كيف يصدر القضاء المغربي عقوبات تخص “إهانة رجال الدولة

القانون المغربي يعاقب من يهين عناصر الشرطة والقضاء والملك

أعاد الحكم على ناشطة مغربية بالسجن، على خلفية تصريحات اعتبرت “مسيئة” للعاهل، محمد السادس، والقضاء، الجدل حول القوانين التي ترى فيها البلاد صونا للاحترام الواجب للمؤسسات الملكية والقضائية، فيما تعتبرها منظمات حقوق الإنسان خرقا لحرية التعبير والرأي.

والخميس، قضت محكمة مغربية بإدانة الناشطة، سعيدة العلمي، بالسجن عامين على خلفية تصريحاتها، وفق ما أفاد دفاعها، وهو حكم جديد في حقها إذ تقضي عقوبة بالسجن ثلاثة أعوام بسبب تدوينات عر فيسبوك.

ما هي فصول القانون الجنائي ؟

ينص الفصل 263 من القانون الجنائي المغربي على “عقوبة بالحبس، من شهر إلى سنة، وغرامة من 250 إلى خمسة آلاف درهم، في حق أي شخص يهين أحدا من رجال القضاء أو من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أشياء أو وضعها أو بكتابة أو رسوم غير علنية وذلك بقصد المساس بشرفهم أو بشعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم”.

وبالإضافة إلى القوانين التي تجرم تحديدا إهانات الملك وعائلته، فإن القانون الجنائي وقانون الصحافة ينصام على أحكام بالسجن بسبب التشهير بأي فرد، والتشهير بمؤسسات الدولة وإهانتها.

واضافت الحرة ان  الملك لم يعد الدستور المعتمد في 2011 يعرفه على أنه “مقدس”، لكن مع ذلك ينص على  أنه”لا تنتهك حرمته” وله “واجب التوقير والاحترام”، وفق ما كان ينص عليه سابقا.

والفصل 179 من القانون الجنائي المغربي ينص على العقوبة بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وبغرامة تصل إلى ألف درهم (100 دولار أميركي) لكل من ارتكب إهانة موجهة إلى شخص الملك أو إلى شخص ولي العهد، ومن ارتكب إهانة موجهة إلى أعضاء الأسرة الملكية.

وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش، في تقرير سابق، إن القوانين التي تجرم الإهانة والتشهير وسب موظفين عموميين أو مؤسسات الدولة تشكل انتهاكا لالتزامات المغرب بموجب المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي وقع عليها.

ولا تعد سعيدة العلمي الأولى التي تحاكم بهذه القوانين، فقد شهدت السنوات الماضية أحكاما قضائية مشابهة.

وفي عام 2012، قضى معاذ بلغوات، مغني الراب المعروف باسم “الحاقد”، عقوبة بالسجن لسنة واحدة بسبب أغنية على الإنترنت اعتبرت مهينة للشرطة، وغيرها من الحالات كثير.

بين حرية الرأي والاحترام الواجب

الناشطة الحقوقية، خديجة الرياضي، تقول إن هذه الفصول من القانون الجنائي تعارض حرية التعبير والرأي، وغالبا ما تستغل للانتقام من المعارضين، لأن “القضاء غير مستقل” بحسب تعبيرها.

وتقول الرياضي، الرئيسة السابقة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في حديث لموقع “الحرة”، إنه في وقت يتم التركيز على النضال من أجل الحريات الفردية، يتم “نسيان هذه الفصول من القانون الجنائي التي تستغل أحيانا لتلفيق التهم لقمع النشطاء”.

وتستغرب الرياضي استمرار هذه الفصول في القانون الجنائي للبلاد، مشيرة إلى أن “أي رئيس دولة يمارس صلاحيات وهو مسؤول عن قرارات سياسية هو قابل للنقد وحتى اللاذع منه وعليه أن يتقبل ذلك”.

لكن أستاذ العلوم الدستورية بجامعة ابن طفيل المغربية، رشيد لزرق، يرى أن حرية التعبير يجب أن تمارس بشكل مسؤول وفقا للأعراف والقوانين، بما يمنع الانتقادات غير البناءة والإساءة إلى شخص أو دولة أو ملك.

ويقول لزرق في حديث لموقع “الحرة” إن معاقبة الإساءة لموظفي القضاء متواجدة في العديد من الدول، ويرى أنه تجوز ملاحقة الشخص الذي يرتكب مثل هذه الجرائم قانونيا.

ويشير إلى أنه “من الضروري احترام وتقدير موظفي القضاء للحفاظ على سلامة العدالة وسيرها في الدولة”.

واعتقلت العلمي (49 عاما)، في مارس من عام 2022 لملاحقتها بعدة تهم، من بينها “بث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة لأشخاص قصد التشهير بهم”، و”إهانة موظفين عموميين بمناسبة قيامهم بمهامهم”، على خلفية تدوينات لها على فيسبوك.

وحكم عليها في القضية الأولى بالسجن عامين، قبل أن ترفع العقوبة إلى ثلاثة أعوام بعد الاستئناف.

لكن منظمات حقوقية اعتبرت أنها حوكمت بسبب آراء شخصية، مطالبة بالإفراج عنها. وتضمنت تدويناتها انتقادات تخص مسؤولين أمنيين و”الفساد في القضاء”، بحسب ما أوردت منظمة العفو الدولية في وقت سابق