سوريا وروسيا تقصفان الجزء الخاضع للمعارضة في حلب

أحد أفراد قوات الجيش السوري على عربة مصفحة في منطقة في حلب تسيطر عليها قوات الجيش يوم الجمعة. تصوير عمر صناديقي - رويترز.

 

 

 

 

أ.ب

حلب (سوريا)/بيروت (رويترز) – قصف الجيش السوري وطائرات حربية روسية المناطق الخاضعة للمعارضة في حلب يوم السبت بينما قال حلفاء دمشق إن النصر قريب لكن مقاتلي المعارضة شنوا هجوما مضادا وتوقف تقدم الجيش بعد مكاسب سريعة خلال الأيام الماضية.

وقالت الولايات المتحدة إنها ستجتمع مع فريق روسي في جنيف لإيجاد سبيل لإنقاذ الأرواح لكن التوصل لاتفاق يبدو صعب المنال حيث أن الدولتين- اللتين تدعم كل واحدة منهما طرفا مغايرا في الصراع- فشلتا مرارا في إبرام اتفاق يسمح بعمليات إجلاء وإدخال للمساعدات.

وقالت روسيا التي ساهم تدخلها العسكري في تحويل دفة الحرب لصالح الرئيس السوري بشار الأسد إن الحكومة السورية تسيطر الآن على 93 في المئة من حلب لكن لم يتسن لرويترز التحقق من الرقم. وسيمثل استعادة الحكومة للمدينة ضربة قوية للمعارضة التي تقاتل منذ نحو ستة أعوام للإطاحة بالأسد.

ويتحصن مقاتلو المعارضة في عدد قليل من المناطق معظمها جنوبي حلب القديمة بعد أن خسروا في الأسبوعين الماضيين نحو ثلاثة أرباع المساحة التي ظلت خاضعة لسيطرتهم لسنوات.

وقالت جماعة حزب الله اللبنانية الشيعية حليفة الأسد في وقت متأخر الجمعة إن “نصرا موعودا” في حلب بات وشيكا وإنه سيغير مسار الحرب.

وتبدو الحكومة السورية حاليا أقرب إلى النصر من أي وقت مضى خلال السنوات الخمس الماضية منذ بداية الاحتجاجات ضد الأسد ثم تطورها إلى معارضة مسلحة. وقتلت الحرب في سوريا أكثر من 300 ألف شخص وشردت أكثر من نصف سكان سوريا.

ويبدو النصر قريبا للأسد في حلب لكن القتال لا يزال مستعرا يوم‭ ‬السبت.

وقال مراسل لرويترز في حلب إن الطائرات الحربية الروسية والمدفعية السورية قصفت المناطق الخاضعة للمعارضة وإن المعارضين ردوا بقصف مناطق خاضعة للحكومة.

وقالت روسيا وسوريا يوم الجمعة إنهما قللا العمليات العسكرية للسماح للمدنيين بالمغادرة لكني مقاتلي المعارضة قالوا إن الهجمات المضادة هي التي أوقفت تقدم الحكومة.

وقال زكريا ملاحفجي رئيس المكتب السياسي لجماعة فاستقم إن القوات الحكومية لم تحرز تقدما مشيرا إلى نجاح المعارضين في صدهم أكثر من مرة.

وأضاف أن قوات الحكومة شنت هجوما قرب حلب القديمة صباح السبت لكن المعارضين تصدوا لها ودمروا دبابة عسكرية.

* دمار واسع النطاق

قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القتال أودى بحياة المئات في الأسابيع الأخيرة ودمر مناطق كبيرة من حلب.

وقال مراسل لرويترز إن أجزاء من حلب القديمة المدرجة في قائمة التراث العالمي بمنظمة يونسكو واستعادتها الحكومة مؤخرا دمرت تماما.

وقال أحد السكان ويدعى شيخو لدى عودته إلى منطقته “وجدت منزلي مدمرا تماما.”

وتابع قائلا “لم استطع حتى تحديد مكانه بسبب الدمار.”

وانتاب محمد شعبان الذي كان يقف أمام كنيسة مدمرة الذهول من هول الدمار.

وقال “منذ عام ونصف في آخر زيارة لي لم يكن يوجد هذا المستوى من الدمار. إنني أِشعر بصدمة وحزن. لقد دمروا الحضارة والإنسانية.”

وقال المرصد إن العديد من الناس قتلوا في قصف للمعارضة يوم السبت مضيفا أن المئات قتلوا في الأسابيع الأخيرة أغلبهم نتيجة قصف من قبل الحكومة.

وترك الآلاف من الناس مناطق المعارضة. وفر البعض إلى مناطق خاضعة للحكومة لكن آخرين ذهبوا إلى مناطق تحت سيطرة المعارضة خشية تعرضهم للاعتقال والانتقام من القوات الحكومية.

دعا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري روسيا إلى إظهار “القليل من حسن النوايا” حين يجتمع المسؤولون الأمريكيون والروس في جنيف في وقت لاحق يوم السبت لمحاولة التوصل لاتفاق يمكن المدنيين والمقاتلين من مغادرة الجزء المحاصر من مدينة حلب.

وقال كيري للصحفيين في باريس عقب اجتماع لدول تعارض الأسد “المقاتلون… لا يثقون في أنهم إذا وافقوا على الرحيل لمحاولة إنقاذ حلب فإن هذا سينقذ حلب ولن يمسهم سوء.”

وأضاف “الخيار بالنسبة للكثير منهم (مقاتلي المعارضة) إما …الموت في حلب أو الموت في إدلب (المجاورة) لكنه موت”.

وقالت ألمانيا إن داعمي المعارضة السورية يسعون إلى حل سياسي لكن لم يحصل اتفاق في باريس بشأن التوصل لهدنة.

هل ينهك الهجوم الجيش ؟

قالت وزارة الدفاع الروسية إن أكثر من 20 ألف مدني غادروا شرق حلب يوم السبت وإن أكثر من 1200 من مقاتلي المعارضة السورية ألقوا أسلحتهم. وقالت المرصد السوري لحقوق الإنسان إن المئات من المدنيين تركوا مناطقهم لكن المقاتلين لم يستسلموا.

وتعهد مسؤولوون بالمعارضة بعدم المغادرة.

وقال مصدر عسكري سوري في وقت لاحق إن الجيش قلل إلى حد ما من أنشطته للسماح للمدنيين بعبور آمن خارج شرق حلب في خطوة ستسمح أيضا للجيش بالقيام بمناورات أوسع نطاقا ضد مقاتلي المعارضة.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إنه بعد مغادرة المدنيين ستواصل الحكومة “تحرير” شرق حلب.

وحتى إذا سيطرت الحكومة السورية على حلب فإن الحرب السورية متعددة الأطراف ستتواصل.

وقال الجيش السوري إنه أرسل تعزيزات إلى مدينة تدمر التي تبعد أكثر من 200 كيلومتر وذلك لصد هجوم عنيف للدولة الإسلامية التي تقدم مقاتلوها إلى مشارف المدينة. وكان التنظيم فقد سيطرته على المدينة التاريخية في وقت سابق هذا العام.

وقال قائد لمقاتلي المعارضة من جماعة جيش المجاهدين المتمركزة في ريف حلب إن هجوم تنظيم الدولة الإسلامية أرغم الحكومة السورية على إرسال قوات كان من المقرر أن تذهب إلى حلب حيث يوشك الجيش السوري وحلفاؤه على تحقيق انتصار كبير على مقاتلي المعارضة.

وقال وزير الدفاع الأمريكي آشتون كارتر يوم السبت إن الولايات المتحدة سترسل 200 جندي إضافي إلى سوريا للمساعدة في الحملة على تنظيم الدولة الإسلامية وممارسة ضغط عنيف على التنظيم لإخراجه من الرقة معقله.

والقتال ضد الدولة الإسلامية الذي يخوضه العديد من أعداء التنظيم في سوريا ومنهم موسكو ودمشق والتحالف الأمريكي وبعض المعارضين المدعوين من تركيا مؤشر آخر على أن الصراع السوري المعقد لن ينتهي بهزيمة المعارضة المسلحة في حلب.