بن نصير ، والسمح بن مالك الخولاني ، وعبد الرحمن الغافقي) ، وسارت الفتوح في الشرق في بلاد ما وراء النهر حتى الصين بقيادة (قتيبة بن مسلم الباهلي ، وفي الجنوب الشرقي حتى السند بقيادة (المهلب بن أبي صفرة ، ومحمد بن القاسم ) ، وفي الشمال وبلاد القوقاز بقيادة (مسلمة بن عبد الملك ، ومروان بن محمد).

هؤلاء القادة هم الذين رسخوا الوجود الإسلامي في تلك المناطق ، وكانت فتوحاتهم تتميمًا وتكميلًا لما سبقها من فتوح في عهد الراشدين ، وتأسيسًا لدخول هذه المناطق في الدولة الإسلامية بشكل نهائي.

وقد جرت في كل تلك الفتوح أعمال من أندر وأروع ما يمكن أن يكتب في تاريخ البطولة والأبطال ، وقدَّم الفاتحون نماذج لا مثيل لها في الجهاد والبذل والتضحية والإخلاص ، وكم من مجاهد مات في هذه الأرض البعيدة لا نعرف اسمه ولا قبيلته ولا شيئًا من حياته ، ترك الدنيا كلها وذهب ليموت في تلك الأصقاع لا يرجو إلَّا الله والدار الآخرة ، ستأتي هذه البلاد في ميزان حسناته يوم القيامة.

وما استطاع أحد بعد بني أمية أن يُسَّطِر في الفتوح تاريخاً كتاريخهم ، ولا حتى تاريخاً يقاربهم ..!!

وها هو المؤرِّخ الدكتور (حسين مؤنس) يَنْعَى على الدولة العباسية أنها لم تصنع شيئًا ذا بال في الفتوحات مقارنة بالدولة الأموية ، يقول:

«إن الخلافة العباسية لو تنبَّهت إلى حقيقة وظيفتها كخلافة إسلامية ، وهي نشر الإسلام لا مجرد المحافظة عليه كما وجدته ، لو أنها قامت برسالتها وأدخلت كل الترك والمغول في الإسلام ، لأدت للإسلام والحضارة الإنسانية أجَلَّ الخدمات ، ولغيّرت صفحات التاريخ ، وهكذا تكون الخلافة العباسية قد خذلت الإسلام في الشرق والغرب.

فهي في الشرق لم تتقدَّم وتُدخل كل الأتراك والمغول في الإسلام ، كما تمكَّنت الخلافة الأموية من إدخال معظم الأتراك في الإسلام ، وفتحت أبواب الهند لهذا الدين.

وفي الغرب قعدت الخلافة العباسية عن فتح القسطنطينية ؛ ولو أنها فعلت ذلك لدخل أجناس الصقالبة والخزر والبلغار الأتراك في الإسلام تبعًا لذلك ؛ إذ لم تكن قد بقيت أمام هذه الأجناس أية ديانة سماوية أخرى يدخلونها .

وهنا نُدرك الفرق الجسيم بين الخلافة الأموية والخلافة العباسية ؛ فالأولى أوسعت للإسلام مكانًا في معظم أراضي الدولة البيزنطية ، وأدخلت أجناس البربر جميعًا في الإسلام ، ثم انتزعت شبه جزيرة أيبيريا (الأندلس) من القوط الغربيين ، ثم اقتحمت على الفرنجة والبرغنديين واللومبارد بلادهم بالإسلام ، وحاولت ثلاث مرات فتح على القسطنطينية.
أمَّا العباسيون فلم يُضيفوا – على الرغم من طول عمر دولتهم – إلى عالم الإسلام إلَّا القليل ، ومعظمه في شرقي آسيا الصغرى».

وكما خَفَت الجهاد البري خَفَت أيضًا صوت الجهاد البحري ، الذي كان يدوي من مواني الشام ومصر ، وقلَّ الاهتمام بالبحر المتوسط ، وتولَّت الإمارات الإسلامية في المغرب والأندلس مسئولية الدفاع عن حوض البحر المتوسط ، وقَلَّت الاشتباكات البحرية بالطابع الذي عرفه العصر الأموي*

ANAHDA TV