يا رب أشكو إليك حالي*

*يا رب أشكو إليك حالي*

صالح الريمي

تأملوا معي حال الناس اليوم، تجدوا نفوسًا قد بلغ منها الضيق مبلغًا، وأُخرى كادت تقضي جزعًا، مع قدرٍ ليس بالقليلِ من عجلةٍ ونفادِ صبرٍ، إِذْ يعِيش الواحد منهم بقلب كله معاناة من حاله ومعاناة من حوله وحالتهم الاقتصاديةِ وتذبذبها، مع ضيقِ الأَرزَاقِ وقلّةِ الفرص في الأَعمال، وغلاءِ الأَسعَارِ.
فالحل ببث الشكوى إلى الله مما أصابك من هم الدنيا، أو نزل بك أمر قدر الله عليك، أو افتقرت إلى حاجة لم تسطيع الحصول عليها، فلتدعو بدعوة نبينا ايوب عليه السلام.. قال الله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).

ينبغي أن تكون الشكوى إلى الله تعالى وحده أولًا وأخيرًا، والشكوى إِلى الله عزوجل لا تنافي الصبر، فإن ذلك من تمام عبودية العبد وتوكله وفقره وحاجته إلى ربه، ومن تمام استغنائه به سبحانه عن الناس، فالشكوى لغير الله حمق وجهالة. قال الله تعالى: (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ)..
ولكن قد يجد الإنسان أحيانًا من حاله ما يضطره ويلجئه إلى بث ما في نفسه إلى مخلوق مثله، وهذا لا ينافي حسنِ التوكل، وقوة الإعتماد على الخالق، من أن تبثَّ شكواك، وتبوح بحاجتك في الأمور الدنيوية المقدور عليها إلى أصحاب المروءات والأخلاق الفاضلة، فهذا جزء من الحلول المسموح بها بالبوحَ بشكواك إلى أهل الخبرة والاختصاص..
ولا بُدَّ من شَكْوَى إلى ذي مُروءَة
يُوَاسِيكَ أَوْ يُسْلِيكَ أو يَتَوَجَّع

*ترويقة:*
طرقتُ باب الرجا والناس قد رقدوا
وقُمت أشكو إلى مولاي ما أجدُ
وقلت يا أملي في كل نائــبةٍ
ويا من عليه لكشفِ الضُرُ أعتمدُ
أشكو إليك أموراً أنتَ تعلمها
مالي على حملها صبرٌ ولا جلدُ
وقد مددت يدي بالذل مفتقراً
إليك يا خير من مدّت إليه يدُ
فلا تردنها يا ربِ خائبةً
فبحر جُودك يروي كل من يردُ

*ومضة:*
قال أحد الشعراء:
شكوتُ وما الشَّكْوَى لنفسيَ عادة
ولكن تفيض النفسُ عند امتلائها