مصير الاستاذ في زمن الاستبداد

موقع المنار توداي// 29//01//2020/// بقلم مصطفى فاكر//

لن أدخل في التشخيص لواقع مريض يقع تحت سياط الجور و الظلم و الاستاذ فيه مهان و الالة الدعائية و الإستبدادية وضعته أسفل سافلين تنكيتا و اتهاما و تسفيها ،و ركزت نظرها على المربي لقتل النموذج في نفوس الناشئة.

تقويم و إن كان لابد منه كمرحلة في التخطيط فهو لعلاج الحاضر و استشراف مستقبل واعد نحلم به جميعا و غد أفضل كمدرسين و مربين للناشئة . و ما آل إليه واقع تعليمنا ” المغربي ” ما هو إلا نتيجة حتمية لمخطط مدروس محكم لتدمير المجتمع و الاستخفاف بالإنسان أينما كان

بالمقابل حكامنا و وزراءنا يحرصون على أن يدرس أبناؤهم في أرقى المدارس اثاثا و منهاجا و طرائق بيداغوجية و أن يتلقوا أحسن الرعاية الطبية و الصحية ، بل و تختار لهم الرفقة و أصدقاء الدراسة .

ما نراه اليوم  من تردي هو نتاج تراكمات سنوات عدة من الإخفاقات و الأعطاب أريد بها بشكل أو باخر الحصول على رعية رعاء خانعة جهولة تابعة و منقادة ، قطيع تقوده نخبة مستفيدة لنسمع باللجان تؤسس و تنفق عليها الملايير لاستهلاك نظريات جديدة و استيراد تجارب جاهزة لإلهاء الناس و التوهيم بوجود إصلاح ، و ما هي إلا مضيعة للوقت و الجهد و تبذير للطاقات في ظل أزمة بنيوية عميقة تحتاج مدخلا سياسيا واضحا  شرطه الاول :” الديمقراطية الحقيقية بداية قبل أي كلام ”

مناسبة هذه المقدمة هي  محاكمة استاذ تارودانت  في الوقت الذي يجب فيه كمجتمع يروم الخير و المنفعة للأطفال الدفع نحو تحبيب الأستاذ لا تخريب بيته و تجريمه و جعله وراء القضبان و ما أكثر ما وقعت من مصائب بين الأستاذ و التلميذ و انتهت بالصلح  و جبر الضرر و خير مثال على ذلك قضية “أستاذة الدار البيضاء التي شرملها تلميذها أمام باب المؤسسة مشوها وجهها فتحركت الأيادي النظيفة من المجتمع التي لها غيرة على المدرسة لتجفيف منابع التخريب و الحقد و انتهت بالصلح و التنازل عن القضية من طرف الأستاذة . قس على ذلك قضية أستاذ ورزازات الذي تلقى ضربات مميتة في اواخر عمره وسط حجرة الدرس و كادت تودي بحياته  لكن دائما ذوي النيات الحسنة من مختلف شرائح المجتمع تلتئم لإطفاء نار  الفتنة و تصفية الاجواء و إعادة الأمور إلى حالتها الأصلية .

لكن السؤال الذي فرض نفسه بقوة في مثل هذه النازلة لماذا هذه القضية تم التعامل معها بالسرعة القصوى و إصدار الحكم  القاسي ؟

أليس في المجتمع كما قال الله تعالى : اليس فيكم رجل رشيد ؟ “و الصلح خير .

من المستفيد من هذه القضية ؟ من الرابح و من الخاسر ؟  اظن بأن الخاسر الاكبر هي قيم التسامح و الحب المتبادل بين الأستاذ و التلميذ . الخاسر الأكبر هي المنظومة التعليمية برمتها  ، الخاسر الأكبر هو المجتمع المغربي الذي غرسوا في أبناءه التخريب و الفساد و البطش و التسلط  و عدم إحترام الكبير و لا توقير الصغير  و هي حالة شاذة و سابقة تاريخية لا شك فيها ستترك بصماتها في قلوب و نفوس الكثيرين .

أن تفطن الأسرة  و المجتمع برمته إلى جزء من المخطط و يقاومه إلى جانب استاذهم خطوة مهمة جدا رغم كل العقبات و كل هذا الكدر المنتشر و أن يسعوا إلى إفشال سياسات التجهيل التي وضعت لأهداف استعمارية منذ أمد بعيد لجعلنا متخلفين ، نستعمل ما ينتجه غيرنا مبهورين به ، بصناعته ، بتكنولوجيته ، باختراعاته لهو جزء فقط.

و إن إعادة الحياة إلى العلاقة التي تربط الناشئ بمعلمه الخير  ،محبة و احتراما و ارتباطا قلبيا ،هو مفتاح لا شك لإطفاء العنف المنتشر ليس في المدرسة فحسب بل هنا و هناك تغذيه الغشاعة المقصودة .

إن الحب و المحبة هي ناظمة ضرورية و شرط أساسي لبناء إنسان سليم مستقبلا .

إن قضية التربية و التعليم لمركزيتها في نهضة الشعوب تحتاج مقاربة جماعية لإيجاد صيغة مناسبة ،تحتاج تظافر جهود و وعيا عميقا بما يحاك لهذه الأمة و ما يراد لها.

ذ :فاكر مصطفى